خالد إبراهيم
قف لِعدة دقائق و اجعل مِن نَفسكَ آلة حاسوب و لا تشخص الواقع بالألم الصادح كطلقة رصاص،
مارس طقوس التعري بِلا خجل عُد إلى الثمانينيات، وكيف كانت نشأة حزب العمال الكردستاني، وحجم شعاره بالتزامن مع الأحداث الساخنة في كردستان العراق وحكومة نظام صدام حسين وماهية أهدافها، وصراع الوجود بين البارزانيين وحكومة البعث آنذاك وكوادر حزب العمال الكردستاني من جهة جيوش صدام من جهة أخرى، و تهديدات إيران من جهة أخرى.
ثمة علاقة فيزيائية نووية تتفتح معالمها إبان سقوط نظام صدام حسين حيث كان حينها دورٌ بارزٌ بتدمير و سحق الإسلام السني المعتدل و صلادة العروبة الحقيقية ، كُل هذا بات في خطراً و سببه بروز أنياب التشيعُ ومحاربة السنة من عرب و كرد و التي لمع هذا الشيء من إيران و قنديل و النظام السوري و بدعم الحليف الروسي
ربما يبدو بعض التشعب في هذا المقال إلا أنني أعي ما أقوله أقوله وبكل جرأة وبوضوح، نظام صدام حسين كان خطراً على إيران و وعلى نظام الأسد وحتى الحكومة التركية بعد بلوغ معركة القادسية ذروة انتصاراتها على القزم الإيراني و تزامنت مع الحكم الذاتي الكردي، و سحق بؤرة الفساد في السليمانية وكسر شوكة الإيرانيين واحتلال الكويت في أقل من ثلاث ساعات .
من هنا بدتأ أنظار العالم السياسي و العسكري تصب في خدمة سقوط هذا النظام الذي اعتبره الجميع طاغية وسيما بعد صقل سماء تل أبيب و ارعاب الإسرائيليين ورجمها بصواريخ عدة، الصواريخ التي عجزَ عنها جميع حكام العرب إلى يومنا هذا وأولهم النظام التركي
كان على جميع الأنظمة الإقليمية الاتفاق سراً وتَركز هذا الاتفاق بين إيران وسوريا و تركيا وبدعم مخابراتي إسرائيلي
إيران التي لها ثأرٌ وعمره ثمان سنوات من الحرب المسعورة و الخاسرة، بالإضافة إلى الحالة الكردية المطلقة و التي بات يتحكم بها البارزاني
سوريا الحليف الأقرب طائفياً و مريدياً و الأكثر ولاءاً للحكم الشيعي، و الذي بدوره بات متخوفاً بحالة كردية تشبه نظيرتها في كردستان العراق، ولا سيما أن للبارزاني عمقاً أسترتيجياً كردياً قومياً في الأجزاء الأربعة من كردستان المقسمة والأشد تأثراً بنهجه ولا زالوا هم كرد سوريا ، وكان أحد شروط النظام التركي هي رأس عبدالله أوجلان مما جعلها أن توقف الأمداد العسكري و اللوجستي عن حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل و سهول لبنان، بعد اتفاق مع تركيا تم بموجبه طرد عبدالله آوجلان و ملاحقته من قبل مخابرات مختصة و القاء القبض عليه
حال تركيا كما حال النظام السوري فيما يتعلق بملايين الكرد في تركيا، و لا سيما تجرؤ صدام حسين منح الكرد حكماً ذاتياً دون موافقة الدولة العثمانية الجارة، و التي تتقاسم معها أكبر جزء من أجزاء كردستان الكبرى
ازدهرت العلاقة بين نظام أردوغان و الأسد الابن حيث كان مصير حزب العمال الكردستاني إلى زوال و لم يعد لهم أثر في سوريا
بعد سقوط نظام صدام حسين سادت الفوضى و الفساد، و تركز على التطهير العرقي بين مكونات الشعب العراقي بين سنة و شيعة، وكان لإيران اليد الغليظة في استلام دفة الحكم عسكرياً و سياسياً مما جعل الحكومة التركية الشعور بالقلق و التوتر و مراجعة حساباتها، و لا سيما بعد بدء ظهور الربيع العربي لإسقاط الحكومات و النُظم الجمهورية الفاسدة، حيث بدأ الجميع بترتيب أوراقه العسكرية و السياسية
ومن بينها الاتفاق على خلق داعش وزجه في سوريا و العراق، و مهمته هي خلق وجه جديد للإسلام و القضاء على العرب السنة و الكرد جميعاً
وهل هؤلاء ملاحدة وكفرة ؟
ألم تكن إسرائيل أقرب لهم من باقي المناطق التي وصلتها داعش؟
ألم يكن مسقط رأس النظام السوري أقرب من شنكال و رأس العين؟
وفي خطة استباقية من مخابرات الأسد و الروس، تمت الاستعانة مجدداً بحزب العمال الكردستاني و أوهامهم في الفترة الأولى أن المنطقة الكردية في سورية ستكون لهم، ويجب الحفاظ عليها طبعاً كان لا بد من بعض الشروط من قبل النظام و أحداها
زجهم في هول الحرب بمناطق ليست لهم و لجم التظاهرات الكردية و التي نادت باسقاط نظام الأسد أسوةً بمدن سورية عموماً
بدأ حزب العمال الكردستاني بتوزيع الأحلام و الأوهام على كرد سوريا و جعلهم كالألات الحربية التي تعمل بدون عقل وعن طريق اجهزة تحكم مركزها مخابرات دمشق و كهوف قنديل وزجهم في معارك وهمية و خاسرة كونها خارج الأراضي الكردية السورية بحجة القضاء على الغول ( داعش ) الذي ارعب العالم بقطع الرؤوس و حرق الأجساد و اغتصاب النساء و تجنيد القاصرين بعمليات مفخخة إنتحارية ولصق صورة مكروهة للإسلام الحقيقي
وعمل على أنه الأمر الناهي في كردستان سوريا وزج بين صفوفه أغلب العرب البعثيين مِن كتاب التقارير، بل كل شخص لا يَنفع في التفكير ولا في السياسة التي تحاك في المنطقة كي يكونوا قطيعاً من الدواب يسيرونهم كيفما شاؤوا و متى أرادوا وطبعاً هذا الشيء ينطبق على المغرر بهم من شباب كرد سوريا، و لا ننسى كان في كل شاردة وواردة يهطل سيل الشتائم المبطنة على قيادة حكومة إقليم كردستان العراق، وو صفهم بالانفصاليين و القائمة ستطول هنا !!.
