خالد بهلوي
أحد العوامل التي دفعت بالشعب السوري الى الانتفاضة هو محاربة القوى الفاسدة والمهيمنة على مقاليد السلطة ورموزهم المتسلطين على أرزاق وقوت الشعب الذين نهبوا المال العام، حتى أصبحوا حيتان المال. ومع عامل الزمن أصبحوا في قائمة امبراطوريات المال والرأسمال، تاركين الشعب يسعى ويكد ليل نهار، باحثا عن لقمة خبزه وأحيانا باحثا عن بقايا الطعام التي تفرغها سيارات القمامة أو من البراميل الملقاة بجانب المطاعم وبيوت الأغنياء.
لكل هذا ثار الشعب مطالبين باتخاذ موقف واضح ضد الفساد ومحاسبة الفاسدين، وتقديمهم إلى قضاء عادل مستقل. قضاء بعيد عن التأثيرات السياسية، وسلطة الأمن المتحكمة بمصير البلد والعباد. ان المكافحة الجدية للفساد بأشكاله الإدارية والسياسية والاقتصادية، تبدأ من قمة السلطة تشمل جميع المسيئين والمتلاعبين بالمال العام كبيرهم وصغيرهم، بغض النظر عن موقعهم الوظيفي، ومسؤوليتهم السياسية والاجتماعية والدينية.
ما يطفو الآن على السطح من محاسبة رامي مخلوف وامثاله وبعض رجال الدين؟؟؟ مع قناعة الكثيرين ان ما يجري لا يرفع وتيرة الاقتصاد ولن يعيد البلد الى سكة الاستقرار الاقتصادي. مع ذلك يعتبر هذا الإجراء يحمل بعض الجوانب الإيجابية إذا عادت هذه الأموال الى الخزينة وساهمت بتخفيض قيمة الدولار او عكست بشكل مباشر على حياة ومعيشة الشعب، وخففت ازمة الفقر والجوع على المواطنين الذين يزدادون يوميا على ساحة الوطن …
لا لتسديد الديون للدول المحتلة الذي دخلت البلاد قسم لتجريب أسلحتها وإعادة نفوذها وجبروتها، قسم جاؤوا لنشر تعاليمهم الدينية وقسم جاؤوا للسيطرة على اقتصاد البلد، وتقسيم خيراتها مع القوى التي ساعدتها.
معروف حتى يكون محاربة الفساد ناجعا ومفيدا وشاملا يتطلب ((وجود إرادة سياسية)) لاتخاذ القرارات اللازمة لمعاقبة الفاسدين والمفسدين واسناد المهام إلى عناصر وطنية مخلصة ونزيهة قادرة على حماية نفسها من اغراءات المال والسلطة.
والذين لم تتلطخ أياديهم، لا بدماء الشعب ولا بنهب قوتهم وعدم الاعتماد حصرا على دور الدولة وآلياتها وجهاتها الرقابية،
لأن الفساد أصبح يشكل تهديدا خطيرا على ما تبقى من سلطة النظام وانه اعتراف غير مباشر من النظام على الانهيار الاقتصادي وعدم إمكانية الإصلاح التي اصبحت قناعه سائدة عند شريحة كبيرة من المجتمع لأن من كان المسؤول عن الانهيار الاقتصادي لا يستطيع إصلاح ما انهار خلال سنوات.
مع كل هذا يعتبر محاربة ومكافحة الفساد والمفسدين والفاسدين مهمة اجتماعية وطنيه لأنها أخطر القضايا الاجتماعية لوقوع أضرارها على سائر أفراد المجتمع وأكثر الناس وأشدهم ضررا هم الفقراء الجميع يطالب باستئصال الفاسدين والمفسدين وإرساء حكم القانون واستقلالية القضاء، وفسح المجال للشرفاء ونظيفي اليد والمخلصين الوطنيين، مهما كان انتماؤهم او معتقداتهم وان يكون المقياس هو الصدق والاخلاص للوطن.
إلى متى نسمع ونرى حقائب تملأ وتبحث عن بنوك لإيداع ما سرق من جهد الشعب وقوت أطفالهم،
نتابع أحيانا حملات لمحاربة الفساد حيث يحاسب واحد واثنين ويعود الفسـاد معافى سالما غانما يجدد دورة نشاطه من اختلاس وجمع الأموال وتهريبها لخــارج القطر.
والفساد عموما ينهش اقتصاد البلد ويدمر البنية التحتية ويفسد الحياة الاجتماعية. يعتقد الكثير ان ما يجري من محاولات إعادة المال العام او محاسبة الفاسدين عبارة عن نتيجة حتميه للصراع بين حيتان الفساد بحيث يستولى مجموعة على أموال الاخرين وتبقى السيطرة للأقوى مع قناعة شريحة كبيرة من الشعب ان النظام الحالي لا يستطيع محاسبة أحد او إعادة عجلة الحياة الى مسارها الطبيعية.