للصمت احيانا تعبير اعمق

 محمد قاسم ” ابن الجزيرة” 

في ظروف اشتداد الأزمات ترتبك
الأشياء ولا يسلم التفكير من ذلك. فالأحداث قد تكون ضاغطة في المستويات كلها كما هو
الحال في سوريا. ومن عيوب السياسيين ” الأنانيين” إنهم بدلا من العودة الى الذات
-الى جوهرهم الانساني الايجابي لإنقاذ الشعب والبلاد من التخريب والتدمير في
الجانبين المادي والمعنوي … يتجهون إلى أسوأ الخيارات كالاستعانة بالأعداء والدفع
نحو اشتداد الأزمة بخلط الأوراق ،ومنهم من يكون قد أمّن على ذاته بالهروب من منطقة
الازمات ،ورهن نفسه لمن يحميه ويغذيه على حساب دوره في اشعال الأزمة بنار الفتن…
هي حالة ذلك الذي دخل العمل السياسي تحت تأثير جهل لم يحسن الخروج من تبعاته، او
بدفع ممن احتواه تحت جناحه منذ الأيام الأولى لحياته الحزبية، فأصبح مجرد ببغاء
يحمد ويمجد باسم ولي نعمته . وهذا الخير يزهو كالطاووس بريشه ظانا انه فعلا كما
يوصف . وتضيع القيمة النضالية -في هذه الحال- فيصبح الأداء السياسي :
 * تسلية بحياة البسطاء بعناوين كبيرة تصعق مشاعرهم الرقيقة وآمالهم الندية في
التحرر مما هم فيه… لخدمة أهواء مبتذلة لا تستحق هذه المغامرة التائهة
والتافهة.
 * و انزلاقا الى فخاخ الأعداء مباشرة او بشكل غير مباشر غفلة
وغباء… وهنا تصبح الأذية اكبر . فإنه يمارس الضلال والتضليل بحق قضية يعلنها
ظاهرا ، و هي ذات مشروعية يهدرها بدريهمات او ربت على كتف فقد أعصاب الحس
بالمسؤولية فيه، عن قضية أمة ينتمي اليها، ومستقبل اجيال (من بينهم اولاده
واحفاده… )فكانه يعادي نفسه من حيث يدري ويرضى خنوعا، او لا يدري لسوء نظر وقصره،
وغلبة الهوى في نفسه التائهة والمتهافتة على أمان فاسدة واوهام لا تلبث ان تتلاشى
مع استغناء العدو عنه عند انتهاء الحاجة اليه وربما يُخفى في غياهب السجون او بطلقة
رصاص ليدفن معه بعض أسراره …
 هل من الضروري ان يكون المرء سياسيا ويرتقي
مناصب حزبية ثم يرتهن لأعدائه على حساب أـبناء وطنه -ومنهم اولاده واحفاده- ؟ ألا
يمكن له أن يرتزق من عمل آخر ويبقى أشرف في نظر نفسه وابناء امته؟! هذا الميل الى
الصخب والظهور باي تجل -وان كان مسيئا – ماذا يبرره؟ هذا الاقتحام لعمل لا يتقنه
ولا يحسن ان يكون فاعلا نزيها فيه، ما الذي يبرره سوى حالة نفسية -ان لم تكن مرضا
فهي اقرب اليه-؟ في مثل هذه الأحوال نصح مفكرون وعلماء في تاريخ قديم … باللجوء
الى صمت لعل بعضهم ينتبه الى ان الصمت له تعبير -ربما اغنى وانصع… على الأقل
“لايصب على النار زيتا”. فالحركة والضجيج وحيوية الفعل…ما لم تحقق مرجوا يصبح
زيادة في ارباك المشهد. 
ديرك- 23/8/2015 – 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…