*مرحباً، من يكون الأستاذ حيدر عمر؟ و كيف تريد أن يتعرف عليك الشعب الأمازيغي؟
– شكراً استاذ منتصر لإتاحتك لي الفرصة، كي أنقل إلى الشعب الأمازيغي الصديق بعضاً من صمود و معاناة الشعب الكردي في عفرين.
ببساطة، حيدر عمر هو أحد أبناء الشعب الكوردي في غرب كردستان و سوريا، كوردي من أبوين كورديين أنجباه في عفرين عام 1952. تدرّج في الدراسة من الابتدائية إلى الثانوية في ريف عفرين و المركز، ثم التحق بجامعة حلب، حيث تخرَّج في كلية الآداب قسم اللغة العربية و آدابها عام 1974، ثم التحق بجامعة دمشق كلية التربية، و تخرَّج فيها عام 1978. ثم عمل في تدريس اللغة العربية في جزيرة مالطا و ليبيا و سوريا. اغترب في أواخر سنة 1999، فاستقرَّبه المطاف في ألمانيا الاتحادية، حيث عمل في تدريس اللغتين الكوردية و العربية إلى أن تقاعد في أوائل هذا العام 2018.
إلى جانب التعليم، اهتم حيدر عمر باللغة الكوردية، فتعلمها بجهود شخصية، و انصب اهتمامه هنا على النقد الأدبي، و ذلك لضعف حركة النقد الأدبي الكوردي، و أصدر في هذا المجال مؤلَّفات عديد، انصبت بعضها على دراسة بعض الشعراء الكلاسيكيين الكورد مثل فقي تيران (1563- 1660) و أمير الشعراء الكورد صاحب التراجيديا الملحمية مَمْ و زِين (1650 – 1708)، و جكرخون (1903 – 1984) و عثمان صبري (1905-1993)، و دراسات أخرى، منها دراسة نقدية نظرية حول بناء القصيدة تحت عنوان (صدى المشاعر).يضاف إلى ذلك ترجمات من اللغة العربية إلى اللغة الكوردية، مثل (الشخصية الكوردية. دراسة سوسيولوجية) و (كوردستان أولاً) و كلاهما للدكتور أخمد خليل، و (بقعة ضوء. من مذكرات عبدالرزاق بدرخان) من الكوردية إلى العربية. و أبحاث أخرى حول الأدب الكوردي منشورة في المجلات الكوردية في الوطن و في الشتات،هي “برس و نودم، و بينوس، و بيل و بربانك” و هي تعني على التوالي (المسألة، الزمن الحديث، القلم، الموج، الفجر).
وهو عضو مؤسس لمهرجان الشعر الكوردي في سوريا، و لجنة جائزة عثمان صبري للصداقة بين الشعوب، و هي جائزة رمزية تُمنح لشخصيات غير كوردية خدمت و عملت من أجل الشعب الكردي، وقد مُنح كل من عالم الاجتماع التركي اسماعيل بيشكجي و السيدة دانيال ميتيران الفرنسية و رجل القانون العراقي منذر الفضل و الشاعرة الأمازيغية مليكة مزَّان هذه الجائزة حتى الآن. و كذلك هو عضو في الجمعية العلمية الألمانية للتربية و العلوم في ولاية سكوسونيا السفلى، و عضو في جمعية معلِّمي كوردستان في الولاية نفسها.
* حدثنا عن الأحداث الجارية في منطقة عفرين.
عفرين مدينة كوردية تقع في أقصى شمال غرب سوريا، و هي مركز منطقة (جبل الكورد) تتبعها ستُّ نواحٍ إدارية و (365) قرية. و يبلغ تعداد سكان المنطقة كلها حوالي مليون شخص، 95% منهم كورد، و الباقي يتوزّع بين العرب و الأرمن، و تُعرَف هذه المنطقة بتسامحها الديني، ففيها الإسلام بطائفتيه السُّنَّة و الشيعة العلويين، و الديانتان الأيزيدية و المسيحية، و هي منطقة زراعية، تشتهر بكثرة أشجار الزيتون، (15) مليون شجرة، و زيتها معروف في سوريا من حيث الجَوْدة بالزيت الكردي، بالإضافة إلى أشجارالكرمة و الرمان و التفاح و الخوخ و الليمون وأنواع الفاكهة الأخرى، و يُزرع فيها القمح و الشعير بكثرة، بالإضافة إلى البقوليات. و يكثر في أراضيها الحديد و الرخام. وتمتاز بطبيعتها الجميلة حيث تكثر فيها الأماكن السياحية، يقصدها السوريون بكثافة، كما توجد فيها بعض الأماكن الأثرية كقلعة سمعان و دودَري و عين دارة التي حوَّلها القصف التركي مؤخَّراً إلى ركام، و قلعة النبي هوري و غيرها.
