العيد الذي تحول لعزاء.. نظرة للسيل المدمر تحت حكم الملالي

بقلم عبدالرحمن مهابادي*
مرة أخرى وهذه المرة على شكل سيل مدمر ابتلعت أقسام كبيرة من ايران الرازحة تحت حكم الملالي وألحقت خسائر بالأرواح والأموال للشعب الإيراني. وقبل ١٦ شهرا حدثت هذه الحادثة على شكل زلزال وتدمرت أقسام كبيرة من غرب ايران وتوفي المئات.
وعلى الرغم من أن كوارث مثل السيل أو الزلزال في العقود الماضية لم يكن أمرا غير مسبوق في إيران ولكن عند وقوعها كلما حدثت كارثة جديدة كلما توضحت أكثر أبعاد سجل الفساد والدمار الخاص بنظام الملالي والذي يمتد لأربعة عقود وتوضح أيضا أنه مع قدوم نظام الملالي الحاكم في ايران في عام ١٩٧٩ حدث الفيضان والزلازل المدمرة في إيران وكوارث أخرى مؤلمة.
في ١٢ نوفمبر ٢٠١٧ في الساعة ٢١:٤٨ حدث زلزال شديد بقوة ٧.٣ على مقياس ريختر في منطقة كرمنشاه وألحق خسائر بعشر مدن و ١٩٣٠ قرية تابعة لمنطقة كرمنشاه. ووفقا للتقييمات الحاصلة توفي أكثر من ٦٢٠ شخص وشرد أكثر من ٧٠ ألف شخص. وبالإضافة لذلك تعرضت حوالي ١٠٠ ألف وحدة سكنية في المدن والقرى لأضرار جزئية وكلية وأهالي هذه المنطقة لم يتم تعويضهم من قبل الحكومة فقط بل يعيشون في وضع معيشي مزر.
 وتشير الإحصائيات الأولية بأن السبب الرئيسي للاختلاف الكبير في الخسائر الإنسانية والمادية في إيران هو عدم مراعاة المعايير الأساسية في بناء المباني من قبل المؤسسات الناهبة والفاسدة التابعة للنظام من جهة ومن جهة أخرى قدم وتهالك هياكل قرى هذه المناطق التي أبقاها الحكم الديني المشؤوم في ال ٣٩ عاما الماضية في الفقر والعوز.
من المبكر الحديث عن إحصائيات وأرقام معلومة للخسائر المادية والجسدية للسيول والفيضانات الأخيرة ولكن هذه المرة فقط اشتملت هذه الحادثة على ٢٧ محافظة من ٣١ منطقة في إيران وأدت لوقوع مئات الضحايا وتشريد عشرات الآلاف من الشعب في العراء وتسببت بخسائر تصل لمئات ملايين الدولارات. ووفقا لتقارير الخبراء فإن السبب الرئيسي لحدوث السيل في إيران هو عبارة عن: تدمير الغابات والمراعي والغطاء الأرضي الطبيعي وبناء مئات السدود ليس بهدف كبح السيول بل بهدف ربحي بحت ونتيجة ذلك كان تدمير المراعي والغابات. الاعتداء على خصوصية الأنهر ومجاري السيول بسبب البناء غير المنضبط وغير المصرح به وعدم كري مجاري السيول والأنهار
وفي الوقت الذي ضرب فيه السيل أقساما واسعة من إيران والشعب الإيراني امتعض غضبا من الدور المدمر للنظام فيما يتعلق بالسيل ظهرت قوات الحرس وبقية الأجهزة القمعية الأخرى في حالة استعداد وتأهب تام ليس من أجل مساعدة الناس بل بهدف منع حدوث الحركات الاحتجاجية وفي بعض نقاط إيران قاموا بإدخال العربات المصفحة للشوارع. وبالتزامن مع هذا العمل ابتعد النظام عن عرض الإحصائيات الواقعية لعدد الضحايا وحتى أنه أعلن بأنه يجب على الأهالي في بقية نقاط البلاد تقديم مساعداتهم الشعبية للهلال الأحمر.
وفقا للتجارب السابقة فإن السبب الرئيسي وراء هذه الأفعال المتكررة للنظام في مثل هذه الحوادث هو منع التعاون واتحاد الشعب ضد النظام وايضا مصادرة المساعدات الشعبية وسرقة ونهب أموال الشعب.
وإن رؤية الفيديوهات والتقارير المتعلقة بهذا السيل توضح لنا مدى ابتعاد الحكومة عن الشعب بشكل جيد. في أي من هذه المشاهد ، لا تجد أي أثر لأجهزة وممتلكات الحرس وقوى النظام الأخرى تتعرض لخسائر مادية ومالية. والضحايا الأساسيون لهذه الحوادث هو الشعب أيضا.
وليس من دون سبب أن تجد الشعب لاثقة له بنظام الملالي بشكل كامل والنظام دائما خائف من مثل هذه التهديدات.
ولو حصل الشعب الإيراني الغاضب والمضطهد على فرصة أخرى لكان أسقط هذا النظام بشكل حاسم. وهذا ما يعلمه النظام قبل الجميع وأعماله القمعية توضح هذه الحقيقة لنا بشكل واضح.