إن العقل الباطني للإنسان الناضج يرفض أن يكون بيدقاً حين الطلب و بالتالي ليس من مصلحة النظام و لا حزب العمال الكردستاني استجلاب مثل هؤلاء بين صفوف المقاتلين الكرد
بدأت مخاوف الحكومة التركية تطفوا يوماً بعد يوم، و تبلور هذا الخوف بعدما قام حزب العمال الكردستاني بالتعاون مع الأمريكان دون إرادة النظام السوري حُلماً منهم على أنهم باتتوا أقوياء ولم تعد الحاجة للعودة لحضن الأسد خصوصا بعد قيام الأمريكان بمد حزب العمال الكردستاني بأحدث الأسلحة و ملايين الدولارات و طاردوا داعش في كل أرجاء المعمورة، وفي هذا السجور الملتهب كان على الحكومة التركية الإسراع بصقل حلمها الأزلي بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول الإقليمية مثل سوريا والعراق سابقاً، حيث قامت بإتيان كل مرتزقة الدولتين وعلى مدار الثلاثة أعوام و ربما أكثر و تهيئتهم عسكرياً وفكرياً بعد مباردة ( فخ المنطقة الآمنة ) و تبيان سياستها اللا أخلاقية بطرد أهلها الأصليين من كرد و عرب و سريان و الذي يتجاوز عددهم الخمس ملايين و سلب مدنهم وقراهم و إعطائها للنازحين و المقيمين في المخيمات التركية و التي تعود أصولهم لريف دمشق مثل الغوطة و داريا و حمص وريفها و كان الأجدر بهم الذهاب ليحرروا مدنهم من رجس نظام الأسد
هنا على ما يبدو أن النظام التركي كرس جُل طاقاته السياسية والعسكرية و المالية انتقاماً لحزب العمال الكردستاني من جهة و النظام السوري من جهة وعلى حساب الثورة السورية
إذا في المحصلة الصراع هو صراع بين الحكومة التركية وقنديل الممولة من نظام الأسد و الجميع يعلم أن لدى الدولة التركية خمسة وعشرين مليون كردي، كشعب يعيش على أرضه التاريخية و بينهم ممثلون في البرلمان التركي، والذي يتجاوز عددهم الستون عضواً إضافة إلى ذلك رؤساء بلديات و محافظات و ليس من المعقول أنه لا يوجد بين هذه الجموع مليون عاقل و مفكر و سياسي وقومي مثل آلدار خليل و مظلوم كوباني ومن لفَ لفيفهم إذ أن تفجير واحد في قلب استنبول كفيلٌ بتغيير المعادلة العسكرية القائمة الحالية
كرد تركيا يفهمون ما بين السطور أما كرد سوريا يهمهم ما على القشور، نعم كرد سوريا هم بيدر القمح الذي يجب أن يُحرق تحت ذريعة تواجد حزب العمال الكردستاني و حيث كان كرد سوريا كالبقرة الحلوب التي تغذي جبال قنديل كدروع بشرية
لطالما استخدمهم حافظ الأسد و من بعده الأبن بشار
تعالوا لنعترف أننا في كردستان سوريا لدينا مقاتلون شجعان و أبطال شباب و شابات و لكن تم استخدامهم في الزمان الغلط و المكان الغلط
العاطفة رهانٌ خاسر أمام السياسة و فوهة البندقية المأجورة وعلى الجميع أن يعلم أن ما يدعو إليه مظلوم عبدي هي فقاعات لا أكثر والاتفاق الذي يدعوا إليه هو اتفاق ملغوم وغير مفهوم ويجب أن يتم الاتفاق سياسياً قبل كُل شيء