دماء دون أربعين «عن عدم إحيائنا لأربعينية شهداء الانتفاضة»

إبراهيم اليوسف
هتفت إليَّ ميدياِ قائلة :
أولم تعدني بأنكم ستحيون حفل أربعين شهداء 12 آذار
فكانت هذه الدمعة…….. الحر ى
  
مؤكد أن العام 2004 – سيظل وشماً على الذاكرة و الضمير الكرديين، بل الوطنيين , و الانسانيين , بعامة ، حيث إنه استهل كردياً بحمامات الدماء، منذ الحادي من شباط الذي هز ضمائرنا , و دخلنا بسببه دوامة من الألم – بل و الحوارات- مع عدد ممن استمرؤوا احتساء الدم الكردي , و حتى هذه اللحظة! .
إذ أننا – و قبل أن ننتهي من شبح هول هذه الفجيعة الكبرى، و الواخزة , حيث كنا لما نزل في حرم أربعينها , نتفاجأ – و على غير العادة في هكذا حالات- كما يحدث في كل العالم – بمن رشق أبناء المدينة الوادعة بالرصاص،بل الحارق ،المتفجر ،الخار ق منه , دون أي ذنب اقترفه , حيث لم يكن لنا إلا السماء.. والطارق ..!.،ليكرر ذلك في اليوم التالي أثناء تشييع جنازات شهداء يوم 12 آذار كي تضاف كوكبة جديدة إلى قافلة الشهداء , ليتصادى و يتكرر الدم الكردي في أكثر من مكان , و يبدأ مسلسل الاعتقال الاعتباطي المهين , و تعذيب الأطفال (والنساء!) و الشباب الأكراد المعتقلين إلى حد القتل..فقط.. , عبر أساليب مقيتة , يندى لها الجبين، وهو ما لا يتناسب مع طبيعة المرحلة , لا سيما و أننا-الآن – في الألفية الثالثة , التي يبرز فيها موضوع الديمقراطية و احترام إنسانية الإنسان ….!،وسقطت فيها جدوى الأساليب البربرية..، وعلى أي صعيد كان! .
 
و إذا كنا الآن , لما نزل في حرم أربعين شهدائنا الأبرار , سواء من استشهد بالرصاص، أو تحت آلة التعذيب الرهيبة , فإن هذه المناسبة لتتزامن مع مناسبة يوم الصحافة الكردية الذي يصادف 22 نيسان …! ( و هل بات بيننا صحافي كردي يستأهل حمل هذا اللقب بعد هذا الامتحان العسير والمحرج لنا جميعاً !! ) …… طبعاً ،……, و لا أدري , أية مصادفة مؤلمة هذه التي جعلت من عيد نوروز و عيد الصحافة الكردية – بل الروزنامة الكردية برمتها تحت سطوة الألم الكردي الجديد ..في هذه اللحظة من التاريخ الكردي ..ذي العلامات اللافتة .
 
من هنا , تماماً إذا كنا – نكاد نتناسى إحياء مناسبة أربعين هؤلاء الأبناء الجميلين , فإن دماءهم تلقي بسطوتها على كاهل الصحافي الكردي، نفسه , كي يشير إلى كل ذلك،وسواه …! , و حقيقة , ثمة دين كبير لتلك الكوكبة الرائعة في ذمة كل كاتب كردي ذي ضمير , كي يواجه أبواق التضليل التي راحت تصورهؤلاء : مردة – مارقين – مجرمين – دعاة تمزيق خريطة الوطن-همجيين– مسيئين إلى رايته , و داعين إلى راية أجنبية معادية ,غوغاء ستا نيين .. إلخ..، و هي أكاذيب أطلقت بدية، للتعتيم على الجرائم الفظيعة التي ارتكبت , كي يجد المدبر – فتوى – في مثل هذا التزوير – لعله يستطيع أن يؤسس لمؤامرة أكبر …
بيد أن – غياري الوطن – عربًا – و أكراداً- و سريان – و آشوريين – و شركس – و جاجان – انتبهوا إلى اللعبة القذرة – كي يقول كل منهم و على طريقته : لا … لما يخطط له …!
 
و كانت صرخة الضمائر الوطنية اليقظة ….!
 
أعزائي الشهداء
 
عاجز أمام ذكراكم
 
خجول ………………………..
 
أخجل من نفسي و ممن حولي …
 
أنتم أكبر من أ ن نتناساكم ………….
 
اعذرونـــــــــــــــــــــــــــــــــــا..رجاء…..
 
كل ورود الوطن أضعها على ثراكم واحداً … واحداً , و اعلموا أن دماءكم الغالية , تلقننا دروس الوطن , ، و تشير صارخة إلى الأيدي الآثمة التي صنعت الجريمة الكبرى، خدمة لأعداء سوريا …. و ليس ضد الأكراد وحدهم …. فحسب 
*
فضائية” ك ت ف” قدمت حلقة مهمة في ذكرى مرور أربعين يوماً على استشهاد كوكبة من شباب الانتفاضة. كان الصديق الكاتب والسياسي محمد أمين أبو كاوا داخل الاستوديو، وكنت في قامشلي، بعد انتهاء الحلقة شكرني  الراحل أبو كاوا على موقفي وقال: مع إني في الإقليم فقد قلت أكثر منا. لروحه وأرواح شهدائنا السلام..
——— 
الحوار المتمدن- العدد: 812 – 2004 / 4 / 22 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…