حوار مع الدكتور عبدالرحمن الوجي سكرتير العام للبارتي الديمقراطي الكردي- سوريا – الحلقة الثانية–

د.عبدالرحمن : تكلمنا عن حياتك وعن تاريخ الكرد في سوريا عن الجماهير ولكننا حتى الآن لم نتكلم عن البارتي فدعنا نقف في سطور قليلة عن نشأة البارتي وتطوره وانجازاته في سوريا.

تحدثنا عن مؤثرات نضج الحركة ودوافعها واثر الحالة المزرية للأمة الكردية وتمزيق ترابها وثرواتها وواقعها بين دول,تسعى بكل قوة إلى فض الأثر الوجود للكرد وطمس معالم هذا الوجود, تذويبا وملاحقة وقتلا و تشريدا و حصارا اقتصاديا واجتماعيا بدرجات متفاوتة, وحالات اضطهاد مختلفة وصلت في أقصاها إلى حد إبادة الحرث والنسل في كردستان تركيا (الشمالية) والعراق (الجنوبية) إضافة إلى تأثير مجمل الثورات التحررية العالمية والكردستانية الأمر الذي فتق الوعي القومي.
وحرك بل ألهب المشاعر القومية ,لتتنادى النخبة ,ويتنادى المثقفون الكرد في الرابع من حزيران عام 1957 إلى إنشاء تنظيم كردي تمثل في البارتي الكردستاني أولا ثم في البارتي الكردي ثانيا ليتصدى له المتعصبون القوميون في الأنظمة المتعاقبة بعد الاستقلال وبعد أن أبلى الكرد بلاء حسنا في فترة الانتداب الفرنسي, ليتمزق هذا التنظيم الجماهيري القوي إلى أطراف وكتل وأحزاب كانت متشظية و متشرزمة من الأصل (البارتي) ليظل هذا الحزب على الرغم من حالات الانقسام أو التفتت صابرا عنيدا بقوة أبنائه وخبرة كوادره ,وكثير من صفوة الحركة الكردية التحررية صلبا في وجه كل الدسائس والمؤامرات والانقسامات غير الطبيعية.

د.عبدالرحمن :رغم كل هذا الانجازات التي حققها البارتي ورغم أصالة وعمق البارتي كان لابد لكل حصان من كبوة وكبوة البارتي تجلت في الانشقاقات فما أسباب هذه الانشقاقات والخلافات الكثيرة في الحركة الكردية بشكل عام و البارتي بشكل خاص وما مدى الأضرار التي ألحقت بالحركة نتيجة ذلك ؟.
أما الانشقاقات في الأحزاب فاعزيها إلى أسباب أهمها طريقة التعامل مع المنهج وبرنامج ونظام الحركة الكردية ,وهذه الطريقة التي تعتمد على أشكال الاستبداد والتحكم وعلى الأثرة والأنانية ومما يؤدي ذلك إلى التراكم والأخطاء والى العقد التي تفضى إلى تورم حالة الخلاف وبالتالي وصولها الى درجة من التشتت وانعدام التحكم والوصول إلى الانقسام , أما الانشقاق في صفوف البارتي فهو يستند إلى :خلافاتنا منذ البداية والتي تتمحور حول فلسفة البارتي وثوابته ونهجه والنهج المعتدل الذي اختاره هذا الحزب متأثرا بالفكر الأصيل للبارزاني الخالد والثورات والحركات التحررية عامة والحركة التحررية  الكردية خاصة وما لاحظناه في الآونة الأخيرة ومع بروز قيادة الأستاذ محمد نذير مصطفى  وجدنا نوعا من الانحراف عن هذا الخط بوضوح كامل في الثوابت حيث بدأنا نلاحظ تفكك عناصرها الأساسية وبخاصة الموقف من الحرب على العراق إضافة إلى الجانب التنظيمي حيث أوقفت كل الانتخابات ونتائجها وجمدت.
بالإضافة إلى سحق تطلعات هؤلاء الكوادر الخيرة وفصل وجمد وطرد الكثير من رفاقنا وهم من خيرة الكوادر دون محاضر تحقيق نظامية ودون اتهامات محددة أو أسئلة أو أجوبة و إفادات تتعلق باتهام معين.

