فخامة الكاك مسعود البرزاني – أمين أمة الكورد
السيد نيجرفان البرزاني الموقر – رئيس اقليم كوردستان
السيد مسرور البرزاني الموقر – رئيس حكومة اقليم كوردستان
السيدات و السادة الأفاضل وزراء الأقليم و أعضاء البرلمان
بأقلامٍ لا تكفيها أحبار الدنيا تعبيراً ، نسطّر رسالتنا هذه إليكم جميعا متجاوزين فيها كل أصول التمهيد و التقديم لننقل لكم من خلالها بأنّ أسمى قيم أمة الكورد تستغيث و تحتضر ، ألا و هي الأمانة و الوفاء .
القيم التي لطالما ميزتنا عن أمم الأرض قاطبةً و دفعنا ثمن الحفاظ عليها ما لم يدفعه كل من ولدوا على الفانية مجتمعين .
هذه القيم التي باتت اليوم بأيدي ثلة من الصعاليك الاقذار ألعوبةً تمارس متى و أينما شاءوا دونما رادعٍ أو صادٍّ أو حسيب .
أمثالهم أمثال من باعوا في أمسٍ ليس ببعيد كركوك فسلِموا و نجوا فتمادوا فأوغلوا في الدونية و الخيانة ليسلّموا من من المفترض أن يُثقل و يُغمس اليوم بنياشين الوطنية و الفداء و البطولة تكريماً ، أجل …ليسلموا الخالد في ضمائرنا أبدا مصطفى سليمي .
السيدات و السادة الأفاضل :
من الأصل و الأصالة نخاطبكم ، من الأخلاق و الضمائر و القيم و زواجرها قبل أن نخاطبكم من القوانين و الشرائع و الأعراف و ما لها من روادع .
نحن مجموعة من القانونيين الكورد فنقول و بشديد الاختصار و نتساءل :
– أيّ دمٍ و إحساس هذا ذاك الذي يطاوع المرء و الكوردي بالذات ليسلّم أحداً من بني قومه و جلدته و هيهااات أيّ أحد !!!
يسلًم من قضى عمره و ربيعه أعواما في زنازين من لم يحملوا للكورد أنفسهم و للبشرية جمعاء إلا كل حقد و ضغينة و شر ، و من سوى نظام الملالي في ايران ؟
و من اجل من و ماذا كان عطاء سليمي و تضحياته ؟ غير عزة أمة الكرد و خلاصهم بمن فيهم من سلّموه من حثالة .
– أيّ دافعٍ هذا و أي مبرّر هو ذاك الذي دفع بهؤلاء الأوغاد من المخلوقات ليسلًموا من من المفترض و إن كان حتى دون الذي ذكرناه اعلاه كله ، و بفرض أنه كان ايرانيا أو سواه من الأقوام و لا ينتمي الى الكورد ، بل مجرّد أن استنجد بك و أمن لك ، فتقابله بهذه الحقارة اللامتناهية و بالتسليم و رميه في براثن الوحوش الضارية التي فرّ منها !!!
– أيُ درجة من انحطاط الخلق بلغ بهؤلاء حتى لا يستيقظ ضميرهم أمام إنسان مصدومٍ منكسرٍ أشد الانكسار أمام هؤلاء و ردّ فعلهم و خيانتهم و مع ذلك يبقى مؤمنا و يستعيد تماسكه فيقول : فقط اعطوني ما اقتل به نفسي على تراب كردستان و لا تجعلوني أموت على يد هؤلاء الأنجاس .
– أقسم أن ضمائر الأموات كانت لتستيقظ .
السيدات و السادة الموقرون :
جميع القوانين الوطنية بما فيه قانون العراق و كوردستان حرصت على أن تولي و تخصص جانباً من تشريعاتها لمسألة اللجوء و اللاجئين و اللجوء بدوافع و أعتبارات سياسية تحديداً ، سواءً عبر دساتيرها الوطنية أو القوانين العادية و سواها ، و كذلك و بطبيعة الحال فإنّ القانون الدولي أفرد و خصّ جانبا من قوانينه و اتفاقياته لهذا الموضوع الهام بلا شكّ .
و سنداً لذلك ..عرفت اتفاقية اللاجئين لعام ١٩٥١ المعدلة بالبروتوكول ١٩٦٧ اللاجىء بما فيهم اللاجئين السياسيين بأنه : ( كل من وُجد بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه، أو دينه، أو جنسيته، أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة، أو بسبب آرائه السياسية، خارج البلاد التي يحمل جنسيتها، ولا يستطيع، أو لا يرغب في حماية ذلك البلد ) .
