في السياسة والثقافة..!

 دهام حسن 
 إن من يمتشق القلم لا السيف، فوظيفته التثقيف والإصلاح والتنوير، وهذا ما ذهب إليه (فولتير)حين يقول: (إننا نستطيع تثقيف الناس وإصلاحهم بالخطاب والقلم) وأيضا هذا دليل وإشارة أكيدة على دور وأهمية الثقافة في التطور الاجتماعي، ودورها في حياة المجتمعات وتوعية الناس، والسياسة في حركتها الدائبة أساسا – إذا أغفلنا الجانب الاقتصادي كحالة طبقية- فالنضال السياسي ينبني على الثقافة، والحاكمون قبل غيرهم يدركون خطر (الثقافة) وأهميتها في تجميع وتكتّل الناس على أساس طبقي، وإقصاء السادة والملوك عن معاقلهم ومراكزهم، وهنا ما حدا لويس الرابع عشر ليقول عن فولتير وجان جاك روسو : هذان الرجلان قد دمرا فرنسا، وهو يقصد بتدمير فرنسا، تدمير النظام الملكي فيها، ومن هنا تنبع أهمية ودور الثقافة في حياة الأمم، وبالتالي تبدو واضحة مخاوف السلطات من أصحاب الأقلام، لأنهم لا يريدون سوى الثقافة الامتثالية، أي ما يلقنك المسؤول في السلطة أو حتى في الحزب السياسي، لهذا ترى الجفاء والقطيعة بينهما،
 وإننا نقصد هنا بالمثقف دوما، المثقف العضوي، المثقف الملتزم بقضايا مجتمعه، ونتجاوز بالتالي المثقف الانتهازي الذي لا يعقد عليه الآمال، فتراه اليوم معك وغدا ضدك، اعتاد التبعية والاستزلام.. إن المثقف قد ينشد السياسي المسؤول في علاقاته على أساس النضال المشترك والاحترام المتبادل، والسياسي المناضل ينشد هكذا علاقات ويجلّ قلمه الطافح بلغة النضال، وشرح الواقع الاجتماعي، وإيضاح الجانب السياسي وأشكال النضال ووجهة النظر الإيجابية السليمة، وهنا يتحقق ما يشبه التآلف والتوافق بينهما أي بين السياسي والمثقف، فيصبح المثقف في هذه الحال عونا للسياسي، ونقصد هنا بالسياسي، الواعي لقضايا مجتمعه والملتزم بالنضال لا البحث عن الجاه والمال.. علينا أيضا التنبه هنا من أن كثيرا من أحزابنا القومية ذات الصبغة البرجوازية من منبت ريفي كثيرا ما تقتبس شعارات يسارية وتتوسم بشعائر اشتراكية وشيوعية تضيفها على خليط من عقائدها القومية، فتتظاهر بالتقارب من البروليتاريا، ويتمّ هذا كلّه شكلا لا مضمونا، لكن ممارستها الواقعية تفسد هذه الروح اليسارية والعلاقات الرفاقية.. أما النظم في العالم الثالث عادة ما تضفي على السلطة طابعا استبداديا أحادي الحكم والاستئثار، وهذا يمشي حتى على من صدقّهم ومشوا في منا كب النظام كحلفاء.. هكذا أنظمة أول شيء تفكر فيه تقوية أجهزة الأمن، والطمأنة على مستقبلهم ثم البحث لا عن الحلفاء بل عن الموالاة… من هنا يأتي دور المثقفين الذين شبعوا فكرا فتلقوا غذاءهم الكافي من المعرفة، لماذا المثقف تحديدا.؟ لأنه الوحيد القادر على تشخيص الحالة، وبالتالي تنوير الناس والسياسي في المقدمة ليأخذ الموقف السياسي الصحيح في الوقت المناسب، رغم ذلك كلّه فضلا عن الواقع المزري فالسياسي الكردي تراه يلفظ المثقف الكردي المثقف العضوي الملتزم ويبحث عن المثقفين الانتهازيين الأمعة من لا رأي لهم ليتبع واحدهم بالتالي أيّ رأي مسؤول حزبي يعرض عليه ركضا وراء موقع ومال لينفق بضاعته المتدنية بناء ومستوى..! 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…