دعبدالرحمن :البارزانية كلمة رائعة وفضاء عريض وخير عميم ورؤية قومية تحررية جامحة تسع كل الناس ويتسع  للكل ينابيع خير وعطاء فما مفهومكم للبارزانية نهجا وفكرا فقد حاول الكثير من الأشخاص الذين يجهلون معنى البارزانية تشويه الحقائق للشعب الكردي وزرع أفكار كثيرة خاطئة في نفوس هذا الشعب عن تدخل الحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق في شؤون البارتي الديمقراطي الكردي –سوريا فما هي مظاهر هذا التدخل وما حجمه؟
 حينما كانت البارزانية أشبه برعب يزرعه الأعداء من حولنا كنا بارزانيين وكنا مطاردين ولم يكن لنا أي غنم في أي وقت من الأوقات بل كنا نتيجة مبادئنا وإصرارنا على هذا النهج المتسم بالاعتدال والمروءة والأخلاق الوطنية والشرف والوفاء مدافعين أشداء عنه ومقاتلين دون هذا النهج الميمون هذا النهج الذي أخترناه بملىء ارادتنا وهو يتمثل في سيرة البارزاني الخالد وفي سيرة القاضي محمد والشيخ سعيد بيران ومحمود البرزنجي وإحسان نوري باشا وفي الشيخ عبدا لله النهري الذي جسده البارزاني الخالد على مدى نصف قرن في مسيرته النضالية وسلوكه العملي ونهجه الواقعي ,تمثلنا هذا النهج بملىء ارداتنا ولكنهم لم يتدخلوا ا في صياغة نهج أو نظام أو خطة عمل أو برنامج سياسي لمؤتمر أو أي محطة أو أي كونفراس من كونفراساتنا سوى الذين تذرعوا بفلان وفلان من الناس ليحتموا بهذا النهج ويزاودوا عليه ولا يزال هؤلاء الذين استفادوا من البارزانية غنائم ومكاسب في حين إننا نجد الأب البارزاني الخالد أبا روحيا لنا ونجعله مثلا أعلى ورسول سلام لأهدافنا الوحدوية ونسير على هديه ونستفيد من تجربته وتجربة المناضلين ولكننا نحتكم إليهم في ندواتنا التنظيمية بل لنا محطاتنا و كونفراساتنا ولنا مؤتمراتنا ولنا اجتماعاتنا و نظامنا الداخلي ونسير مع جماهيرنا الكردية السورية بقوة واقتدار حزبا مستقلا واضح الاستقلال.
أما بشأن الحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق فإننا نعتبره حليفا استراتيجيا لنا وثابتا من ثوابتنا واحد الدعائم الأساسية لفكرنا القومي وتنظيما كردستانيا نستطيع أن نرتكز عليه في مجمل النضال القومي ولكننا مستقلون استقلالا تاما كاملا عنهم تنظيميا وسياسيا وإداريا ولنا قيادتنا ولنا جماهيرنا ولنا محطاتنا التنظيمية ولكن علاقاتنا سوف تظل علاقات تحالفيه عميقة وعظيمة ونأمل ألا تنال منها الرياح العاتية وأهواء الآخرين وحملاتهم التشويهية ,وافتراءات آثرت على مجمل مسيرتنا التاريخية.

د.عبدالرحمن :في الآونة الأخيرة تكلموا وأزداد الكلام عن تحقيق جزء من طموحات الشعب الكردي ولو جزء صغير وعشنا في حلم هذا التحقيق حلم الوحدة الذي يسبق الحرية فهل سيصبح للكرد صوت واحد متمثل بالمرجعية الكردية في سوريا .
 ما نصبوا  إليه فعلا أن يتوج الكلام بالفعل وأن يترجم القول الكثير إلى عمل جاد يؤكد على مرجعية فاعلة ,ولو بالجزء الممكن من خلال الأطر الموجودة أو خارجها وهو ما نسعى إليه بكل جدية بعد أن أفشل المتآمرون أنبل عملية وحدوية في البارتي ,ليأتي الإطار التنظيمي المرتقب على شكل اتحاد توافقي على الثوابت والحدود والقواسم المشتركة العليا في إطار ضبط مرجعي تنظيمي قادر على لم الجزء الممكن من الشمل الشتيت وإعادة صياغة عمل تنظيمي يضبط الأداة النضالية المحورية ويؤسس لها وهو ما نسعى إليه بقوة وعلى ارض الواقع وفي كل لقاء منظم أو عابر ومستحقاتها ليكون هذا الهدف أملا يرقى بالحركة من الترهل والتردد إلى الإنطلاق والتجارب مع مقتضيات المرحلة النضالية.

