هل وصل حكم آل الأسد الى نهايته؟

الدكتور: عبدالحكيم بشار
ان الدعم الايراني اللامحدود والمليشيات الطائفية التابعة لها من حزب الله وغيرها للنظام السوري منذ بداية الثورة السورية، وكذلك الدعم الروسي العسكري وتدخله المباشر الى جانب النظام  منذ نهاية أيلول 2015  كانا العاملين الرئيسيين اللذين حافظا على السلطة في سوريا حتى الآن، وساعداه في تحقيق (انتصارات عسكرية) وانتزاع المزيد من الأراضي من الثوار في توهم ان تلك (الانتصارات) سترسّخ من سلطة آل الأسد، وستعيد عقارب الساعة الى الوراء وتلحق  الهزيمة بالثورة السورية والثوار إلا أن مجريات الامور سارت عكس ما توقعتها تلك القوى فاتسعت رقعة الثورة على مساحة الارض السورية، وازدادت إرادة التغيير عند السوريين يوم بعد آخر رغم الدمار الهائل الذي احدثته آلة النظام العسكرية وحلفاؤه  في البنى التحتية في سوريا،  واستشهاد ما يزيد على نصف مليون واعتقال مئات الآلاف وتهجير أكثر من نصف  سكان سوريا سواء داخل البلد أم خارجه.
إلا أن ثمة مؤشّرات قوية توحي أن النظام السوري بات أضعف من أي وقت مضى، وأن  سلطته معرّضة للانهيار في أية لحظة، ومن هذه المؤشرات:
1- الانتقادات الروسية اللاذعة والقاسية للنظام السوري في العديد من وسائل إعلامه والمقرّبين من صُنّاع القرار في روسيا، الأمر الذي يحدث لأول مرة بهذه الحدة  منذ اندلاع الثورة السورية. بمعنى أن رأس النظام صار عبئاً على روسيا.
وهذا النقد مرده ان لانهاية للأوضاع المأساوية في سوريا، فلا الثورة انهزمت ولا النظام نجح في السيطرة على الارض وتوحيد سوريا، وتحقيق الاستقرار حتى في مناطق سيطرته، وقد دفعت روسيا حتى الآن أثماناً باهظة من اقتصادها الذي يعاني أصلا من العجز، ولا يجد من يسدد لها فواتير مساعدتها العسكرية للنظام بل دخول الحرب الى جانبه، وليس هناك أمل في المستقبل القريب ان تحصل روسيا على ما خسرته من أموال في سوريا، وأن  الأوضاع قد تستمر لسنوات طويلة، فالسوريون مستمرون في ثورتهم بكل تصميم رغم كل الصعوبات التي تعترض طريق ثورتهم. 
مما قد يدفع بالكرملين الى اعادة النظر في خياراته السابقة التي تعتمد بالأساس على تثبيت حكم الاسد، وتبحث عن بديل يحفظ مصالحها أو جزءاً منها  وتخرجها من المأزق السوري.
والنظام أدرك ان روسيا لم تعد تراهن عليه كثيراً فبدا هو الاخر  بالرد على روسيا عبر وسائل اعلامه وتحديدا الحديث السلبي عن منظومة الصواريخ الروسية الدفاعية 300S
2- انتشار الفوضى والفلتان الأمني والمحسوبية والشبيحة في مناطق سيطرة النظام بشكل لم يسبق له مثيل مع ادراك الشرائح الصامتة وحتى الموالين للنظام بفقدان النظام سيطرته حتى على مناطق نفوذه وعدم قدرته على تحقيق الأمان الموعود لهم.
3- تدهور الليرة السورية وتأزم الوضع الاقتصادي بشكل غير مسبوق وغير محتمل حيث بات شرائح واسعة جدا تعيش حالة حرمان حقيقي من ادنى اساسيات الحياة والعيش وبات الغالبية العظمى تعيش حالة فقر مدقع  ولا تستطيع تامين قوت اسرته اليومي ونهب ما تبقى من المال العام من قبل شريحة محسوبة على النظام 
4- ان تراكم الفساد والمحسوبية والفقر المدقع  ونهب المال العام  وعدم قدرة النظام على الايفاء بالحدود الدنيا من التزاماته الاقتصادية والمالية سواء تجاه السوريين في مناطق سيطرته او المستحقات الروسية، كل ذلك أدى الى خلق صراع جديد على مستويين:
الأول من الحاضنه الشعبية الموالية للنظام التي بدأت بالتململ وفقدان الثقة بالنظام ووعوده واجراءته، وبدأت أصواتها ترتفع عالياً لانتقاد النظام بشدة، وهذا يعني اتساع رقعة المناهضين للنظام، وباتت تشمل الشريحة الصامتة وحتى الموالين للنظام. 
الثاني: وصول الصراع الى الحلقة الأضيق للنظام، فعلى مدار اكثر من عقدين من الزمن كان آل مخلوف عموماً ورامي مخلوف خصوصاً هو الحاكم الاقتصادي لسوريا، وكانت القوانين تسنّ وفقاً لمصالحه الخاصة ناهيكم عن عدم اكتراثه للقوانين والسلطات العامة بالبلد وحتى الحكومة، ولكن منذ فترة قصيرة ظهر اكثر من فيديو لرامي مخلوف وتم اعتقال الكثير من كبار موظفيه ومساعديه وتم مصادرة قسم من امواله وحجز قسم اخر. وكان الأخير يشكو من ظلم وعسف تجاه مشاريعه وموظفيه من قبل السلطات الأمنية، ومعروف أن ثمة تنافساً يتجلى حالياً بين عائلة زوجة رئيس النظام وآل مخلوف للاستحواذ على ما تبقى من روح في الجسد السوري.
هذا الحدث يؤكد أن الصراع بدأ يصل الى الحلقة الأضيق للنظام، وإن كان في جانبه الاقتصادي والتي لا بد ان يكون هذا الصراع موجوداً في جوانب أخرى بانتظار اللحظة التي تعبر عن نفسها، اضافة الى قانون سيزر التي من المقرر ان ينفذ في الشهر السابع  لهذا العام والذي سيكون كارثية على النظام وعلى كل مؤيديه الكبار من ايران وروسيا أيضاً.
كل هذه المؤشرات تشكل ربما برأينا دلالات قوية وواضحة على قرب انهيار النظام.
7-5-2020

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…