د. ولات ح محمد
اليوم فتح مركز طبي في هولير أبوابه أمام الراغبين في التبرع بدمائهم لإرسالها إلى المصابين والجرحى جراء العدوان التركي على روجآفاي كوردستان. شاهدنا على شاشة إحدى القنوات التفزيونية متبرعين بدمائهم من مختلف مدن إقليم كوردستان، هولير ودهوك وسليمانية وكركوك إضافة إلى الشباب الكورد من اللاجئين من روجآفا نفسها. هكذا يدخل دم كوردي من الجنوب في شرايين كوردي من الغرب ليساعده على الحياة من جديد والعودة إلى المقاومة من جديد.
هذا المشهد ذكرني بالدكتور سليمان المتخصص في نزع الألغام الذي قدِم قبل ثلاثة أعوام من شمال كوردستان للمساهمة مع بيشمركة جنوب كوردستان في محاربة داعش، حتى انفجر به أحدها فاختلط دمه الزكي بتراب جنوب كوردستان ودماء الشهداء من البيشمركة. أما دماء شباب روجآفا فلطالما روت تراب كوردستان في جهتيها الشمالية والجنوبية.
حكومة إقليم كوردستان كانت قد أعلنت منذ اليوم الأول جاهزية مشافيها لاستقبال المصابين والجرحى جراء العدوان التركي على. كما أعلنت عن تحضيرها لإرسال شحنات من الأدوية والمستلزمات الطبية إلى هناك روجآفا، في الوقت الذي تخلى عن الكورد (إنسانياً) حتى ما تسمى المنظمات الإنسانية وحتى حكومة بلدهم التي لا يهمها سوى استرجاع السيطرة على جغرافية المنطقة. كما شهدنا مظاهرات في جنوب كوردستان وشرقها في مدينة سنه وغيرها تضامناً مع أشقائهم في الغرب وتنديداً بالعدوان التركي، ما أدى إلى اعتقال بعضهم على يد السلطات الإيرانية.
نعم الدم الكوردي واحد حتى لو فرق السياسيون بين أجزاء ذلك الدم، إما لجهلهم أو لحساباتهم الضيقة الحزبية والشخصية. الدم الكوردي واحد ومصيره واحد، ونجاح أي كوردي في أي مكان هو نجاح للآخر وأي فشل هو فشل للجميع حتى لو أراد بعض الساسة غير ذلك وردده وراءهم بعض الجهلة والمغرر بهم. العدو يعامل الكوردي فقط على أنه كوردي يطالب بحقه بغض النظر عن منطقته الجغرافية أو الجهة السياسية التي ينتمي إليها. هكذا يستجمعون قواهم المتناحرة من أجل القضاء على حلمك أيها الكوردي، وهكذا يجب أن تستجمع قواك المختلفة لتدافع عن وجودك.
لقد أثبتت التجارب القريبة والبعيدة أن الضامن الوحيد لحق الكوردي هو وحدة خطابه وموقفه واتفاقه على مصالحه العليا وقضاياه الكبرى، فبذلك وحده ستفرض أيها الكوردي احترامك وكلمتك على العالم وبذلك وحده ستنتزع بعضاً من حقوقك. أما الآخر(الصديق أو الحليف الواقعي أو المفترض!!) فله مصالحه ونزعاته وميوله وعواطفه التي غالباً لا تلتقي مع ميولك أيها الكوردي ومصالحك، ولذلك سرعان ما ينكشف الوجه الحقيقي للشريك أو الحليف المفترض القريب والبعيد الذي ينقلب ضدك حتماً.
الدم الكوردي واحد وحلمه واحد ومشروعه واحد وعدوه واحد .. ومصيره واحد. إما أن نفهم هذه المعادلة البسيطة وإما أن لا نلوم غير أنفسنا.