سقطوا شهداء لكنهم لم يتراجعوا

بقلم: هدى مرشدي*
(بمناسبة الذكرى السنوية للهجوم الوحشي في 28-29 يوليو 2009 على أشرف)
أشرف مدينة تقع على بعد ٨٠ كيلو مترا من الحدود الإيرانية حيث كانت مقرا لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية حتى العام ٢٠١٣ على مدى أكثر من ثلاثة عقود وفي 28 يوليو تعرض لهجوم شنه عناصر خامنئي والمالكي العملاء.
في تمام الساعة ١٥ بالتوقيت المحلي بدأ الهجوم الوحشي لمرتزقة النظام الإيراني. أكثر القوى التي هاجمت أشرف كانت لسنوات عديدة في إيران وأغلبهم كان من مرتزقة فيلق بدر ومتقاضي الرواتب لقوات الحرس وقوات فيلق القدس. كانت القوات المهاجمة تابعة لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. هذا الهجوم وهذه الحملات الدموية استمرت لمدة ثلاث أيام متواصلات.
الهجوم على أشرف تمت مناقشته والبحث بشأنه في المجلس الأعلى للأمن القومي التابع للنظام منذ زمن طويل وكما تم التخطيط له من قبل قوات فيلق القدس الإرهابية. وقد تم التنسيق الأخير للهجوم في اليوم السابق ليوم الهجوم، أي في يوم الاثنين، 27 يوليو، بين الحرسي حسن كاظمي قمي، أحد قادة قوات فيلق القدس الإرهابية وسفير نظام الملالي في بغداد والمسؤولين العراقيين.
كان النظام الديني يتوقع من خلال هذه الحملة أن يقضي نهائيا على مجاهدي خلق. ولكن المقاومة الشرسة لمجاهدي أشرف بأيدهم الفارغة قلبت حساباتهم. هذه الملحمة الخالدة قد تم تسجيلها في صفحات التاريخ. تألق عزيمة مجاهدي أشرف في ذاك اليوم من تاريخ المقاومة تحولت لنقطة تحول في مواجهة مقاومة الشعب الإيراني لاستبداد ولاية الفقيه. هذه شهادة تاريخية على ثبات وصمود أبناء مجاهدي إيران في مواجهة الاستبداد الدموي لولاية الفقيه. ثمن هذا الصمود كان استشهاد ١١مجاهدا من مجاهدي خلق وجرح ٥٠٠ وألم أكثر من ١٠٠٠ مصاب. ولكن مجاهدي الحرية «سقطو شهداء لكنهم لم يتراجعوا».
هكذا تحول أشرف إلى مركز مشتعل ملتهب ونابض في قلب المقاومة. والأشرفيون بملحمتهم هذه أصبحوا محفورين  في قلوب و على لسان جميع الضمائر الحية وأثاروا العالم كله ضد نظام ولاية الفقيه ومرتزقته. هجوم ٢٨ و٢٩ يوليو ٢٠٠٩ كان هجوما من أجل التدمير النهائي لأشرف. ونظام ولاية الفقيه ومعاونيه العراقيون كانوا قد جهزوا كل شيء بكل تفاصيل من أجل إبادة وإنهاء عمل أشرف سواء سياسيا أم عسكريا. 
مرتزقة خامنئي والمالكي في هذين اليومين أيضا احتجزوا ٣٦ مجاهدا كرهائن لخلق آلة ضغط على سكان أشرف. لكن أولئك المحتجزين منذ لحظة أخذهم كرهائن أضربوا عن الطعام لمدة ٧٢ يوما. ذاك الإضراب الذي تحول في أيامه السبع الأخيرة إلى إضراب عن الطعام والشراب وبالتزامن مع الإضراب الواسع عن الطعام الذي قام به الأشرفيون ومناصرو أشرف في جميع أنحاء العالم أصبح النظام وأياديه الخبيثة في العراق مفضوحين.
السيدة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية قالت في نفس الوقت: لأؤلئك الأشخاص الذين يسألون من أين أتى شباب وبنات إيران الشجعان في الانتفاضة الوطنية العارمة بكل هذه الشجاعة والجسارة؟ فلينظروا إلى أشرف. إنهم استوحوا شجاعتهم من هكذا رواد جسورين وهكذا  ينتفض ويثور هؤلاء المنتفضون. 
نظام ولاية الفقيه لم يستطع ردع الشعب المضطهد والذي ضاق ذرعا منه لا في أفين ولا كهريزك ولا في شوارع طهران. وأيضا في أشرف لم يكن المقدرة على مواجهة المجاهدين. 
طوبى لأشرف الذي قاد مثل هذه الرياح القوية على شراع الانتفاضة والحرية.
 كاتبة ايرانية 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس   إن حملة وحماة القومية النيرة والمبنية على المفاهيم الحضارية والتنويرية لا يمكن أن يكونوا دعاة إلغاء الآخر أو كراهيته. على العكس، فإن القومية المتناغمة مع مبادئ التنوير تتجسد في احترام التنوع والتعددية، وفي تبني سياسات تعزز حقوق الإنسان والمساواة. ما أشرت (هذا المقال هو بمثابة حوار ورد على ما أورده القارئ الكريم ‘سجاد تقي كاظم’ من…

لوركا بيراني   صرخة مسؤولية في لحظة فارقة. تمر منطقتنا بمرحلة تاريخية دقيقة ومعقدة يختلط فيها الألم الإنساني بالعجز الجماعي عن توفير حلول حقيقية لمعاناة النازحين والمهجرين قسراً من مناطقهم، وخاصة أهلنا الكورد الذين ذاقوا مرارة النزوح لمرات عدة منذ كارثة عفرين عام 2018 وحتى الأحداث الأخيرة التي طالت مناطق تل رفعت والشهباء والشيخ مقصود وغيرها. إن ما يجري…

المهندس باسل قس نصر الله ونعمٌ .. بأنني لم أقل أن كل شيء ممتاز وأن لا أحداً سيدخل حلب .. فكانوا هم أول من خَرَج ونعم .. بأنني كنتُ مستشاراً لمفتي سورية من ٢٠٠٦ حتى الغاء المنصب في عام ٢٠٢١ واستُبدل ذلك بلجان إفتاء في كل محافظة وهناك رئيس لجان افتاء لسائر المحافظات السورية. ونعم أخرى .. بأنني مسيحي وأكون…

إبراهيم اليوسف بعد الفضائح التي ارتكبها غير الطيب رجب أردوغان في احتلاله لعفرين- من أجل ديمومة كرسيه وليس لأجل مصلحة تركيا- واستعانته بقطاع طرق مرتزقة مجرمين يعيثون قتلاً وفسادًا في عفرين، حاول هذه المرة أن يعدل عن خطته السابقة. يبدو أن هناك ضوءًا أخضر من جهات دولية لتنفيذ المخطط وطرد إيران من سوريا، والإجهاز على حزب الله. لكن، وكل هذا…