عزالدين ملا
عمت الفوضى وإختلطت الأوراق بعد الثورة السورية عام 2011، وبدا جلياً ان سوريا مقبلة على تغيير جذري، والكورد كانوا ومازالوا ضمن التوازنات في شكل ومضمون سوريا المستقبل، عندها نادى الرئيس مسعود البارزاني إلى توحيد الصف الكوردي وتوحيد الموقف والهدف، فانبثقت من تلك المفاوضات اتفاقيات هولير 1-2 ودهوك، ولكن الخلافات بين الأطراف الكوردية أدت إلى عدم تطبيق بنود تلك الاتفاقيات، علما لو طبقت البنود بشكل سليم لكان للكورد وضع آخر على الساحة السورية، ولكن كما يقول المثل اللي فات فات نحن أبناء اليوم.
الآن وبعد كل تلك الويلات التي مرّ بها الكورد من استشهاد الآلاف ونزوح المئات من الشعب الكوردي، وخسارة الكورد لمناطقة عدة كـ عفرين وكري سبي ( تل أبيض ) وسري كانية ( رأس العين )، ما زال الكورد أمام فرصة تاريخية، وخاصة بعد ان طلب الإئتلاف المعارض في بيانه الختامي من المجلس بالاعتذار عن بيانات وتصريحات المجلس بالإدانة على الجرائم اللا إخلاقية واللا إنسانية المرتكبة من قبل الفصائل المسلحة المسمى بالجيش الحر المدعومة من تركيا.
المجلس الوطني الكردي قد أثبت وجوده في هيئة المفاوضات وفي جميع اجتماعات جنيف المتكررة، وأيضاً وجود عضو له في اللجنة المصغرة لدراسة دستور جديد لسوريا، وغير ذلك من الجولات واللقاءات الكثيرة من قبل لجنة العلاقات الخارجية للمجلس مع العديد من ممثلي الدول وعلى مستويات رفيعة، وهنا المجلس أمامه خيار وحيد، بالطلب بانشاء منصة كوردية كـ تلك المنصات التي أنشت من قبل مجموعات صغيرة “منصة قاهرة، منصة موسكو، و… و… )، وان تكون المنصة الكوردية مقرها مدينة هولير عاصمة إقليم كوردستان، حيث تُعدُّ هولير عاصمة ذات سيادة، ولها مكانة اعتبارية على المستوى الإقليمي والدولي، ولها بصمة في كل ما يجري على الساحة الإقليمية.
علماً ان الائتلاف المعارض لو لم يحسب حساب للمجلس وأهمية الكورد في التوازنات المستقبلية لَعمل بشتّى السبُل على طرد المجلس وإلغاء عضويته من الائتلاف، لذلك على المجلس ان يعي ثقله وثقل الكورد في أي توجه مستقبلي، وخاصة بعد الإدانات على المستوى العالمي للهجوم البربري التركي والفصائل الارهابية المدعومة منها ورفض الجميع للأعمال الإرهابية لتلك المجموعات في المناطق الكوردية والتي يمكن وصفها بالإبادة الجماعية لا يقل عن إبادة العثمانيين للأرمن سابقاً، وان يستغل المجلس تلك الإدانات ويعمل بشكل دبلوماسي، وايضا الاستفادة من الخلاف القائم بين الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات المتحدة وبين تركيا.
لذلك على الحركة الكوردية ان تقدّر ثقلها ودورها في التوازنات القادمة، وعليها ان تعي ان مصالح الدول الكبرى وخاصة الأمريكية والروسية تمر وتتلاقى مع مصالح الكورد.
والفرصة ما زالت موجودة، وهولير حاضنة لكافة القوى العالمية الحليفة للكورد، وعلى المجلس العمل وبشكل جدي بإنشاء منصة كوردية في عاصمة إقليم كوردستان وتحت رعاية الرئيس مسعود البارزاني، وفتح الباب أمام جميع الأطراف الكوردية، وحل جميع الخلافات العالقة، والعمل في اطارٍ واحد وجبهة واحدة، فـ “بوجود إطار كوردي موحد ومستقل” ضمن المعارضة السورية سيوجه أنظار الجميع نحوها، ويتنافس جميع الأطر للاتفاق مع منصة هولير الكوردية والتحالف معها، وسيكون لنا كلمة الفصل في سوريا المستقبل، سوريا اتحادية تعددية لا مركزية، وبصوت عال علينا ان نطالب المجلس وجميع الأطراف الكوردية العمل على تشكيل هذه المنصة.