هل سيتحول ترامب من رئيس الى قائد؟

الدكتور عبدالحكيم بشار
المؤسسات في الدول الغربية والولايات المتحدة الامريكية ذات الانظمة الديمقراطية الراسخة والتي تقوم على بناء مؤسساتي كبير ونوعي وكفؤ هي التي تصوغ مسودّات القرارات والخيارات الممكنة والبدائل في مختلف المجالات سواء أكانت داخلية أو خارجية، كلٌ بحسب اختصاصها.
ويتم اختيار افضل السيناريوهات المطروحة على الرئيس او رئيس الوزراء، حسب طبيعة النظام إذا كان رئاسياً أو برلمانيا ليختار منها الرئيس الانسب وقد يضيف اليها بعضاً من أفكاره بعد الاستشارة مع مساعديه، ليصبح بعده قرارا رئاسيا نافذا إذ لا يمكن للرئيس او رئيس الوزراء ان يكون ضليعاً بالسلاح وعلوم الطبيعة والبيئة والضرائب، وكل الأمور في الدولة، بل يستند الى مجموعة كبيرة من المستشارين في كل حقل لصناعة قراراته.
بالعودة الى عنوان المقال، فالولايات المتحدة معروف عنها أنها دولة مؤسسات عريقة، ترسم كلُّ مؤسسة استراتيجيات بعيدة المدى وفق اختصاصها، وهذا ما سار عليه العديد من رؤساء أمريكا من بيل كلينتون الى باراك اوباما، وخاصة فيما يتعلق بسياسة احتواء ايران التي رسمتها الدوائر المختصة لصناعة القرار ليتبنى رؤساء امريكا تلك السياسة التي اعتمدت الاحتواء المزدوج لإيران، وأثبتت فشلها الذريع، هؤلاء الرؤساء رغم نجاحهم في الكثير من القضايا إلا انهم فشلوا في التعاطي مع الملف الايراني، وفِي صياغة قرارات تاريخية حول هذا الموضوع، قد يكونون قد نجحوا كرؤساء في مهام أخرى، وتصدوا لإنجاح ملفات تهمُّ الشعب الأمريكي، لكن فيما يبدو ان السيد ترامب لا يتصرف وفق تلك القاعدة، رغم أنه يتشاور مع أصحاب الشأن المختصين إلا أنه يتخذ قراره وفق ارادته ومنطقه، ويطلب من مستشاريه صياغة سيناريوهات وفق القرار الذي ينوي اتخاذه، واذا صح هذا التحليل الذي بدأنا نتلمسه، خاصة اذا اتخذ السيد ترامب قراراً بتحجيم قدرات ايران بشكل نهائي بعكس الرؤساء السابقين، وهذا غير ممكن إلا بمواجهة هذا النظام عسكرياً، وتحطيم عناصر قوته وبطشه وإرهابه وتوفير الارضيّة اللازمة لإسقاطه اذا اتخذ السيد ترامب هذا القرار بعكس أسلافه في البيت الابيض، وبعكس رغبة وتوجُّه المؤسسات الامريكية على مدى عشرات السنين، نقول حينها ان السيد ليس رئيساً يدير البيت الأبيض والدولة الامريكية فحسب، بل هو قائد، يصنع التاريخ من جديد.
فهل يفعلها السيد ترامب، ويتخلّص العالم من بطش واستبداد هذا النظام الطائفي المجرم؟ 
6/6/2018

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…