فشل نظام الملالي في شبكة التواصل الاجتماعي.. نظرة للتجربة التاريخية في إيران والتغريدة الأخيرة التي أطلقها وزير خارجية نظام الملالي الحاكم!

بقلم عبدالرحمن مهابادي*
في إطار مواجهة الشعب مع الديكتاتور الحاكم في بلادهم تعمل الحقائق والوقائع في بعض الأحيان بشكل يجعل الاعترافات تتدلى من على ألسنة المسؤولين الدكتاتوريين . التغريدة التي أطلقها وزير خارجية نظام الملالي الحاكم في إيران هي أحدث مثال عن ذلك. 
كتب محمد جواد ظريف في تغريدته مخاطبا مدير التويتر: “السلام عليكم يا جاك. لقد قام التويتر بإغلاق حسابات المستخدمين الإيرانيين الحقيقيين والتي تشمل حسابات مقدمي البرامج التلفزيونية والطلاب على افتراض أنها جزء من عملية تسلل . كيف تنظرون إلى الروبوتات الحقيقية في تيرانا والتي تشرف وتعمل باستمرار على برنامج دعاية تغيير النظام في إيران ؟.” 
تغريدة وزير خارجية الملالي تذكرنا بجملة الجنرال غلام رضا ازهاري والذي من أجل تكذيب هذه الحقيقة بأن الشعب الإيراني يخرج إلى أسطح المنازل وينادون بشعارات ضد الحكومة قال خلال حديث له في مجلس الشيوخ في تاريخ ١١ ديسمبر ١٩٧٨ : ” هذه كلها أكاذيب . لقد وضعوا مسجلات للصوت على سطوح المنازل وقاموا برفع الصوت. الشعارات التي كانت تطلق من على أسطح المنازل كانت صوت شريط مسجل “. ازهاري الذي كان رئيس وزراء نظام محمد رضا شاه بهلوي الديكتاتوري منذ ٦ نوفمبر ١٩٧٨ حتى ١ يناير ١٩٧٩ وبعد ثلاثة أيام أي في ٥ يناير فر خارج إيران ولحقه بعد ١٢ يوما الشاه ليفر خارج إيران وبعد ٢٥ يوم سقط نظام الشاه وانتصرت انتفاضة الشعب الإيراني. 
ليس خافيا على أحد أن عبارة (الروبوتات الحقيقية في تيرانا) هي إشارة لمجاهدي خلق الذين كانوا قبل عامين خاضعين لحصار نظام الملالي ورئيس وزرائه العميل نوري المالكي وكانوا لمرات عديدة هدف القتل الدموي العسكري الصاروخي والحرب النفسية التي عمل عليها نظام الملالي ضدهم. مجاهدو خلق وفي حملة دولية غادروا العراق منتصرين واستقروا في تيرانا عاصمة ألبانيا في أوروبا. خبراء الشأن الإيراني يعتبرون أن هجرة مجاهدي خلق الإيرانية من العراق نحو ألبانيا أكبر فشل استراتيجي للملالي. لأن الملالي كانوا مصممين على عدم ترك أي مجاهد يغادر العراق سالما ولكن المجاهدين لم يبادوا واستمروا في النضال وقاموا بوضع أسس انتفاضة الشعب الإيراني. 
بعد أن اعترف مرشد الملالي الحاكم في إيران علي خامنئي في يوم ٩ يناير الماضي بحقيقة أن مجاهدي خلق كانوا وراء انتفاضة الشعب الإيراني أخذت الانتفاضة طابعا جديا بشكل أكبر الأمر الذي كان بداية لتحول حقيقي فيما يخص إيران. لأنه منذ الوقت الذي تمتعت فيه الانتفاضة بعنصر القيادة أصبحت التوقعات وخارطة الطريق واضحة وهذا الأمر صقل جميع الإرادات والتوجهات سوية ورص الصفوف وعزز الخطوات. هكذا كانت الانتفاضة المنظمة التي جعلت دكتاتورية الملالي تأخد موقفا دفاعيا عن نفسها ودفعت المجتمع الدولي للوقوف بجانب الشعب الإيراني ضد الدكتاتور. 
