إيّانا و الظنّ أننا استيقظنا يوماً

المحامي عماد الدين شيخ حسن 
تهميشنا ككورد و إقصائنا كليّاً عن الشأن الدستوري و بناءه في سوريا كأهم استحقاق على الإطلاق ، ليس إلا أبلغ دليلٍ على جملة من المؤشرات أو الدلالات  ، لعل أولاها و أقساها هي تلك التي تُرينا مجدّداً و كما العادة مدى و حجم السقوط و الفشل السياسي الذريع لمن تقدّموا تمثيلنا جميعهم بمختلف آيديولوجياتهم و أطرهم و توجهاتهم ، و ثانيها و التي لا تقل قساوةً عن الأولى هي الدلالة الدامغة على استمرار العقلية الإقصائية لدى العرب في سوريا كافة نظاماً أو موالاةً و كذلك معارضةً  لبقية شركائهم في الوطن و للكورد في مقدمتهم كثاني اكبر شعب و مكوّن في سوريا .
هذه العقلية الإقصائية هي حقيقةً مرعبة و محبطة للغاية و مؤشرٌ على أن ما من أحدٍ قد أتّعظ أو اعتبر قيد أنملة من كل البلاء الذي حلّ بسوريا . 
فعدم التفاتهم جميعاً و تجاهلهم المطلق لمسألة أنّ لشركاءٍ لهم في الوطن حقٌّ في هذا الوطن و لهم حقوق و مطالبٌ و ثوابت تحتّم انضمامهم اليهم و مشاركتهم معهم في بناء الدستور ، كل ذلك و غيره يفرض أحقيتنا الكاملة نحن الكورد في المطالبة بأدقّ و أعلى الضمانات لحقوقنا و تثبيتها كشرطٍ لاستمرار العيش المشترك فيما بيننا ، و عدم ترك أدنى مسألة لعامل الثقة و مثيله من الاعتبارات ، و بالتالي تحصين حقوقنا بحصونٍ منيعة عبر آلياتٍ أهمها المبادئ فوق الدستورية و صياغة مبدأ الدولة الاتحادية أو الفيدرالية مثالاً مبدأً فوق دستورياً . 
كل ما سبق ذكره يؤكد مدى ارتباط الأمور و المسائل في هذا الصدد إرتباطاً وثيقاً ببعضها ، و كيف أن تجاهل و تهميش العرب السوريين لنا ككورد ما كان ليتحقق لولا التشتت أو البعثرة التي نعيشها و الناجمة عن جملة كبيرة من العوامل التي لا تتسع مجلدات لتفصيلها و التي تدل نتيجةً على البؤس الشديد لواقعنا بالمجمل و السياسي منه أولاً و عدم قدرتنا و بغرابة شديدة على بناء أبسط مقومات القوة و المتمثلة في الاتفاق و التقارب و التوافق فيما بيننا .و انجرار كلّ منا الى تسخير نفسه كمجرد أدوات رخيصة تباع و تشرى بيد الغير .
على الرغم من أننا بدأنا نشعر بوجود نوعٍ من المساعي بصدد تقارب الاطراف الكردية و التي و ان كانت متأخرة جداً و لم تأتي نتيجة يقظةٍ أو صحوة أو شعورٍ بالمسؤولية و إنما نتيجة فرضها عليهم فرضاً من قبل بعض الجهات الدولية كمتطلب لمصالحهم كالذي جرى سابقا في كردستان العراق ، و مع ذلك كله لا يسعنا إلا أن نعبّر عن دعمنا و أملنا في أن يتحقق هذا التقارب و التفاهم أيّا كانت بواعثه لننعم بيقين إيجابياته .
ألمانيا في ١١/١١/٢٠١٩

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…