و حيث أنه و سنداً ايضا للقانون الدولي و القانون الدولي الانساني بشكل اكثر تحديداً فإنه و إن كان من حق كل دولة منتهى الحرية و الصلاحية في أن تمنح شخصاً ما حق اللجوء السياسي من عدمه ، و ذلك من منطلق تمتعها بحقها في السيادة على اقليمها و سنداً له ، إلا أنها ملزمة في الآن ذاته و في المقابل و في حال رفضها منح حق اللجوء لشخص ما على أراضيها، ملزمة بأن تمنحه الحماية المؤقتة أو أن ترسله أو تضمن ارساله إلى مكان آمن لا تكون فيه حياته مهددة أو معرضة للخطر، و الاهم من ذلك كله هو أن هذا الالزام لا يسري فقط على الدول الموقعة على اتفاقية اللاجئين أو المنضمة والمصادقة عليها أو على أي اتفاق آخر بهذا الخصوص ، و إنما يسري على جميع الدول كونه بات مبدأ عرفياً .
علما أنه و إن كان مبدأ الإلزام في حماية اللاجىء ذاك ليس مطلقاً و يستثنى منه ما اذا كان من شأن تلك الحماية تعريض الدولة لخطر يتهدد امنها و استقرارها ، إلا أن هذا الخطر يجب أن يكون حقيقيا و كبيرا و بالغ الأهمية، و هو ما لا يتوفر و لا ينطبق بالمطلق في حالة سليمي و تسليمه .
و أبعد من ذلك كله و كما تعلمون بأن تلك الضمانات و الحماية لم تعد مقتصرة في الاتفاقيات الدولية على منحها للاجئين السياسيين بل باتت تمنح في حالات خاصة حتى للمجرمين في حال رأت دولة اللجوء أن بلاده تطالب به لأغراض سياسية أو لاضطهاده و تعريضه لضروب التعذيب بدوافع و اعتبارات انتمائه الى جنس او لون أو عرق و ما الى ذلك .
كما لا بد لنا من الاشارة القانون في هذا الصدد الى القانون ( ٥١) لعام ١٩٧٢ العراقي و تحديدا الى المادة الرابعة منه :
)) – يحظر تسليم اللاجئ الى دولته بأي حال من الاحوال.
– عند رفض طلب شخص بشأن قبول لجوئه الى العراق يجوز ابعاده الى دولة غير دولته حسب تنسيب الدوائر المختصة وبموافقة الوزير )) .
السيدات و السادة الأفاضل :
تعلمون علم اليقين بأنّ قضية تسليم مصطفى سليمي للنظام الايراني من قبل اشخاص هم من رعايا الاقليم و بصرف النظر عن صفتهم لا يمكن و بأي شكل من الأشكال أن يكون له أي سند أو مبرر أخلاقي أو قانوني إلا سند الخسُة و الخيانة و العمالة و هو في وصف القانون جريمة ضد الإنسانية ، كما أنه و في المقابل لا يمكن تحت أي مبرر من المبررات أن تنفي أو تتنصل سلطات الاقليم من مسؤولياتها تجاه الأمر ، لا بل هي اليوم و أكثر من أي وقتٍ مضي مطالبة بأن تتحلى بأعلى درجات الواجب و المسؤولية أمام هذا الوقع و هذه الواقعة ، لأن الفعل أو الجرم المرتكب مسّ أقدس قيم البلاد و أمة الكورد ككل ، ألا و هو إضعاف الشعور القومي و حسّ الانتماء الوطني ، و الواقعة تنقل صورة و وصفا و إنطباعاً في غاية الخطورة و السوء و السواد عن الإنسان الكوردي .
من الممكن و المقبول و المستساغ أن يخسر المرء و الكوردي تحديداً كل المكتسبات و ما أنتج مقابل أن يخسر نفسه و ما هو أصيلٌ و متجذّرٌ فيه و لديه .
و في الختام …لا يسعنا إلا أن نعبُر عن ثقتنا البالغة بما تتمتعون به من حكمة و إحساس عال بالمسؤولية عموما و تجاه هذا الموضوع بصورة خاصة و ما رسالتنا هذه إلا لننقل لكم و لنفصح عن مثالٍ و شريحةٍ من انطباع نظنُ و نتوقع حدّ اليقين من أنه انطباع الشارع الكوردي الواسع و موقفه من واقعة تسليم مصطفى سليمي .
مع وافر الاحترام و التقدير
١٢/٤/٢٠٢٠
مركز ليكولين للدراسات و الابحاث القانونية – المانيا