جعجعتنا كمثقفين بلا طحين

تجمع الملاحظين: كاوار خضر
أفادنا الأستاذ مروان سليمان، من السلك التربوي، مقالا يشكر عليه، بيّن فيه جميع مثالب أحزابنا. وأبان عدم جدواهم، بل عالتهم على المجتمع. ما جاء به لا يخالف الواقع، إلا إنه لم يأتِ بجديد. لقد كرر ما قيل قبله، وما زال القول حيا نتداوله نحن المثقفين. ما ينتهي أحدنا منه، حتى يبدأ آخر منا به، وهكذا، كإن هذا التكرار واجب وطني، إن تخلفنا عنه كأننا ارتكبنا خيانة بحق واجبنا الوطني.
ملاحظتنا لذاتنا: إذا لم ترضينا فعاليات الأحزاب، لنكن نحن البديل عنها. كوننا مثقفين عليمين بالواجب الوطني، ومنا تتكون النخبة القيادية، وليس من الفلاح المنشغل بأرضه لكسب قوته، كما ليس بوسع راعي الأغنام قيادة مجتمعنا لتحريره. هذا واجبنا كمثقفين ضليعين نرى معايب الأحزاب المهترئة، حسب ادعاءاتنا. إلا إننا نكتفي بمجّ الممجوج على مر العقود، وإلقاء التهمة إليهم بعدم جدواهم وعالتهم علينا شعبا وأرضا. فنحن المثقفون مثلهم، إن لم نكون أسوأ منهم نضالا. 
بمقالاتنا هذه نخدر الجماهير حين اللوم عليهم، ونعتهم بالمهترئين، دون أن نفعل ما نقول. ونضالنا وطنيا حتى اللحظة لا شيء. لم نحرك ما ينفع، ولم نجد لهم البديل. ألا نشعر بالخجل لتكرار هذا المكرر وعلى مدى عشرات السنوات؟ ألم نشبع منه طوال هذه السنين المديدة؟ ألم تؤثر فينا نضالات مثقفي الشعوب التي مرت بمثل حالتنا؟ 
مثقف شعب يزيد من الكلام، ولا يفعل ما يدعي، ليس سوى خائب أكثر ممن يقيم يدعي عليهم. ألا نخجل من فيدل كاسترو دحر مصالح أعظم دولة في العالم ومن تحت إبطها؟ ألا نستحي من مثقفي روسيا الذين أنهوا القيصرية الجلفة، وأسسوا أعظم دولة اخترقت آفاق الفضاء؟ ألا يثيرنا نهوض مثقفي الصين بشعبهم المتخلف، ليلتحقوا بأوربا في ظرف عشرين عاما؟ ألا يكفينا حياء حتى من الملالي الرجعيين المتخلفين هدمهم لأركان شرطي الدولة العظمى على الخليج، وتحملهم حربا بالوكالة في مواجهتها ما يقارب عقدا من الزمن، وما زالوا شوكة في حلقها لا تستطيع إقلاعها؟
لنخجل جميعا يا من نكثر من الكتابات المفعمة بالوطنية، المخدرة لننوّم الجماهير بها، كي تتغير ديمغرافيتنا لصالح المقتسمين، وليُقتل أبناؤنا لتحقيق أجندات الغير، ولتُخطف بناتنا في سن الطفولة، لا ندري أبيعن لشيوخ الخليج، أم إنهن في الجبال لمقاتلة ثاني قوة برية في حلف الناتو؟
لو كنا حقا غيورين على وطننا وشعبنا كما يجب لما انبرت مقالاتنا عن الحقن المخدرة؟ من سوء طالع شعبنا لم تلد نساؤه إلا سوانا ونحن أشد خلق الله فشلا، وأكثرهم كلاما وتبريرا لذاتنا. ننتقد غيرنا ليستفيد مقتسمنا.
rawendkurd3@gmail.com

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…