إبراهيم محمود
الحجّر الصحّي علَّم الرجالَ ما لم يعلَموه أو تجاهلوا تعليمه من قبل، في ما يلي:
علَّمهم- حتى الآن- أنهم ليسوا أكثر تميَّزاً بالذكاء من النساء، وقد باتوا مرئيين داخل الجدران الأربعة مع عائلاتهم، وهم يتأففون، ويتذمرون، ويستفزّون حتى جدران البيت نفسها.
علَّمهم، أن إنجاب الأطفال ليس معجزة الذكورة الربّانية، لينالوا مرتبة اعتبارية استثنائية عليها، وبها، وعبرها، يمنحون أنفسهم علامة السيطرة على كل شيء،ودون استثناء، إنما منحة طبيعية، لو أُعطيَت حقها، لكانت النساء أحق منهم بذلك، وبما لا يقاس طبعاً.
علَّمهم، أن الصبر بمفهومه الأكثر روعة وقيمة، الصبر الذي يرتبط بوعي من نوع آخر بالآخر طبعاً، له نسَب أنثوي بأكثر من معنى، ويحتاجون إلى الكثير، لأخْذ العلم بذلك.
علَّمهم، أنهم أقل ضبطاً وانضباطاً من المرأة التي عاشت غالباً منذ آلاف السنين بين ” أربعة حيطان ” وهي تتحمل قسوة المكان الضيق ومن هو قيّم على المكان ” الرجل هنا “.
علَّمهم، أنهم فاشلون إدارياً، عندما يصبح البيت مدينة، والمدينة مجتمعاً، والمجتمع جملة علاقات حية، من خلال نوعية الحوارات التي تدور، وموقعه فيها، وهو الأكثر جدارة بالشفقة والرثاء في مستجده هذا.
علَّمهم، أنهم لا يستحقون تسمية ” الأبوَّة ” وما تعنيه الأبوة هذه من دلالات كثيرة، من إدارة وتوجيه ومتابعة، وتخطيط وتنفيذ وإشراف، وتمثيل قيَمي وسيادة وسيطرة، والمرأة تكون تابعة وملحَقة به .
علَّمهم، أنهم ادعائيون، يمثّلون أبوَّة فعلية إجمالاً للكذب والخداع والمناورة، والإعلام يكون ثمرتهم الرئيسة هنا، فيما ينسِبونه إلى أنفسهم، وما يثيرونه عما يفعلونه هنا وهناك.
علَّمهم، أنهم ليسوا أبطالاً، ليسوا أنصاف آلهة، كما يقول تاريخهم التليد، ليسوا رسل محبة وتنوير للبشرية، كما تقول أفعالهم، وهم على المحكّ، وهم خلال هذه المدة، كشفوا عن سوأة حقيقتهم في تواجدهم المعلوم داخل البيت .
علَّمهم، أنهم، لا يملكون ذلك الخيال الرحب، وما فيه من قدرة على الحركة، لأن الخيال موصول بالواقع، وقد انحصروا داخل الجدران الأربعة، وانزاح القناع العقلي والنفسي عنهم، وهم في فقر ذلك الخيال المضخَّم .
علَّمهم، أنهم، أشخاص لا يؤتَمن جانبهم، دون الأحجام التي كانوا يظهَرون بها، وهم أكثر تبرماً بما يجري، يتوقون إلى الخارج، ليمارسوا الأوهام التي فرضوها على أسَرِهم، على أنها حقائق.
علَّمهم أنهم أنانيون أكثر مما هو مقدَّر فيهم، وأنهم في كل ما يخص مفهوم الحب، وفي مختلف صيَغه، محض اختلاق، ومزاعم تترى. فالذي يفشل في حب عائلته، كيف يجاز له الحديث والمصادقة عليه على أنه يحب مجتمعه ووطنه، ومن هذا المنطلق يردد: حب الوطن من الإيمان؟ ” إيمان الرجال وحده ! ! ” .
علَّمهم، أنهم حيث يعرَّفون بأنفسهم رموز تاريخ وثقافة عامة، إنما هي الفرص المغتنَمة، والتي هيأتهم لأن يكونوا كما أرادوا أن يكونوا، وليس كما هم في واقعهم، والتجربة ” الكورونية ” أثبتت زيف واقعة كهذه .
علَّمهم، أنهم لا يحسنون إدارة الحوار، والترويح عن أفراد أسَرهم، وهم في ” حبس صحّي ” إنما هم عبء إضافي.
علَّمهم، أن ليس بالضرورة، أن يكونوا أكثر قابلية لأن مصدر هدوء وسكينة لأهلهم ” الزوجة والأبناء ” وهم في خوفهم مما يجري، بوصفهم الأكثر تمتعاً بمردود العلم والأهلية النفسية، إنما نظريات، هي امتداد لأوهام ترسَّخت فيه.
علَّمهم، أنهم حاملو الفيروسات الأكثر تميَّزاً بالفتك في الطبيعة والتاريخ والمجتمع، وهم بحاجة إلى أكثر من عقار ناجع، يعيد إليه بعضاً من وعيه الفعلي، ويعترَف ، لأفراد عائلته، قبل كل شيء، أنه لم يكن بحقيقته الفيروسية إلا مع انتشار فيروس كورونا الذي ينتسب إليه في معظمه: إيجاداً أو اصطناعاً وانتشاراً، كما هي فيروسات حروبه وعدواناته هنا وهناك.