للأبل حاديها وللدولة داعيها

أحمد محمود 
إخلع نعليك فأنت في الساحة المقدّسة ( التقارب ) .
ثمة كوابيس تختبئ في ثنايا الأحلام ، تجمّلها الأمال والأماني إلى حين ، وما أن تطفوا نعود لمقولة غلبتنا العاطفة ، تباً لقلوبنا التي تُهزم دائما وسحقاً للأكاذيب المغلفة بسولفان الحيِّل الخادعة . 
يعيش الكُردي جُل حياته متطلعاً لجغرافية له أسوة بالغير ، حالماً بدولة يقف كل صباح أمام سارية يعلوها العلم الذي أريق من أجله أنهار من الدم . ليؤدي التحية ويغني نشيده المقدس أي رقيب . عبّرعن ذلك  ذات يوم جكرخوين في قصة تروى عنه عندما رقص وغنى في سجنٍ تابع لأقليم كُردستان ، وحين سُئل عن ذلك ؟ قال كيف لا أفرح وقد أصبح عندنا نحن الكرد سجنا !؟ والسجّان أيضا كردي . ولكن حقا هل نحلم ولو بموطئ قدم مُلك ولتكن ما تكن ؟! 
هل نهلل لكل طرحٍ مهما حمل في طياته من مخاطر كي نقول أنها خطوة في الأتجاه المراد ؟ .
هل نسير بأي بادرة في العتمة  بمجرد أنها ترفع شعارات من قبيل وحدة الصف الكردي ، التقارب الكردي الكردي !؟ لا شك أنها خطوات عظيمة وهامة  تندرجة تحت مفهوم الضرورة ولكن إن كانت نابعة من القناعة الذاتية والإيمان الراسخ الذي لا يساوره شك بضرورة حلٍ لإشكالية  لما نحن فيه ، وليس تنفيذا لأوامر أصحاب الأجندات في المنطقة ، وتماشيا أنياً مع تطلعاتهم وجرياً وراء مكاسب وقتية لا تثمن ولا تغني من جوع ، وخاصة الأمثلة حاضرة أمامنا ، فحال العراق كارثي على الرغب من المؤتمرات الماراتونية لقوى المعارضة التي أنعقدت في أكثر من مكان قبل الغزو الأمريكي وبعده من أجل ما يسمى التقارب والتفاهم حول شكل الدولة ، وأيضا مصير لبنان في مهب الريح بعد أتفاقية الطائف التي أفضت كما العراق لتقاسم النفوذ والمناصب بين شتى المكونات والطوائف ! إن كانت هذه هي غايتنا من مبادرات التقارب فبئسى الطرح وبئسة المحاولة . هذا التقارب المزعوم فوقه عصى غليظة ولكن ناعمة كعادة الراعي الضامن ، ليس من باب النفخ في الجمر ولكن من أجل التذكير وثم التفكير ،أمامنا  تجربة  ماثلة وحاضرة ، أقليم كردستان فُرض من أجل قيامه المصالحة والتقارب بين أكبر حزبين تصارعا لعدة سنوات وبينهم ما بينهم من دماء وخلاف في المصالح والأجندات ، بغض النظر أيهما على صواب ،  وافقا على مضض وأقيم الأقليم ونال الرضى والاعتراف عالميا ، ولكن أجزم لو رفعت العصى الضامنة لرأينا العجب العجاب ولعادوا إلى المربع الأول من الصراع . الأمر مشابه جدا في غرب كردستان ، لا بل أشد تعقيدا فأحد الأطراف رمى قوميته التي هي أساس قيام دولة خلف مقولات تفسيرها أستعصى حتى على فطاحل المفكرين ، والطرف الأخر ليس لديه مشروع واضح وإن وجد العنوان ويعيش على الموائد . والشارع الكردي فاقد الأمل في كليهما ولكن مغلوب على أمره بسبب أماله وأحلامه العاطفية . 
خلاصة القول والسرد ، تبنى الإدارات أو الشراكات الناجحة على مقومات أسها العامل الذاتي والموضوعي ولأجل أهداف واضحة وواعية ولسيروتها تُزال كل العوائق الإشكالية ولصيرورتها الرغبة الصادقة والنوايا الحسنة . فما بالنا إن كنا بحلم بقيام دولة أو شبهها . 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…