ستانلي ويس
رئيس مركز منظمة الأمن الوطني الأمريكي
لو رجعنا بعقارب الساعة الى الخلف قبل ثمان مئة واربع وعشرون عاما في 4 يوليو حيث استطاع القائد المسلم الأعظم صلاح الدين فتح القدس, وفي نفس اليوم 4- 7 تم اعلان استقللال امريكا. نعم لقد استطاع أستطاع القائد المسلم ,الابن الاعظم للكورد صلاح الدين الأيوبي في 4 يوليو 1187 من أن يهزم 20000جندي من الصليبيين المدججين بالسلاح والعتاد بعد معارك دامية في بيت المقدس والاستيلاء عليها,
و كان بامكانه وهو يضع تاج الخلافة الاسلامية لمملكته الممتدة من شواطىء تونس مارا بمصر فبلاد الشام والعراق أن يعلن الخلافة الكوردية وانشاء كوردستان العظمى و أن تحتفل كردستان وامريكا معا في 4 يوليو (تموز) بمناسبة استقلالهما
غير ان الابن الأكبر للكورد لو كان يعلم مالذي سيحل بشعبه من بعده على ايدي المسلمين من الترك والفرس والعرب لكان أعلن أنشاء امبراطورية كوردية لمنافستهم وكسر شوكتهم, ورد ظلمهم, لكنه أثر وفضل الدولة الاسلامية الكبيرة والقوية, وقاتل في سبيل الله والأخرة بدل الدنيا, وبذلك ترك مواطنيه التعساء تحت رحمة المشايخ العثمانية, و رسامي الخرائط البريطانية والعرب الأقوياء الحاقدين.
اليوم هنك أكثر من 35 مليون من الكورد يعيشون في سلسلة جبلية مترايطة ومتلاصقة وبشكل عنقودي في تركيا والعراق وايران وسوريا, و هم أكبر مجموعة عرقية على وجه الارض , و بلا وطن رسمي , وكما تخلت أمريكا عن العراق لغاياتها الخاصة و للسيوف الايرانية مقابل اليوارنيوم , فان تركيا تشن حربها وحملاتها على الكورد بدون هوادة , و دمشق صلاح الدين ينحدر الى الذبح غير المقيد على يد نظام بشار الأسد,لذا ان حلم الألفية الطويل لدولة كوردستان مستقلة هو أفضل جواب لكابوسس الشرق الاوسط الذي لا ينتهي.
كما هو الحال لكثير من الصراعات في الشرق الأوسط وفي المنطقة , فأن المعضلة الكوردية له جذوره منذ سقوط الامبراطورية العثمانية, حيث ضمنت اتفاقية سيفر حق تقرير المصير للكورد من قبل دول الحلفاء في 1920 والتي وقعها الكورد . غير ان الاوربيين اداروا ظهورهم للكورد ولسيفر وبضغط من القائد التركي مصطفى كمال اناتورك الذي استطاع ان يرقع البلاد باسم تركيا وان يسجلها باسمه ضاربين بذلك وعدهم للكورد .وهكذا كبرت وتفاقمت مأسي الكورد من ذبح وسلخ وجلد ووضعهم في أكياس مغلقة ورميهم في البحر , وفي السنوات التي تلت, تم ذبح الكورد على يد الحرس الثوري الأيراني, و بالغاز من قبل فارس العرب , حارس البوابة الشرقية , بطل القادسية ( صدام حسين ).
ومع انهيار نظام الأسد ,فان التوترات بين الكور ومعذبيهم تأخذ طابعا ماساويا دائما, و أصبحت تشكل تهديدا رئيسيا جيوسياسيا يائسا لسحق الثورة السورية ,فنقل قوات الأسد بعيدا عن المناطق الكوردية في الشمال حيث سيطرة الحزبيين الكورديين يأجج لصراع كوردي كوردي و عرقي مفتعل من النظام, كما ان سقوط الأسد سيؤدي حتما الى نشؤ كيانات متجانسة دينيا وعرقيا , وبالتأكيد واحدة من هذه الكيانات ستكون كوردية , وبالتالي سيكون هناك كياني كوردي عراقي مع كوردي سوري شبه مستقل.
