ندامة القرماني

كاسي يوسف

في السياسة، لتبقى غير ذي
خاسر، كل شيئ مباح
ولكن!
لا اخفي اني تالمت كثيرا عند قرائتي لتصريح الاستاذ
حميد درويش، حول ندمه لانه لم يستمر في تواصله مع نظام الاسد، ورغبته في اعادة
الحياة, الى التواصل [القديم] من جديد.  
بعد ان ثبت الاسد الاب حكمه،
تتالت المخططات التعريبية في مناطق الكورد في سوريا، من الحزام العربي, الى تثبيت
الاحصاء الاستثنائي، الى طرد الطلبة الكورد وفصلهم من المعاهد والكليات، ومنع توظيف
الكورد ، ومنع اللغة الكوردية، واتمم ابنه بشار سياسة الغدر, بقتل الكورد كاسلوب
جديد ، منذ آذار ، اي قبل اشتعال الانتفاضة السورية ,وقبل ان يُعتمَد القتل
كبرنامج لانهاء الرفض الشعبي لسياساته,على كامل الارض السورية, كان وصفة معتمدة
التطبيق على الكورد.
 ان هذا الرئيس الذي يحكم سوريا بالدم والنار، لو لم يكن عدوا للكورد اولا وقبل كل
السوريين، ولو انه كان قد ابقى على قرية ولم يشرد اهلها، او مدينة ولم يفجر فيها
حقده الاعم، او انه لو كانت هناك وسائل المواصلات، وطرق آمنة غير الجو بين
كانتونات العار, الملبسة بالوان قوس قزح الاصطناعية, تلك الكانتونات التي تشارك
الحزب الديمقراطي التقدمي, قبل اعلانها مع ال ي ب ك في التمهيد لخلق مناخ مناسب
لاعلانها, عندما انشئ فصائل مسلحة بالتنسيق مع ال ي ب ك , وقدم كوكبة من شهداءه في
درب الكنتنة فمزجت دماء رفاق الحزب المذكور بدماء ال ي ب ك الممزوجة هي الاخرى مع
دماء الجيش الوطني, والجيش العربي السوري, في مواجهة {الارهاب}؟؟
او على الاقل
لو ان هذا النظام اقر ولمرة واحدة بذنبه , وذنب ابيه, وطائفته في تعطيب الانسان
السوري, والكوردي خصوصا طيلة عهود حكمهم
بل لو كان هو الحاكم على سورية، دون
ميليشيات ايران واسلحة روسيا، لقلنا :بوركت نظرتك الثاقبة ايها الاستاذ حميد درويش،
وبورك سبقك التاريخي، في منازلة الندم. واختراعك للمناورة في لحظات الالم 
ولكن
مرة اخرى :
هل سيجد الاستاذ حميد ووفده القادم من {السليمانية} حيث المشورة
وتبلور الفكرة، صفحة تستقبله بالترحاب؟.
وان سقط رهانه فيما بعد, هل سيجد من
يسامحه بعد تمثيله للسباحة مع تيار المعارضة ،في حوض الصراع السوري, طيلة السنين
الاربع الاخيرة؟
وإن افلح في رؤيته ورهانه، فانه سيكون كالمرابي الذي أجمع ثروته
من ضرائبه على سكان القبور من الموتى ، ومن ذوي المغدورين في مصائبهم مقابل الترحم
عليهم.
انها لحظات غير مستقرة الشكل، بل هي الهيولى بعينها في الواقع والمعاشرة،
فهي حالة نادرة الحصول، لذلك ايضا قد يكون الاستاذ حميد درويش محترفا اكثر من غيره
،وقد يكون مالك نظرة عميقة وبعيدة، ولا يكفي ان ننتقده  فقط لانه اقر بالندم ،
وبالرغبة في التواصل مع بشار صاحب مقولة: ان الكورد نسبتهم في محافظة الحسكة
بالمائة ،تلك المقولة التي تعني الكثير، [كانتونيا]، وسوريا واقليميا ودوليا
.
فالمعارضة السورية بنسبتها العظمى ليست افضل من النظام في مقاربتها للمسالة
الكوردية, بل قد يكون النظام ,الذي عرفناه بحقده على الكورد كشركائه الايرانيين,
افضل بالمقارنة مع كثير من فصائل المعارضة, شركاء الكورد من ابناء سوريا ، كانوا
اليد الضاربة للنظام بوجه الكورد في اية محاولة لرفض الواقع الاستبدادي ، وهذا لا
يحتاج لشرح وتفصيل , فكان النظام يستفيد من النزعة العنصرية لدى بعض الفئات و
يوظفها لتاسيس جبهة [قومية عربية], لمواجهة الطموح الكوردي
فلربما يكون ما يراه
الاستاذ حميد درويش في نطقه للندم, واستشعاره بعد ذلك بضرورة العودة للحوار, مصلحة
كوردية؟؟؟
وقد تكون خطوته هي السياسة بذاتها، وقد تكون هذه الخطوة هي الاولى في
كثير من اخريات ، معلنة وغير معلنة في درب الندامة، والبحث عن الكرامة 
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…