المرصد السوري يبتلع طُعماً تركيّاً

بقلم المحامي عماد شيخ حسن 
رغم الجهود الكبيرة و المهنيّة العالية للمرصد السوري لحقوق الإنسان و مديرها الاستاذ رامي عبد الرحمن ، و التي هي بلا شكّ موضع كامل تقديرنا و بالغ احترامنا ، إلا أنني أرى بأنّه وقع من خلال تقريره الخاص عن عفرين و المؤرخ ٢٩/٨/٢٠١٩ ( الرابط ادناه ) في مطبٍّ كبير من المطبات التي تعمل عليها تركيا بغاية الخبث و الدهاء لكي تتحلل من أية مسؤولية أو مساءلة قانونية أو التزام إزاء ما يجري في عفرين .
حيث ورد في التقرير و بعنوان عريض ( اقتتال داخلي و اغتيالات و انفلات أمني ، تركيا تفقد سيطرتها على الأوضاع ) ، و جاء تحت ذات العنوان (  .لم تكد القوات التركية والفصائل الموالية لها تحكم سيطرتها على “عفرين”، حتى ظهرت الخلافات وعمليات الاقتتال الداخلي بين الفصائل المدعومة من تركيا ) .
و هذا الكلام من المرصد لا يخدم للأسف  الواقع و الحقيقة في شيء ، و يدلّ على انه وقع في شرك او مصيدة  مسرحيات اقتتال الفصائل و عناصرها فيما بينها  و التي هي من إخراج الأتراك و تأليفهم ، دون ان يدرك الأبعاد و السلبيات الخطيرة لتلك العبارات من المرصد ، بدليل ان المرصد يؤكد صفة الاحتلال لتركيا و لكنه بذات الوقت ينفي و يبعد بتلك العبارات المنافية للحقيقة وصف الاحتلال عن تركيا من حيث لا يدري .
كيف ذلك …؟ لنرى …
المادة {42} من لائحة لاهاي الخاصة بقوانين و اعراف الحرب البرية ١٩٠٧ تنص على  ( تعتبر أرض الدولة محتلة حين تكون تحت السلطة الفعلية لجيش العدو ولا يشمل الاحتلال سوى الأراضي التي يمكن أن تمارس فيها هذه السلطة بعد قيامها ) .
و بالتالي هناك شرطان اساسيان لتوافر وصف الاحتلال بموجب المادة و هما : شرط السيطرة الفعلية و شرط القدرة على الادارة و فرض السلطة .
و تبعا لذلك فإن صريح ما ورد في التقرير بفقدان السيطرة التركية على عفرين و الأوضاع فيها ، ينفي عنها قانونا و صف الاحتلال و يسقط عنها بالتالي مسؤوليات و التزامات ذاك الوصف و ما الى ذلك ، 
علما ان هذا منافي للواقع و الحقيقة تماماً و قد أكدنا هذا مراراً و في اكثر من موضع و مناسبة سابقة ، و أي فصيل أو عنصر مسلح  لا يملك أدنى صلاحية إلا بموجب التوجيهات و التعليمات التركية و أوامرها ، 
علينا أن نعي بأن تركيا شئنا أم أبينا دولة لديها قدرات و خبرات كبيرة و لا سيما في مجال القانون و تعلم و تسعى  جيداً كيف تمرر جرائمها و انتهاكاتها و مآربها اللا مشروعة ، .
لذلك نختم قولنا بضرورة توخينا جميعا الحرص و الحذر الشديدين في ممارستنا لواجبنا القانوني كعلم لدقة المصطلحات و انتقاءها جانب كبير من الاهمية و الأثر .
دمتم في حفظ المولي و رعايته 
في ٣٠/٨/٢٠١٩

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…