و تمتاز عفرين بالمستوى العالي للتعليم، حيث ترتفع فيها أعداد الخريجين الجامعيين من مختلف الاختصاصات، بالإضافة إلى حاملي شهادات الماجستير و الدكتوراة.
ماهو معروف في التاريخ أن معاهدة سايكس – بيكو الاستعمارية قسَّمت المنطقة إلى دويلات عديدة، و قد طال هذا التقسيم كوردستان أيضاً، فجزَّأتها أرضاً و شعباً بين أربع دول هي تركيا و سوريا و العراق و إيران، بحيث ترى الكورد في طرَفَيْ الحدود، و لعلك تندهش أكثر حين تعلم أن هذه الحدود قسَّمت العائلة الواحدة بين طرَفَيْها.
ما حصل في عفرين هو أنها نأت بنفسها عن الصراع و الحرب الدائرة في سوريا منذ ما يقرب من ثماني سنوات، و بعد انسحاب الأجهزة الحكومية السورية منها عام (2012)، أقام أحد الأحزاب الكوردية (حزب الاتحاد الديمقراطي) إدارة ذاتية، تولَّت إدارة شؤون السكان في المدينة و الريف، و هذا ما لم يُسرَّ الدولة التركية التي لا تخفي عداءها لكل ما هو كوردي، حتى وإن “كان في البرازيل أو جنوب أفريقيا” حسب ما يردده المسؤولون الأتراك. و السبب في ذلك هو خشيتها من أن يدفع ذلك الكوردَ في الجزء الملحق بتركيا من كوردستان، الذين يتجاوز عددهم الخمسة و العشرين مليوناً، إلى الانتفاضة و الثورة عليها. استغلت الدولة التركية استئثار حزب الاتحاد الديمقراطي بالسلطة و الثروة، و علاقته بحزب العمال الكوردستاني الذي يسعي منذ خمس و ثلاثين سنة إلى نوع من الحكم الذاتي في تركيا. و راحت تتحرَّك في الإعداد لشنِّ حرب على عفرين بحجة القضاء على الاتحاد الديموقراطي، بعد أن هيَّأت لنفسها الظروف الاقليمية و الدولية، بالاتفاق مع روسيا و إيران و صمت الأمريكان، فشنَّت حربها القذرة على عفرين.
ضربت تركيا في بادئ الأمر (أواسط عام 2012) حصاراً قاسياً على منطقة عفرين بقراها الثلاثمائة و الخمس و الستين من الشمال و الغرب، و دفعت أعوانها من الإسلاميين الراديكاليين (جبهة النصرة و داعش و غيرهما) إلى محاصرة عفرين من الشرق و الجنوب، فلم يبق لها سوى ممر ضيق في الجنوب باتجاه حلب و بلدتَيْ نُبُّل و الزهراء الشيعيتين المحاصرتين من قِبَل مليشيات الجيش الحر. و لولا الطبيعة الزراعية لعفرين لكان من الممكن أن تحدث فيها مجاعة، تودي بحياة الكثيرين من المواطنين في المدينة و الريف.
جدير بالذكر إن سكان البلدتين نُبُّل و الزهراء اعتاشوا مدة ست سنوات من خيرات عفرين التي كان يتم شحنها إليهما من أسواقها، و للأسف الشديد يستغل سكان البلدتين اليوم نازحي عفرين، و يجبرونهم على دَفْع مائة ألف ليرة سورية شهرياً لاستئجار غرفة واحدة. و هو مبلغ كبير يعجز نازحون كُثُر عن تأمينه، فيبيتون في العراء.
في صبيحة يوم 20. 01. 2018 شنَّ الجيش التركي حربه القذرة على عفرين، تتقدمه ميليشياتُ ما يُسمَّى بالجيش الحر، الذي يضم مجموعات إسلامية راديكالية إرهابية، تتبع الائتلاف السوري المعارض، الذي يسيطر عليه تنظيم (الإخوان المسلمون)، و يرتمي في حضن النظام التركي، والذي لا تختلف رؤيته تجاه القضية الكوردية في سوريا عن رؤية النظام السوري، التي لا ترقى في أعلى مستوياتها إلى ما يزيد عن حقوق المواطنة، و ترفض الاعتراف بها كقضية شعب و أرض.
