حماقاتُ بعضُ مثقفي شعُوبنا المُعاصِرة.؟

خليل مصطفى 
في الماضي شعُوبنا… دولهُم كانت تُبْنَى على خمسٍ: تقديسُ الدِّينِ وشعائِرَهُ + تقديمُ العُلماء (الصالحين) على الجُّهلاء (المُنافقين) + تحذيرُ الطَّالحين (الغافلين) بالصَّالحين (المُلتزمين) + توزيعُ العَدْلِ مع الجُرأةِ والأمان + تكريمُ العَلِمِ (العفيف) وإبقائِه على كُرسيِّ القضاء.
 في الحاضِر… شعُوبنا دولهُم تُبنى على خمسٍ: إلغاءُ الدِّين وترك شعائِرَهُ + تقديمُ الأراذِلِ (المُتملِّقين/المُنافقين) على العُلماءِ (الصَّالحين) + تحذِيرُ الصَّالحين (المُلتزمين) بالطَّالحين (الغافلين) + توزيعُ الجُور مع الخوفِ واليأس + تكريمُ الغَافِلِ (المُنافق) وإبقائهِ على كُرسيِّ القضاء.
 أوَّلاًــ قال سيدنا علي (عليه السَّلام):
 1ــ (جمالُ السِّياسَةِ العَدْلُ والعَفْوُ مع القُدْرَةِ. ثباتُ الدُّوَلِ بإِقَامَةِ العَدْلِ. الملُوكُ حُماةُ الدِّينِ. أفضلُ المُلُوكِ العَادِلُ. لا خيرَ في قومٍ ليسُوا بناصحين ولا يُحِبُّونَ النَّاصحين. مَنْ تَهَاوَنَ بالدِّين هَانَ.) 
2ــ ( غايةُ العِلْمِ حُسْنُ العَمَلِ… كفى بالعَالِمِ جَهْلاً أن يُنَافي عِلْمُهُ عَمَلَهُ… الغِنَى عَنِ المُلُوكِ أفضلُ مُلْكٍ… مَنْ حَسُنَتْ كِفَايتُهُ أَحَبَّهُ سُلْطانُهُ.).
 ثانياًــ قال (المُؤرُخون): أن سُليمان بن عبد الملك (وهو أمير المؤمنين) حجَّ، ولمَّا قَدِمَ المدينة المنورة (لزيارة قبر رسول الله محمد ﷺ) بَعَثَ إلى أبي حازمٍ الأعرج (وهو عالِمُ دين)، فلمَّا دَخلَ عالم الدِّين على أمير المُؤمنين (وحوله جمعُ من الناس) بادره أمير المؤمنين سائلاً (أبي حازم): أيُّ القول أعْدَل.؟
 قال عالِمُ الدِّين (أبي حازم): كلِمةُ حقٍّ عِندَ مَنْ تخاف وترجو. قال أمير المُؤمنين: فأيُّ النَّاسِ أعْقَل.؟ 
قال عالِمُ الدِّين: مَنْ عَمِلَ بِطاعةِ الله. قال أمير المُؤمنين: فأيُّ النَّاسِ أجْهَل.؟ قال عالِمُ الدِّين: مَنْ باعَ آخِرَتهُ بِدُنيا غيره. 
 قال أمير المُؤمنين: مَا لكَ لا تأتِينا.؟
 قال عالِمُ الدِّين: وما أصْنعُ بإتْيانِكَ يا أمير المؤمنين.!؟ إنْ أدْنيْـتَنِي فتنْـتَني، وإنْ أقْصَيْـتَنِي أخزيْـتَنِي، وليسَ عِنْـدَكَ مَا أرْجُوكَ لهُ، ولا عِنْـدي مَا أخَـافَكَ عَليْه. 
قال أمير المُؤمنين: فارفعْ إلينا حاجَتَكَ.؟ 
قال عالِمُ الدِّين: قد رفعْتُها إلى مَنْ هُو أقدرُ مِنْكَ عليْها، فمَا أعطاني مِنها قَبِلْتُ، ومَا منعني منها رَضَيْتُ. 
ثالثاًــ يقُول (العُقلاء): مُثقفُو شعُوبنا المُعاصِرة (أغلبهُم) مُطيعُون لزُعماء وسَاسَة بلدانهم ومنهُم يُناصِرُون إدِّعاءاتهم. ومنهُم يتجرَّؤون (لحماقتهم) على قلب النَّصائِح إلى فضائِح، بل ومنهُم (لشِدَّة حماقتهم) يستمتِعُون بِتلْمِيعِ سمعة الزُّعماء والسَّاسَة.؟
أخيراًــ ثمَّة سُؤال (هام): لماذا مُثقَّفُو شعُوبنا المُعاصِرة (حاملي شهادات العِلْمِ والمعرفة) لا يُحاورُنَ زُعماء وسَاسَة بُلدانهم كما فعل عالِمْ الدِّين أبي حازمٍ (المُثقف).؟ 
السبت 30/11/2019 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

المهندس باسل قس نصر الله ونعمٌ .. بأنني لم أقل أن كل شيء ممتاز وأن لا أحداً سيدخل حلب .. فكانوا هم أول من خَرَج ونعم .. بأنني كنتُ مستشاراً لمفتي سورية من ٢٠٠٦ حتى الغاء المنصب في عام ٢٠٢١ واستُبدل ذلك بلجان إفتاء في كل محافظة وهناك رئيس لجان افتاء لسائر المحافظات السورية. ونعم أخرى .. بأنني مسيحي وأكون…

إبراهيم اليوسف بعد الفضائح التي ارتكبها غير الطيب رجب أردوغان في احتلاله لعفرين- من أجل ديمومة كرسيه وليس لأجل مصلحة تركيا- واستعانته بقطاع طرق مرتزقة مجرمين يعيثون قتلاً وفسادًا في عفرين، حاول هذه المرة أن يعدل عن خطته السابقة. يبدو أن هناك ضوءًا أخضر من جهات دولية لتنفيذ المخطط وطرد إيران من سوريا، والإجهاز على حزب الله. لكن، وكل هذا…

نظام مير محمدي* في 26 نوفمبر/تشرين الثاني، نشرت صحيفة جمهوري إسلامي الحكومية مقالاً بعنوان “الخوف من ثورة الجماهير الجائعة”، محذرة قادة النظام: “كل يوم، تتعمق الأزمة الاقتصادية؛ يزداد الفقراء فقراً، والأغنياء ثراءً، ويصبح المستنقع غير المسبوق من النخبوية الذي يجتاح مجتمعنا أكثر انتشارًا”. وسلط المقال الضوء على أن الطبقة النخبوية الجديدة “تعيش في قصور أكثر إسرافًا من قصور الشاه…

إبراهيم اليوسف   لقد أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي، في وقتنا المعاصر، منصات عالمية تتيح لجميعنا التعبير عن آرائنا، مهما كانت هذه الآراء إيجابية أو سلبية. لكن هناك ظاهرة جديدة تتجسد في ما يمكن أن نسميه “إطلاق النار الاستباقي”، وهو الهجوم أو النقد في صورته المشوهة الذي يستهدف أي فكرة أو عمل قبل أن يرى النور. لا تقتصر هذه الظاهرة على…