ان هذه الدولة الملتهبة والقابلة للاحتراق تثير قلق تركيا التي تشن حربا دموية منذ ثلاثة عقود ضد 24 مليون كوردي وذهب ضحيته أكثر من أربعين ألف قتيل , وبالرغم من وقوف تركيا مع الثورة السورية ودعمها لتغيير النظام الا انها لن تسمح باقامة اي كيان او توجه وحدوي كوردي في المنطقة , والأن الدبابات التركية على الحدود تراقب الوضع والكورد عن كثب و هي عازمة على منع اي نشاط وامتداد الى حدودها.
هل استخدام الأسد للبراميل المتفجرة على روؤس السوريين , وعلى مقربة من تركيا سيحرك مشاعر تركيا , ومن ثم أمريكا وهذا سيجر أيران وروسيا اللتان تديران حربا بالوكالة و الذي قد يمتد الى دولا وكيانات أخرى وقد يدفع الكورد ثمنها لان الصراع في منطقة تواجدهم .
ان المحرومين اصبحوا سببا لزعزعة الاستقرار والصراع في الشرق الأوسط ولم يعد ممكنا تجاهلهم , وهولأء المحرومين سيكونوا صمام الأمان للتوترات الاقليمية في المنطقة.
الأمر لن يكون سهلا , لكن حالة من عدم اليقين واللدونة في المنطقة فرصة لتأمين اقامة وطن للكورد وعلاج لخرائط قرن العشرين الظالمة ,العراق مهدد بالتقسيم الى ما قبل العراق السني , الشيعة والكورد سيعودان الى تقسيمات الدولة العثمانية,كورد شبه مستقلين, وشيعة موالين لايران يحكمون السنة.
سوريا سوف تفقد سيطرتها المركزية ولن تكون لها خيار, ايران اقتصاديا في تساقط تلقائي, ولا توجد دولة تضحي بخمس سكانها , تركيا ستمضي قدما للاستفادة من هذا التطور وستضع حدا لحربها , وتوقف النزيف مع حزب العمال الكوردستاني , وهي تمهد لتحالف استراتيجي طويل الامد لموازنة النفوذ الايراني , ناهيك عن حلمها لدخول الاتحاد الاوربي , بشرط وقف حربها مع الكورد ومع نفسها.
لاثبات ما هو ممكن فلننظر الى كوردستان العراق بملاينها الستة, و مطاراتها الدولية الحديثة, وصناعة نفطها وحقولها المزدهرة, هذا الاقليم الموالي لامريكا , والمويد لاسرائيل, والشبه مستقل , وذات برلمان ديمقراطي منتخب , وفيها تمثيل واحترام للمرأة, ومحمي من قبل امريكا منذ عام 1990 أبان الحظر الجوي في حرب الخليج الاولى 1991, والتي انشأت حكومة أقليم كوردستان في اطار الدستور العراقي في 2005, هذه الحكومة التي أذهلت الغرب والذي لم يقتل جندي أمريكي واحد على اراضيها الشاسعة 15000ميل , بينما قتل أكثرمن 4800 امريكا في بغداد وحدها , وهكذا تحقق المهمة الأولى في عهد الرئيس الامريكي جورج بوش الابن .
وبناء على هذه النجاحات الغير متوقعة في اقليم كردستان , فان على أمريكا ان تعيد النظر في معارضتها السابقة لقيام دولة كوردية مستقلة أكبر, والاعتراف بمزايا صديق ديمقراطي وحليف ذات موقع استراتيجي وغني تفوق بكثير الافتراض بان من شأن أي تحرر كوردي مستقل سيثير الحروب والصراعات الاقليمية في المنطقة , و مهما كانت الظروف الدولية والأقليمية فان على امريكا وحلفاءها ان يمهدوا الطريق وباي وسيلة كان لقيام كيان كوردي مستقل وأمن…. وطن للاكراد.
بعد الف عام من النظر بعيون مغمضة وعمياء الى الكورد , فانه لا يمكن للعالم اين يغمض عيونه والناس يركلون الكورد في سائر اماكن تواجدهم وفي الطرقات, فانه في مكان ما وعلى طول هذا الطريق الى دمشق الملطخة بالدماء حيث يحل عيد الغطاس (عيد مسيحي) وحيث بدأت وانطلقت الاحتجاجات الاولى من المسجد الأموي رابع المقدسات الاسلامية , حيث قبر صلاح الدين الايوبي , فان احفاد صلاح ساروا على درب التحرر والزحف ثانية الى …….هولاء الكورد ….. احفاد صلاح الدين يريدون ان يكون صوتهم مسموعا , بل مدويا, فهل ستسمع امريكا والعالم صوتهم وتصغي اليهم……؟
————-
ترجمة حزني كدو