محمد مندلاوي
إن منطقة الشرق الأوسط؛ كانت ولا زالت موطناً للصراعات والحروب بين مختلف الأمم الطامعة بثرواتها وبموقعها الاستراتيجي، وقلب هذه المنطقة الحيوية التي تفصل بين قارتي آسيا وأوروبا، وتحوي فوق أرضها وفي باطنها على كل مفردات الحياة التي يحتاجها الإنسان لإدامة حياته وفي مقدمتها المياه هي كوردستان موطن الشعب الكوردي العريق، فلذا كانت كوردستان ولا زالت تسيل إليها لعاب العرب، والفرس، والأتراك وغيرهم من الشعوب التي في أقاصي الأرض. تارة يصبح شعبها الجريح طُعماً لرماح الفرس الهخامنشيين باسم الآريين، وتارة تأخذهم سيوف العرب باسم الإسلام، وتارة أخرى هدفاً لسهام الأتراك القادمون من طوران بكل مسمياتهم المقززة كالمغول والتتار والصفوية والقاجارية
وفي العصر الحديث أصبح الشعب الكوردي ووطنه كوردستان أهدافاً لطائرات الغرب (الكافر) ودباباته التي رافقتها جيوشه الجرارة وهي التي-الغرب- استحدثت كيانات عربية، فارسية، تركية وشطرت كوردستان إلى عدة أجزاء وألحقتها بفوهة البنادق بهذه الكيانات المصطنعة. لكن الذي أخطر من جريمة تمزيق كوردستان، أن تلك الكيانات المستحدثة لم تقف عند هذا الحد، بل بدأت منذ اللحظة الأولى التي ألحقت بها جزء من أرض وشعب الكورد إلى تعريبه أو تفريسه أو تتريكه. لكن موضوعنا لهذا اليوم تحديداً هو جنوب كوردستان بما فيه المناطق المستقطعة منه بدءاً من بدرة وجصان مروراً بمندلي وقازاني وخانقين وجلولاء وكركووك التي استعربت اسمها إلى (تأميم) وهكذا استعربت غالبية الأقضية والنواحي التابعة لها وهكذا بعض المدن الأخرى استعربت أسمائها الكوردية الأصيلة كورازرو التي عُربت إلى (بلدروز) وشهربان إلى (مقدادية) وخسروآباد إلى (سعدية) وانتهاءً بشنگال التي عربت إلى (سنجار) أرجو المعذرة إذا لم تسعفني الذاكرة ونسيت بعض الأسماء الكوردية للمدن والقرى المستقطعة في هذه المنطقة التي تسمى منذ القدم عند الكورد بـ” گەرمیان= Garmyan” أي المنطقة الدافئة أو الحارة، وهذا أيضاً استعربت إلى “باجرمي” وذلك لعدة أسباب منها افتقار اللغة العربية لحرف الـ”گ = G”. وعرفت المنطقة في المصادر الـ”فهلوية = Al-pahlawya” – الكوردية القديمة التي تكلم بها الساسانيون الكورد- بـ”گەرمیان”. وكذلك السريان استخدموا قديماً ذات التسمية الكوردية “بيت گەرمی” إن اسم البيت في اللغة السريانية والعبرية يعني المنطقة، بمعنى المنطقة الدافئة. هناك مدن كثيرة إلى اليوم في لبنان وإسرائيل وفلسطين يسبق اسمها صيغة “بيت” كـ”بيت لحم” و”بيت الدين” و”بين لاهيا” و”بيت ساحور” الخ.
على أية حال، إن موضوعنا لهذا اليوم ليس الأسماء التي استعربت عنوة في المناطق الكوردية المستقطعة من قبل الكيان العراقي المصطنع، بل أنه لتحفيز الأسر الكوردية على زيادة النسل الكوردي، زيادة الإنجاب بصورة عامة في عموم الإقليم، وبصورة خاصة في المناطق المستقطعة التي استوطن فيها الأنظمة العراقية المتعاقبة على دست السلطة في بغداد الكثير من العرب..، الذين جاءت بهم من صحارى جنوب وغرب العراق. للتاريخ أقول؛ أن هؤلاء المستوطنين الهمج الرعاع بسينهم وشينهم لا يميزوا الحق مِن الباطل، المغتصب مِن المقسِط، كل الذي يهمهم أن يبقوا كالبهائم العاشبة على الأرض الكوردية المغتصبة، والمراجع الدينية الشيعية والسنية كأنها صمٌ بكمٌ عميٌ لا تحرك ساكنا في هذا الأمر الخطير، الذي ينبغي عليها أن تصدر فتوى تحرم صومهم وصلاتهم على تلك الأرض المغتصبة، التي تحرم العقيدة الإسلامية أداء الفرائض عليها.