إلا أن عفرين صمدت ببسالة ثمانية و خمسين يوماً في مواجهة الجيش التركي وهو ثاني أكبر جيش في حلف الناتو، و أبدى الكورد و وحدات حماية الشعب و المرأة بطولة نادرة في تلك المواجهات. إلا أن الموازين مالت لصالح الجيش التركي بفعل قوة أسلحته و حداثتها، و صمت العالم المنافق، مما دفع بوحدات الحماية و الإدارة الذاتية إلى الانسحاب من عفرين المدينة، بعد أن سيطر الجيش التركي على الريف كاملة. و هذا ما دفع سكان المدينة بالإضافة إلى سكان القرى الذين كانوا قد نزحوا من قراهم إلى المدينة، إلى النزوح منها بأعداد هائلة تجاوزت الخمسمائة ألف نازح في ظروف طبيعية بالغة القسوة.
و فتحت القوات التركية المجال لمرتزقة المجموعات الإسلامية الراديكالية لأن تنهب كل ما طالته أيديهم من ممتلكات الناس، من سيارات و جرارات زراعية و محتويات المحلات التجارية و أثاث البيوت، حتى الدجاج لم يسلم منهم، كما سهَّلت لها إسكان عوائلها و عوائل عربية أو تركمانية أخرى في قرى عفرين و بيوت المواطنين في مسعىً لإجراء تغيير ديموغرافي في منطقة عفرين/جبل الكرد كلها. كل ذلك تحت أنظارالعالم و أنظار الدولة التركية و إعلامها الذي رافق جيشها، و زوَّر الأحداث تزويرأ مشيناً، فعلى سبيل المثال يتحدث مراسل إحدى فضائياتها إلى الناس و يسألهم عن آرائهم، فيشير أحد المواطنين إلى اعتداء المرتزقة على النساء و الفتيات، ولكن المراسل يزوِّر شهادة ذلك المواطن، فيترجمها إلى اللغة التركية بأن المواطن يتحدَّث عن اعتداء وحدات الحماية الكوردية عليهن.
لم يكن ليحصل كل ذلك لولا التواطؤ الاقليمي و الدولي ضد الكورد و وحدات الحماية الكوردية و حزب الاتحاد الديموقراطي، فقد انسحبت القوات الروسية من عفرين قبل يومين من الهجوم التركي، و بدا الروس حريصين على أمن الأتراك، إذ قالوا “لتركيا الحق في تأمين أمن حدودها الجنوبية”. أما الأمريكيون فقد صرَّحوا علناً أنهم لن يتدخَّلوا في غرب نهر الفرات، و النظام السوري لم يحرك ساكناً وذلك بتوجيه من روسيا و إيران. و هكذا بقيت وحدات الحماية الكوردية وحدها مكشوفة الظهر في الميدان.
إن القوات الكوردية، البيشمركة و وحدات الحماية، قد حاربت تنظيم داعش في العراق و سوريا، ولولاهما لَما تحرَّر ما كان يحتلها تنظيم داعش في كِلا البلدين، وذلك باعتراف العالم و خاصة الأوروبيين و الأمريكان، إلا أنهم خذلوا الكورد في البلدين، ففي العراق أداروا وجوههم لحكومة اقليم كردستان و قوات البيشمركة،بعد استفتاء 25. 09. 2017، و سهّلوا للجيش العراقي و ميليشيات الحشد الشعبي احتلال كركوك و أماكن أخرى بتوجيه مباشر من الجنرال الإيراني قاسم سليماني، و في سوريا أداروا وجوههم للكورد و لحزب الاتحاد الديمقراطي و وحدات الحماية الكوردية التي لولاها لَما تحرَّرت مدينتا الرقَّة و ديرالزور من رجس تنظيم داعش. لقد حارب الكورد تنظيم داعش الإرهابي بدلاً عن العالم كله، ولكنهم لم يلقَوْا سوى الخذلان. كم هذا العالم العاهر، و خاصة أمريكا و روسيا، ناكر للجميل، يتحرَّك حسب ما تشاء مصالحه، و لا تهمُّه تضحيات الشعوب و الأمم مهما كان حجمها و نوعها!!.
