البارزانيِ في قلب العاصفة … منصبُ رئاسة أم استكمالُ مهام…؟

عبدالرحمن كلو 
  الساحة السياسية في كوردستان العراق تشهد الآن
جدلاً سياسياً حول انتهاء فترة ولاية رئيس الاقليم في 19 آب 2015 بعد التمديد
التوافقي لمدة سنتين لمرة واحدة غير قابلة للتجديد، من الناحية القانونية “تكون
ولاية رئيس الاقليم اربع سنوات ويجوز انتخابه لولاية ثانية” فقط ولا يسمح له بالترشيح لولاية ثالثة والتمديد
الأخير لمدة سنتين جاء بالاستناد الى القانون رقم 19 لسنة 2013 المعروف باسم قانون
تمديد ولاية رئيس الاقليم. 
 

هذا في الجانب القانوني، لا خلاف عليه ولا يمكن الاجتهاد فيه، لكن
فلنبحث في الجوانب الأخرى من الموضوع، أين هو موقع كردستان العراق في الجانب الأمني والسياسي من المشاريع
الاقليمية الآن؟ ما هي المخاطر التي تهددها؟ وأين هي حركة التحرر الوطني
الكردستانية الآن وهل استكملت مهامها؟

 من المسلم به أن
الادارة تحتاج إلى قوانين ناظمة للحياة
السياسية والاقتصادية والثقافية وعليها فتسنم المناصب بدوره يخضع لمنظومة هذه
القوانين، لكن علينا الادراك أن لكل مرحلة قوانينها  الخاصة بها والقوانين تستنبط من راهنية الحالة
الموضوعية للوطن والشعب والدولة وهي وضعت من أجل هذا الثالوث أولاً وأخيراً،  ولن أدخل في تفاصيل حيثيات القوانين
واستثناءاتها إلا أنني أجزم بأن الدساتير والقوانين الناظمة لها تتعرض لحالات الوهن والضعف قد تصل إلى درجة
الغيبوبة أو الموت السريري في منعطفات استثنائية، مما تكون عاجزة تماماً عن توفير
مستلزمات الأمن الوطني في ظل القوانين التي سنت في عهود الحالة الطبيعية لمنظومة
حماية المواطن وأمن الوطن، والجميع يعلم أن الشرق الأوسط عموماً يمر بحالة
اللاقانون والفوضى إلى درجة أن ما كان يسمى بالسيادات الوطنية قد انتهكت من كل
جانب، حتى ضمن الدولة الواحدة بات لكل فريق دستوره الخاص يعمل به على قاعدة
الاصطفافات الاقليمية والدولية بحسب الانتماءات القومية والمذهبية والعرقية،
وكردستان ليست بمنأىً من هذا الصراع إن لم تكن في قلبه، إذ تعيش اليوم حالة مخاض
انتقالية، وطناً وكياناً سياسياً، والأمة الكردية في الأجزاء الأربعة أمام أشرس
حرب إقليمية تهدد وجوده القومي في الوقت الذي لم تنجز فيه مهام مرحلة التحرر
القومي والوطني كما أن الشعب الكردي يعيش حالة حرب حقيقية في الجنوب والغرب.
 

وعلى وقع هذه الدراما التراجيدية الشرق اوسطية ومفاعيلها سياسياً
وعسكرياً وأمنياً، وتداعياتها المباشرة على العراق وسوريا
نرى الكثير من مستجدات الخروج عن السياقات القانونية والدستورية  والتي يمكن تسميتها بمرحلة اللاقانون أو
الفوضى، لذا لا يمكن الاحتكام إلى الانتقائية في تطبيق الدساتير والعهود أو
المواثيق، أي في الوقت الذي يطلب فيه البعض التطبيق الحرفي للدستور نصاً
وروحاً في المادة القانونية المتعلقة
بمنصب رئيس الاقليم، في الوقت ذاته يسمح بالاعتداء على ما قد شرع الدستور من أجله، بالمساهمة في تمزيق جغرافية الوطن كما يفعلها  البعض في شنكال وذلك بدعم ميلشيات مسلحة خارج
منظومة البيشمركة ورفع أعلام غير العلم الوطني الكردستاني ومحاولة فصلها عن الاقليم، وأيضاً في كركوك وجلولاء، وفق أية مادة
قانونية من دستور الاقليم يدخل الإيراني قاسم سليماني قائد فيلق القدس إلى جبهات
القتال مع البيشمركة في هذه المناطق ومن دون علم قائد قوات البيشمركة أو وزير
البيشمركة؟ وماهي المادة الدستورية اللبنانية التي سمحت  لحزب الله التدخل في معارك سوريا ؟ وما هو
الوجه القانوني الدولي الذي يشرع لإيران بالدخول المباشر في معارك اليمن
والاستيلاء على مفاصل الدولة ؟ أو ليست إيران هي التي تحكم العراق الآن أين
الدستور العراقي من ذلك؟ وهل السيستاني نفسه يحمل الجنسية العراقية ؟ ومن يدير
المعارك في سوريا أليست إيران نفسها؟ هل حافظت داعش المنظمة الارهابية على ما تبقى
من” سيادات “العراق وسوريا؟ وفي الجانب الوطني الكردستاني ألم ينخرط
المتطوعون من القيادات السياسية المدنية للإقليم في صفوف البيشمركة وعلى أرفع
المستويات ويشاركون الآن في المعارك وفي الخطوط الأولى؟  نعم كل ذلك يجري من خارج السياقات النصية
للدساتير والقوانين، ولكنها وقائع على الأرض ولا يمكن تجاهلها، وإذا ما ناقشنا
الموضوع من زاوية أخرى وسلمنا بأن الاقليم يمتلك العديد من القيادات الوطنية
الكفؤة والمؤهلة للمنصب وباستطاعتها قيادة الاقليم على كافة الصعد الادارية
والسياسية والعسكرية، فهل يمكن تجاوز الجانب التاريخي لشخصية الرئيس بارزاني
الكاريزمية الذي يلعب الدور الأساس في ترتيب البيت الكردستاني في الأجزاء الأربعة
من كردستان، خاصة وأن المهام الوطنية والقومية لم تعد ضمن حدود الاقليم بل تجاوزنه
إلى أبعد من بغداد أو دمشق … في ظل عاصفة هوجاء طالت الشرق الأوسط برمته،
والبارزاني في قلب العاصفة وهو ليس أمام تحديات تجديد ولاية لتسنم منصب رئاسة،
بقدر ما هو أمام استحقاقات مرحلة انتقالية واستكمال مهام .

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…