هل يكتفي الشعب بمحاربة الفساد واستعادة المال العام ؟؟

خالد بهلوي
 
 أحد العوامل التي دفعت بالشعب السوري الى الانتفاضة هو محاربة القوى الفاسدة والمهيمنة على مقاليد السلطة ورموزهم المتسلطين على أرزاق وقوت الشعب الذين نهبوا المال العام، حتى أصبحوا حيتان المال. ومع عامل الزمن أصبحوا في قائمة امبراطوريات المال والرأسمال، تاركين الشعب يسعى ويكد ليل نهار، باحثا عن لقمة خبزه وأحيانا باحثا عن بقايا الطعام التي تفرغها سيارات القمامة أو من البراميل الملقاة بجانب المطاعم وبيوت الأغنياء.
 لكل هذا ثار الشعب مطالبين باتخاذ موقف واضح ضد الفساد ومحاسبة الفاسدين، وتقديمهم إلى قضاء عادل مستقل. قضاء بعيد عن التأثيرات السياسية، وسلطة الأمن المتحكمة بمصير البلد والعباد.  ان المكافحة الجدية للفساد بأشكاله الإدارية والسياسية والاقتصادية، تبدأ من قمة السلطة تشمل جميع المسيئين والمتلاعبين بالمال العام كبيرهم وصغيرهم، بغض النظر عن موقعهم الوظيفي، ومسؤوليتهم السياسية والاجتماعية والدينية. 
ما يطفو الآن على السطح من محاسبة رامي مخلوف وامثاله وبعض رجال الدين؟؟؟ مع قناعة الكثيرين ان ما يجري لا يرفع وتيرة الاقتصاد ولن يعيد البلد الى سكة الاستقرار الاقتصادي. مع ذلك يعتبر هذا الإجراء يحمل بعض الجوانب الإيجابية إذا عادت هذه الأموال الى الخزينة وساهمت بتخفيض قيمة الدولار او عكست بشكل مباشر على حياة ومعيشة الشعب، وخففت ازمة الفقر والجوع على المواطنين الذين يزدادون يوميا على ساحة الوطن …
  لا لتسديد الديون للدول المحتلة الذي دخلت البلاد قسم لتجريب أسلحتها وإعادة نفوذها وجبروتها، قسم جاؤوا لنشر تعاليمهم الدينية وقسم جاؤوا للسيطرة على اقتصاد البلد، وتقسيم خيراتها مع القوى التي ساعدتها. 
معروف حتى يكون محاربة الفساد ناجعا ومفيدا وشاملا يتطلب ((وجود إرادة سياسية)) لاتخاذ القرارات اللازمة لمعاقبة الفاسدين والمفسدين واسناد المهام إلى عناصر وطنية مخلصة ونزيهة قادرة على حماية نفسها من اغراءات المال والسلطة.
 والذين لم تتلطخ أياديهم، لا بدماء الشعب ولا بنهب قوتهم وعدم الاعتماد حصرا على دور الدولة وآلياتها وجهاتها الرقابية،
 لأن الفساد أصبح يشكل تهديدا خطيرا على ما تبقى من سلطة النظام وانه اعتراف غير مباشر من النظام على الانهيار الاقتصادي وعدم إمكانية الإصلاح التي اصبحت قناعه سائدة عند شريحة كبيرة من المجتمع لأن من كان المسؤول عن الانهيار الاقتصادي لا يستطيع إصلاح ما انهار خلال سنوات.
مع كل هذا يعتبر محاربة ومكافحة الفساد والمفسدين والفاسدين مهمة اجتماعية وطنيه لأنها أخطر القضايا الاجتماعية لوقوع أضرارها على سائر أفراد المجتمع وأكثر الناس وأشدهم ضررا هم الفقراء الجميع يطالب باستئصال الفاسدين والمفسدين وإرساء حكم القانون واستقلالية القضاء، وفسح المجال للشرفاء ونظيفي اليد والمخلصين الوطنيين، مهما كان انتماؤهم او معتقداتهم وان يكون المقياس هو الصدق والاخلاص للوطن.
إلى متى نسمع ونرى حقائب تملأ وتبحث عن بنوك لإيداع ما سرق من جهد الشعب وقوت أطفالهم، 
نتابع أحيانا حملات لمحاربة الفساد حيث يحاسب واحد واثنين ويعود الفسـاد معافى سالما غانما يجدد دورة نشاطه من اختلاس وجمع الأموال وتهريبها لخــارج القطر.
والفساد عموما ينهش اقتصاد البلد ويدمر البنية التحتية ويفسد الحياة الاجتماعية. يعتقد الكثير ان ما يجري من محاولات إعادة المال العام او محاسبة الفاسدين عبارة عن نتيجة حتميه للصراع بين حيتان الفساد بحيث يستولى مجموعة على أموال الاخرين وتبقى السيطرة للأقوى مع قناعة شريحة كبيرة من الشعب ان النظام الحالي لا يستطيع محاسبة أحد او إعادة عجلة الحياة الى مسارها الطبيعية.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…