هذا باختصار شديد ما يصلح لأن يكون جواباً لأسئلتكم من الثالث و حتى السادس التي تدور حول نظرتنا للهجوم التركي مدعوماً بميليشيات المعارضة السورية، و موقف الكورد منه، و التقارب التركي الروسي و الموقف الأمريكي من القضية الكردية.
* بعد كل هذه الأحداث المتسارعة في ما يتعلق بالقضية الكوردية بدءا بالاستفتاء وما تلاه وصولا للهجوم التركي واحتلال عفرين، هل يمكن الحديث عن خيانة العالم للشعب الكوردي؟
– نعم يا صديقي! خان العالم كلُّه الشعبَ الكردي. لقد حارب الكورد تنظيم داعش بدلاً عن الجميع باعتراف هذا العالم المنافق، و انتصروا عليه في كل من سوريا و العراق. ولكنهم لم يلْقَوْا من العالم سوى الخذلان. إن العالم يتحرَّك وِفْق مصالحه القائمة على التجارة و بيع الأسلحة، و هذا ما لا يستطيع الكرد حمايته و الحفاظ عليه. لا يهتم العالم بحقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها و الديمقراطية التي يتبجَّح بها ليل نهار، بقدر ما تهمه مصالحه. حدود هذه الديمقراطية تنتهي عند بَدْء مصالح الكبارغربيين و شرقيين و أمريكيين. و هذا حقيقة يجب ألَّا تغيب عن أحد، بمن فيهم الكورد. لم يحرِّك ما أصاب الكوردَ أحداً نتيجة العدوان التركي على عفرين، حتى الجيران و أخوة الدين، لم نجد منهم شيئاً، سوى مصر التي وقفت موقفاً مشرِّفاً تجلَّى في إصدار لجنة الشؤون العربية في البرلمان المصري بياناً شجبت فيه العدوان التركي و أدانته، و دعت مجلس الأمن الدولي إلى اتخاذ قرار فوري بإلزام تركيا سحب قواتها من سوريا و العراق. أما الأمم المتحدة ممَثَّلة في شخص أمينها العام، فقد اكتفت بالتعبير عن قلقها مما يحدث في عفرين.
*كيف تنظرون لتعامل النظام والمعارضة السورية معا مع هذا الهجوم؟
– أعتقد أنني قلت فيما سبق، إن النظام، و بتوجيه من روسيا، لم يتحرَّك، سوى أنه أدان العدوان التركي و ذلك على لسان مندوبه الدائم في الأمم المتحدة. أما ما عدا هذا، فلم أسمع عنه شيئاً.
أما المعارضة السورية متمثِّلة في الائتلاف السوري، فقد باركت الحرب التركية القذرة على عفرين، بدعوى تحريرها من حزب الاتحاد الديمقراطي، لكأن هذا الحزب ليس كوردياً و ليس سورياً، و لكأنه قوة احتلال تحتل أرضاً سوريةً. حتى إنها لم تتخذ موقفاً تُجاه الضحايا من الأطفال و النساء و الآخرين من المدنيين و تدمير القرى و بيوت الناس الآمنين و الأماكن الأثرية، مثل عين دارة، التي تختزن تاريخاً يرقى إلى ما قبل الميلاد بأكثر من ألف عام. و لم تمنع ميلشياتها عن سرقة و نهب ممتلكات الناس من سيارات و جرارات زراعية و محتويات المحلات التجارية و أثاث المشافي و المنازل و أدوية الصيدليات، و حتى دجاج القرويين و الفلاحين لم يسلم من تلك الميلشيات. كما لم تمنع أو تصدر بياناً تشجب فيه و تستنكر ما يحصل في عفرين و ريفها من تغيير ديموغرافي يطال العقارات السكنية، و قد يلحق العقارات الأخرى من زراعية و صناعية. أية معارضة هذه التي لا تصون ممتلكات المواطنين، و عينها فقط على حكم البلاد و العباد؟!