يجب على حكومة إقليم كوردستان أن تدرس العقلية العربية حتى تعرف حقيقتهم وطريقة نمط حياتهم اليومية وأسلوب تفكيرهم؟. إن من طبيعة الكائن العربي أنه ينجب كثيراً لأنه يحب كثرة الأولاد. للعلم، حتى أن الإسلام حفز على هذا كما جاء في القرآن والأحاديث النبوية مثال: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. إنها آية تشجع الأبوين على عدم الخوف من توفير متطلبات الوليد من المأكل والمشرب والملبس. وفي آية أخرى: ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم. يقول له لا تخف رزقك ورزقه علينا – الإملاق يعني الفقر-. لكي تحصل زيادة في النسل حلل لهم القرآن الزواج من أربعة نساء، ليس هذا فقط وإباحة لهم السراري والإماء ومما ملكت أيمانهم كما جاءت في سورة النساء آية 3: فانكحوا ما طاب لكم مِن النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم. وهذا ما يؤدي إلى كثرة النسل التي تكمن ورائها القوة والانتشار في أصقاع الأرض؟. وجاءت في الأحاديث النبوية: الجنة تحت أقدام الأمهات. تشجيع على زيادة النسل. وقال أيضاً: سوداء ولود خير من حسناء لا تلد. وهذا الحديث أيضاً يحفز على زيادة الإنجاب. وفي حديث آخر عن معقل بن يسار قال: جاء رجل إلى النبي فقال إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال وإنها لا تلد أفأتزوجها قال: لا. ثم أتاه ثانية فنهاه، ثم أتاه ثالثة، فقال: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم. حتى أن الأمة التي هي مؤنثة العبد، تصبح حرة إذا ولدت من سيدها ولدا؟. هذه كلها أحاديث وأقوال تشجع على زيادة الأبناء، يا ترى لماذا؟؟ أترك لك الجواب أيها الكوردي، لكن قبل أن تجيب، تأمله واعمل فيه عقلك؟.
لاحظ عزيزي القارئ تفكير ذلك العربي في شبه جزيرته الجرداء كم كان سابقاً لعصره. في العصر الراهن قال المفكر الأمريكي (أورجانسكي): في المستقبل، إنما تكون القوة أكثر عند المعسكر الذي يكون عنده الأفراد الأكثر. وللمؤرخ الكبير (ويل ديورانت) أيضاً رأي في هذا الموضوع الهام يقول: إن زيادة السكان من أولويات التقدم. حتى إيران التي زادت نفوسها في ظرف 30 سنة حدود 50 مليون نسمة طالب مرشدها الأعلى “علي خامنئي” بزيادة الإنجاب ودعم مؤسسات الدولة للعوائل المنجبة، وحث الشباب الإيراني على الزواج وتأسيس أسرة. فالبلاد بحاجة إلى المزيد من الأطفال على حد تعبيره. وطالب خامنئي بزيادة السكان إلى الضعف لعلاج “شيخوخة الدولة” بحيث يصل تعداد إيران إلى 150 مليونا. وقبله طالب الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد بزيادة السكان إلى 120 مليون نسمة. كذلك جمهورية تتر يكا؟ التي رئيسها رجب طيب أردوغان قال: لا مساواة بين الرجل والمرأة. ثم حفزت الأتراك على زيادة النسل، وحث أردوغان الأسر التركية على إنجاب ثلاثة أطفال وعدل الرقم مؤخراً إلى خمسة أطفال، ورفض أثناء خطاب له تحديد النسل في الأسر التركية، داعياً إلى زيادة عدد الأتراك. وقال: أن تحديد النسل خيانة. ويدعمه في دعواه هذا أنصاره السلفيون في خطبهم التي يلقونها في الزوايا والمساجد يحفزون فيها المواطنين على زيادة النسل. ناهيك عن هذه الدول، حتى دولة بحجم الصين التي نفوسها حدود مليار ونصف هي الأخرى صارت تدعو إلى زيادة النسل. لقد حفزت الحكومة الأسر الصينية إلى إنجاب الطفل الثاني، مقابل الحصول على مساعدات مالية وإجازات عمل إضافية. إن القانون الجديد يمنح الأم، إضافة إلى إجازة الوضع البالغة 98 يوما، إجازة أمومة تصل إلى 138 أو 158 يوما، عدا تعويضات مالية، كما يمنح القانون الجديد الآباء إجازة سنوية مدتها 15-30 يوما. وتقول الخبر: علاوة على هذا، تقدم السلطات للأسر التي تنجب الطفل الثاني منحا مالية وخدمات إضافية. فعلى سبيل المثال، تحصل الأم التي أنجبت الطفل الثاني على تعويض مالي يصل إلى حوالي 150 دولار إضافة إلى توفير حليب الأطفال لها لمدة ثلاث سنوات.
