أخيرا:أهي أخطاؤنا

تجمع الملاحظين؛ كاوار خضر
تحدثنا في الحلقات السابقة عن العاطفة التي تقودنا كخارطة طريق لنضالنا السياسي، دون إحكام العقل، والنظر في السياسية الدولية، وما يطبخ في مطابخها، نكاد نكون بعيدين عنها كل البعد. فالدول القادمة من وراء البحار لتوحيد صفنا ليست جمعية خيرية أو لجنة للمساعي الحميدة لفض النزاعات بيننا.
هل سألنا أنفسنا ما غاية هذه الدول من توحيدنا؟ ولماذا عن طريق حزب الاتحاد الديمقراطي؟ هو بالذات من سبب، ويسبب الويلات والكوارث للشعب الكردي، وهو ذاته المنضوي تحت لواء الحلف الايراني السوري، ومن ورائه روسيا والصين، بالإضافة إلى أنه مصدر قلق لحليفتهم في النيتو.
ما يلاحظ أن تركيا الاردوغانية لم تعد ذلك العبد المطيع لسيده، فالغرب لا يرضى بالتقاسم المنافع سواء في سوريا أو ليبيا، فتركيا المتداخلة في الشأن الليبي واتفاقاتها مع حكومة الوفاق المعترفة بها تضر بمصالح الغرب، وعلى رأسهم فرنسا، راعية الاتفاق الكردي، فمصالح الغرب تعارض فكرة الاتفاق الحاصل بين حكومة السراج وتركيا؛ كون مصالحهم ملتقية مع حفتر التقاء مناسبا. ما يُستشَّف أن أميركا متوافقة مع تركيا لكبح النفوذ الروسي في الخاصرة الجنوبية لنيتو، ولاحقا في مواجهة إيران، حسب ما نستنتجه من الخطاب الغربي. لو كانت روسيا غائبة عن المشهد الليبي لكان للأمريكان رأي آخر.
للأسباب المذكورة أعلاه تحتفظ الغرب بورقة حزب الاتحاد الديمقراطي لتوكيلها مهمة خلق القلاقل لتركيا؛ كي لا تفلت منه ملتحقة بالحلف الروسي الصيني.
فرنسا التي عملت جاهدة على إبقاء رأس النظام في السلطة. وضرب بذلك بوتين كصفعة في وجههم حين قال أن بشار هو رجل الغرب، وخاصة رجل بريطانيا وفرنسا، وهذا ما اكده رياض حجاب؛ حين قال أن لافروف أخبره أنه لا يهم روسيا أمر الأسد، فحين توليه السلطة زار فرنسا وبريطانيا، ولم يزر موسكو إلا بعد حرب تموز. فكيف لنا ككرد أن نصدق نواياهم تجاهنا وحنانهم هذا الذي أنزلوه علينا فجأة! يجب الحذر من هكذا مسائل، كون تاريخنا تملؤه الوعود التي توّجتنا بالفشل.
وتزداد مخاوفنا من هذه السرية في الحوارات الجارية، رغم أن الغرب ليس بحاجة إلى السرية، والاعتراف بالشعب الكردي علنية وبأرضه الملحقة بسوريا ليس عسيرا عليه، كما فعل مع جنوب كردستان. وعلينا ألا ننسى إشراك شريكنا العربي؛ كي لا تداهمنا المعارضة بكل مشاربها ببياناتها المقززة. وليكن عيانا لنا ما جرى للإقليم الكردستاني؛ حينما عزم على الاستفتاء تخلت عنه الجميع، وهو الذي أسدى للغرب خدمة جليلة؛ حين حارب داعش. فتوخي الحيطة والحذر واجب، وكذلك عدم الانسياق خلف كلامهم المعسول ووعدوهم الشفهية، تجنبا للوقوع في الاستغلال لصفاء نيتنا المرفقة بالبساطة والسذاجة. 
rawendkurd3@gmail.com

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد ابراهيم منذ أربعة عشر عامًا، كان الأطفال السوريون يعيشون في مدارسهم، في بيوتهم، في أحلامهم. كان الحلم بالغد أقرب إليهم من أي شيء آخر. وكانوا يطمحون لمستقبل قد يحمل لهم الأمل في بناء وطنهم، سوريا، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من عزةٍ وكرامة. كان العلم هو السلاح الوحيد الذي يمكن أن يغير مجرى الحياة. لكن بعد ذلك، غيّرت الحرب…

اكرم حسين لطالما كان الكرد في قلب الجغرافيا الشرق أوسطية أحد أكثر الشعوب تعرضاً للتهميش والاضطهاد القومي، بالرغم من كونهم يشكلون ثاني أكبر قومية في المنطقة بعد العرب، ويملكون تاريخاً عريقاً وثقافة غنية ومطالب سياسية مشروعة في الاعتراف بهويتهم القومية وحقوقهم في الحكم الذاتي أو المشاركة العادلة في السلطة. في تركيا وإيران وسوريا والعراق، تكررت السياسات ذاتها: إنكار…

دلدار بدرخان لم يعد اليوم بالأمر الصعب أن تكشف افتراءات وأضاليل الجهات التي تحاول تزوير التاريخ وتشويه الحقائق كما كان في السابق، فما هي إلا كبسة زر لتحصل على كامل المعلومات حول أي موضوع أو مادة ترغب بمعرفته، ولم يعد الأمر يحتاج إلى مراجع وكتب ضخمة غالبيتها مشبوهة ومغلوطة، بل يكفي الاتصال بالإنترنت، ووجود هاتف بسيط في متناول اليد، وبرنامج…

بوتان زيباري في قلب النقاشات، كانت الأصوات تتعالى لتؤكد أن هذه الأرض، التي يسميها البعض “كوردستان سوريا” أو “غرب كردستان”، ليست ملكًا حصريًا لقومية واحدة، وإن كان للكورد فيها حق الدم والعرق والتاريخ. بل يجب أن يُبنى الإقليم المرتجى بروحٍ تعترف بجميع مكوناته من عرب وآشوريين وسريان وغيرهم، كي لا يقع البناء الجديد فريسة لمرض القوميات الذي مزق سوريا…