العميد ايوب سليماني نائب قوات الأمن الشرطة يقول اليوم: ” إن توفير الأمن هو أهم قضية بالنسبة للمناطق المنكوبة بالسيل” ويجب توظيف كل الإمكانات والوسائل من أجل تسيير الدوريات الجوالة والثابتة بهدف منع حدوث جرائم وأضرار محتملة”.
إن البحث عن الحقائق المتعلقة بالسيل تدلنا على عمق فساد ونهب هذا النظام اللاشرعي. وإن رؤوس وأجهزة هذا النظام التي استولت على ما يقارب ٩٥% من اقتصاد البلاد يفكرون في سرقة ونهب أموال الشعب ومساعداتهم حتى في أيام الكوارث كالسيل الأخير.
في زلزال منطقة كرمنشاه في غرب البلاد تم تسجيل عدة حالات عن سرقة المساعدات الشعبية في المناطق المنكوبة بالزلزال بدلا من إيصالها للشعب المنكوب من قبل أجهزة النظام ومن ثم تم بيعها في السوق الحرة من قبل العصابات المرتبطة بالنظام.
ومن هنا فإن الشعب المنكوب بالسيل لا ينظر سوى للمساعدات الشعبية فقط على الرغم من الإمكانات الواسعة التي تملكها الحكومة وخاصة قوات الحرس لأنهم قطعوا أملهم من هذا النظام وفي كل فرصة متاحة سيضعون وجود وشرعية هذا النظام تحت تحد كبير. هم يعلمون بأن نظام الملالي في الأربعين عاما الماضية لم يجلب سوى القتل والإعدام والفساد ونهب أموال الشعب واغتيال المعارضين وبيع الوطن.
هم يشعرون جيدا بالدور المدمر الذي يلعبه النظام في تدخلاته في شؤون الدول الأخرى ومساعدة المجموعات الإرهابية غير الإيرانية ودعم دكتاتور سوريا.. لأنهم هم الضحايا الأساسيون لهذه الكوارث. ولهذا نادوا خلال انتفاضة ال ١٦ شهرا الماضية بشعار (لا لغزة ولا لبنان روحي فداء لإيران) و شعار (اتركوا سوريا بحالها وفكروا في حالنا).
السيدة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة من قبل المقاومة أعربت عن تعازيها للشعب الإيراني المكلوم وطالبت عموم الشعب الإيراني وخاصة الشبان بالاحتجاج على نهج نظام الملالي في التعامل مع السيل بأي طريق وشكل.
المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كتب في بيان صادر عنه في تاريخ ٢٥ مارس: “نظام الملالي ومسؤولوه الفاسدون وقوات الحرس ساعدوا في تشديد خسائر هذا السيل المدمر من خلال تدميرهم للبيئة ومن جهة أخرى فقد دمروا مدن وقرى البلاد من خلال نهبهم لأموال الشعب وهدرها على القمع والإرهاب والحروب وعلى المشاريع اللاوطنية كالمشاريع النووية والصاروخية وحرموا تلك المناطق من البنى التحتية الأساسية وجعلوها تقف غير محمية ومصونة أمام الكوارث الطبيعية”.
على الرغم من أن الشعب الإيراني يشعر بالحزن الآن بسبب أضرار السيول والفيضانات الأخيرة ، ولكن هناك شعلة متقدة في ضمير كل إيراني تطالب بإسقاط هذا النظام الديني واللاشرعي. وطبعا فإن آثار وتداعيات السيل الأخير تجمعت مع آثار الزلزال الماضي لتصقل غضب وإرادة الشعب لتجهزه من أجل الاستمرار في قطف ثمار الانتفاضة. الشعب الإيراني الآن يملك في صفوفه آلاف معاقل الانتفاضة المرتبطة مع المقاومة الإيرانية التي تخطو الخطوات الأخيرة في الانتفاضة وسقوط نظام الملالي.
وهذه هي الحقيقة التي اعترف بها خامنئي وبقية مسؤولي نظامه بها وأعلنوا بأن العام الجديد هو عام خطير عليهم وعلى نظامهم. لأن جميع الدلائل في إيران وخارج إيران تتحدث عن تطورات كبيرة على وشك الوقوع في العام الجديد.
نظام متهالك وغير مستقر، شعب غاضب وساخط، أجهزة قيادية للانتفاضة الشعبية جاهزة ومستعدة في أي وقت وظروف دولية وخاصة العقوبات هي عامل مساعد.
@m_abdorrahman
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.
 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…

شادي حاجي في عالم يتزايد فيه الاضطراب، وتتصاعد فيه موجات النزوح القسري نتيجة الحروب والاضطهاد، تظلّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) طوق النجاة الأخير لملايين البشر الباحثين عن الأمان. فمنظمة نشأت بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت اليوم إحدى أهم المؤسسات الإنسانية المعنية بحماية المهدَّدين في حياتهم وحقوقهم. كيف تعالج المفوضية طلبات اللجوء؟ ورغم أن الدول هي التي تمنح…