هل رأيتِ يا رئيس حكومة إقليم كوردستان؟ كيف أن الدول المحيطة بك والتي هي عدوة للكورد كيف أنها تشجع على زيادة نسل عرقها، بينما أنت وحكومتك.. كالعادة غير مهتمين وغير مكترثين بكل هذه الأمور الخطيرة ولا بغيرها مما تشكل خطراً داهماً على مستقبل الشعب الكوردي ووطنه كوردستان. ألم تنظروا إلى مدينة حويجة التي كانت قبل عدة سنوات عدة آلاف نسمة من المستوطنين العرب بينما الآن أصبحت نفوسها نصف مليون نسمة؟. ناهيك عن سياسة التعريب البغيضة، ألم تنظروا إلى زيادة نفوس المستوطنين العرب في المدن الكوردية المستقطعة وعلى رأسها كركوك السليبة؟، يا للعجب، كأن الأمر لا يعنيهم لا من قريب ولا من بعيد!! بلا شك هم هكذا، لأن السلطة والوزارة عند هؤلاء.. عبارة عن مغنم وليست مسئولية وطنية وقومية كما هي في البلدان العالم المتحضر عند أدائها تخضع لحساب دقيق وفي إهمالها لعقاب صارم. إن الواجب القومي والوطني يحتم على رئيس السلطة التنفيذية أن يخرج من مكتبك في العاصمة هولێر (أربيل) إلى الهواء الطلق ويتفقد حال الشعب وذلك بلقاءات مباشرة معهم. نرجو هو وحكومته أن يلقوا نظرة فاحصة إلى نفوس الشعب الكوردي وبصورة خاصة كما أسلفنا في المناطق المستقطعة التي تنتقص يومياً، بينما الآخرون الذين يتربصون بالكورد في زيادة مستمرة؟؟ أن الواجب القومي والوطني يحتم عليكم في الإقليم والمناطق المستقطعة حكومةً وأحزاباً أن تشجعوا الأسر الكوردية على إنجاب أطفالاً أكثر من أولئك الأعداء المتربصون بهم حتى لا تتفوق في هذا المضمار الحيوي على الكورد، كما قلت تحفيز الكورد على الإنجاب بصورة خاصة في المناطق المستقطعة التي تعرضت ولا زالت تتعرض للتعريب بطريقة عنصرية ممنهجة.
في نهاية هذا المقال كمواطن كوردستاني أو أن أعرف، لماذا لا توجد مركز أو مراكز للدراسات في الإقليم، تدرس وتحلل وتفسر كل ما يحدث في العالم والمنطقة التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالشعب الكوردي وعموم وطنه كوردستان، أو لها علاقة محددة بالإقليم، يجب أن تدرس دراسة معمقة لكل شيء على الأرض في الإقليم والمناطق المستقطعة منه، وعلى وجه الخصوص كل ما يتعلق بالمستوطنين العرب والتركمان في كركوك المغتصبة، التي عودتها إلى حضن الإقليم تقرر مصيره ووضعه القانوني ونوع العلاقة المستقبلية مع بغداد في دولة الاتحاد الحقيقي.
28 10 2019
“إن لم تكن الأم فلا أمة إنما بالأمهات الأمم” (خليل مطران)