* هل تبخر حلم إقامة إدارة ذاتية للكورد في سوريا؟
– لا. قطعاً. بدليل أن هذه الإدارة مازالت قائمة في كوباني و قامشلو، رغم ما يعتريها من نواقص، و ما يشوبها من سلبيات، لعل أهمها سيطرة حزب واحد عليها هو حزب الاتحاد الديمقراطي، و إلى جانبه و تحت إبطه بعض الأحزاب الصغيرة التي لا ثِقَل لها بين الكورد، و استبعاد أحزاب أخرى لها جماهيرها العريضة في المجتمع الكوردي. إذا كان حزب الاتحاد الديمقراطي يريد الاحتفاظ بإدارته الذاتية هناك، عليه أن يعود إلى حاضنته الكوردية، و يكف عن الضغط على الأحزاب التي لا تتفق معه في نهجه الفكري، و يدعوها إلى المشاركة في الحكم.
*كيف تنظرون للعلاقات الامازيغية الكوردية ؟
– في الحقيقة، العلاقات الأمازيغية – الكوردية حديثة العهد، و لعل التعتيم الإعلامي العربي الرسمي يحمل العبء الأكبر في هذه الناحية، حيث لم تتطرق وسائل الإعلام العربية إلى الشعب الأمازيغي إلا نادراً، يضاف إلى ذلك عدم إدراج هذا الشعب لا في الخارطة السياسية و لا في المناهج التعليمية. أقول هذا دون أن أبرِّأ المثقفين الأمازيغ و الكورد من التهاون في العمل على تعريف هذين الشعبين العريقين ببعضهما.
إن الأمازيغ شعب عريق، يتشابه و الشعب الكوردي في أمور كثيرة. كلاهما شعب أحتُل وطنه، و قُسِّمَ بين دول متعددة، ومنع المحتلون لغته و ثقافته. كلاهما شعب خدم غيره ثقافة و علماً. و ظهر بينه شعراء و أدباء و علماء و مؤرخون، و يكفي الأمازيغ فخراً أنه شعب أنجب ابن خلدون أول مؤسس لعلم الاجتماع في العالم كله. وكلاهما شعب يمتاز بالوفاء و الإخلاص، و الشجاعة و البطولة و سرعة الغضب و العِناد و عشق الحرية.
من هنا أدعو المثقفين الأمازيغ و الكورد إلى بناء علاقات متينة، يتبادلون من خلالها الخبرات و يشكلون جسور التواصل بين الشعبين. و هذه مهمة نبيلة عليهم أداؤها.
*هل يمكن لهذه العلاقات أن تتطور أكثر لِما يخدم الشعبين معا؟
و لِمَ لا؟ لقد أتاحت التكنولوجيا الحديثة من خلال وسائل التواصل الاجتماعى آفاقاً رحبة، يمكن لكلا الشعبين استغلالها لصالح بناء علاقة ثقافية وثيقة قادرة على بناء أوثق الصلات بينهما. و لعلك توافقني الرأي في أن هذه الإنجازات العلمية قد قطعت الطريق على المسافات، فلم يعد مثلاً الأمازيغ و الكورد، كذلك كل الشعوب الأخرى أسرى المسافات، لقد أصبح في مقدور المرء أن ينتقل بكبسة زرٍّ من أقصى مشارق الأرض إلى أقصى مغاربها و هو جالس في بيته و أمامه الكومبيوتر و خطوط الأنترنيت. و من جهة ثانية، أعتقد أن ما بين الأمازيغ و الكورد من صفات مشتركة كالتي أشرتُ إليها، تصلح لأن تكون أرضية مناسبة لبناء علاقات جيدة. و لعل تكريم لجنة جائزة عثمان صبري الشاعرة الأمازيغية السيدة مليكة مزان بجائزتها في السنة الماضية يدخل في هذا الإطار.
*كلمة ختامية؟
الحديث إلى الأمازيغ و معهم شيَّق، يكاد المرء يتمنى أن يطول ما أمكن. إلا أن أي حديث لا بد له من نهاية. أشكركم على إتاحة هذه الفرصة لي، كي أطلع الشعب الأمازيغي الصديق إلى ما آلت إليه حال عفرين، و أحمل إليه صدى معاناته من جرَّاء العدوان التركي الغادر. و آمل أن تزول هذه الغيمة عن سمائها، لنلتقي في غير هذه الأجواء، فنزور معاً مصايف عفرين و بحيرة سدِّ ميدانكي على نهر عفرين، نستمتع بجمال طبيعتها الخلابة، و نستشق من عبيرها المنعش. شكراً لكم، تحياتي إلى الشعب الأمازيغي.
* نُشر الحوار في صحيفة «العالم الأمازيغي» التي تصدر في المغرب