د.عبدالرحمن :دائما وابدأ ننتقد الدكتاتورية ونشجب ونندد بالعمليات والممارسات القمعية ولكننا نتناسى بأننا نطبق هذا المعايير بأنفسنا ,ننسى بأننا لانتقبل الأخر بأنه شريك لنا في النضال ننسى أحلامنا وأمالنا وتطلعاتنا في سبيل الأنا المصلحية ,الأنا القيادية فإلى متى ياترى هذا هو السؤال الذي يطرح نفسه منذ زمن بعيد فهلا تثلج صدرنا؟هلا تعطينا جوابا شافيا؟
كنا على الدوام ضد المركزية الصارمة والتعسف وضد ظلم أي فرد من أفرادنا من دمشق إلى يدريك كنا حريصين دائما على أن ينال الرفاق كل في   موقعه بشخصيته المتكاملة في الإطار الديمقراطي ولكن الأنانية الحزبية والرؤية الضيقة والموقف التسلطي القيادي كان بالمرصاد لنا السبب الأكبر الذي الحق بالبارتي وتهمشه, تقليد الأخر في القمع والاضطهاد و التسلط .

د.عبدالرحمن :ما رأيكم وموقفكم من إعلان دمشق بكل صراحة .
كنا في إعلان دمشق  نسعى لإنجاح هذا المشروع ليصبح مشروعا متكاملا وطنيا وديمقراطيا وقوميا يثبت فيها الوجود الكردي في سورية دستوريا وباستحقاقات هذا الدستور تشريعيا وإداريا وقضائيا وتنفيذيا وان نكون شركاء حقيقيين لكل أطياف المجتمع السوري عربا وكردا وسريانا وسائر المكونات إلى جانب إنعاش الفكر الديمقراطي ألتعددي الحقيقي وكان إعلان دمشق بالنسبة لنا رئة لنا نتنفس منها ولكن هذا المشروع لازال في طور البداية ويحتاج إلى الكثير من العناد والى الإخصاب والإثراء والتنويع وتقديم مشروع عربي كردي قومي وطني    شامل متكامل وسوف نسعى أن يكون هذا منبرا إعلاميا وطنيا لمؤتمر وطني لإنجاح هذا المشروع الوطني الذي نعتبره لازدهار سورية وخيرها و لإنعاش  الوجود القومي الكردي وما نأمل أن يخرج الإعلان بصيغة متكاملة مرجعية وان يعيد النظر في التناقضات والأخطاء التي يقع فيها بعض عناصر وأفراد هذا الإعلان في عدم وجود مسالة كردية في سورية أصلا إلى جانب طرح مادة يلغي فيها الانتماء القومي الأخير غير العربي وهو ما ينبغي الوقوف عليه ومراجعته.

د.عبدالرحمن: لو بقينا أياما كثيرة فإننا لن ننتهي من جزء صغير من مشاكلنا هذه المشاكل التي صنعها لنا الزمن والظروف كالسفينة التي تبحر في وسط البحر في أمان وسلام فإذا بعاصفة قوية تكسر السكينة والأمان فيها وبعد هدوء العاصفة تعود السفينة بمن فيها إلى أمانها وسكونها فهل من ربان؟!.
كلمة أخيرة لهذا الشعب المعطاء و الأبي و الصامد .


يقف بصمت قوي ثم يقول :
فرسان شرق أباة لا تلين لهم  * *  قناة حق إذا ما نابهم  جلل
سل البطاح بحطين وما حملت  * *  صحائف الخلد من تاريخهم أجل
صحائف تزدهي مزدانة ألقا  * *  كأنها الطهر لا زلفى و لا زلل
من فجرما علم الإنسان أنََ له   * * جزر التأصَل كان الكرد و الأزل  
هؤلاء هم الكرد الذين يحاول البعض إنكار وجودهم وتاريخهم وانتمائهم وثقافتهم و الأرض التي يتنفسون عليها كمن يريد أن يحجب عين الشمس بغربال أو يغرق البحر بكفيه أو ينفخ في قربة مثقوبة صيحة في داء لان الكرد قدر الحياة وهبة الوجود ونفحة الخالق ولا منة لمخلوق في وجود امة عريقة سوف تظل شامخة قوية متآخية تؤمن بالحضارة وتسعى إلى حياة حرة مزدهرة وسط عباب الإنكار وصيحاته المنكرة والباطلة ….

اجرى الحوار كل من بافي الند وجوان

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…