من دون أن أدخل في الحيثيات والتفاصيل أريد الإشارة للدور الفريد للانترنت والشبكات الاجتماعية في انتفاضة الشعب الإيراني الأمر الذي اعترف به مسؤولو هذا النظام بعد فترة وجيزة من بدء الانتفاضة. حيث أعلنوا بداية بأن مجاهدي خلق قد ظهروا في المشهد والساحة عن طريق الانترنت والشبكات الاجتماعية لذلك سعوا لإغلاقها. ومنذ فترة ليس طويلة اعترفوا أيضا بوجود و حضور (معاقل الانتفاضة) بين أوساط الشعب أيضا.
المسؤولون الرفيعون المستوى في نظام الملالي الدكتاتوري وصلوا في بحث وتقييم الحالة إلى هذه النتيجة بأنه من أجل مواجهة المقاومة يجب تشكيل (القسم السايبري). تم تشكيل الجيش الالكتروني التابع لقوات الحرس بتكلفة باهظة ومع آلاف الحسابات والمستخدمين من أجل شيطنة المجاهدين. كما أن بقايا النظام السابق هرعت لمساعدتهم وعملت معهم بانسجام تام. 
هذا الذي كان متزعزعا وكهلا ويتجه نحو السقوط أعلن بأن مجاهدي خلق يفتقدون للقاعدة والحاضنة الشعبية وكما أن بقايا النظام السابق أيضا قد هرعوا لإكمال ادعاء الملالي ليقولوا بأن الشعب الإيراني يريدون (الشاه). ولكن لا أحد يأخذ هذا الكلام بمحمل الجد. لأن الحقائق والوقائع كانت أوضح أكثر صرامة من ذلك ولايستطيعون الوقوف في وجهها. لقد كان من الطبيعي ألا يكون لهذين الاثنين سوى هذا الموقف لأن مجاهدي خلق قد قاتلوا وحاربوا نظام الشاه ودكتاتورية الملالي أيضا. 
تغريدة وزير خارجية الملالي تحمل في طياتها العديد من الوقائع. من جهة أظهرت مرة أخرى العنوان الدقيق للبديل الديمقراطي لهذا النظام ومن جهة أخرى أظهرت ضعف وهشاشة وانكسار النظام في مقابل الانتفاضة والمقاومة الإيرانية. التوقع والنظرة المستقبلية التي جاءت بعد اعلان ازهاري تتكرر الآن مرة أخرى مع هذا الاختلاف بأنه من الممكن ألا نجد بلدا يقبل رؤوس ومسؤولي هذا النظام. 
الجدير بالذكر أن مسؤول اللجنة الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية السيد محمد محدثين اعتبر المطلب الرسمي الذي قدمه وزير خارجية نظام الملالي من أجل إغلاق حسابات المقاومة عملا مضحكا للغاية واعتبر أن هذا الفعل ناجم عن خوف وذعر أكبر داعم للإرهاب في العالم من انتفاضة الشعب الإيراني وذلك عشية العقوبات النفطية التي ستبدأ من تاريخ ٤ نوفمبر. 
في الشهر الماضي قامت عدة شركات كبيرة مثل التويتر والفيس بوك وآلفابت بإغلاق مئات الحسابات الوهمية المرتبطة بالنظام ووزراة المخابرات. وأعلن التويتر : بالتعاون مع نظرائنا الصناعيين قمنا بإغلاق ٢٨٤ حسابا على التويتر. ووفقا للتحليل الموجود لدينا يبدو أن منشأ العديد من هذه الحسابات كان في إيران. رئيس سياسة الأمن السيبراني في الفيسبوك قال: ” “لقد تمكنا من ربط هذه الشبكة بالصحافة الحكومية في إيران. بعد هذا أعلنت شركة غوغل الكبيرة بأنها قامت بحذف وإلغاء ٥٨ حساب مستخدم مرتبط بأعمال النظام الديني تستخدم لنشر المعلومات الكاذبة في جميع أنحاء نظام التشغيل الخاص بها مثل يوتيوب وبلاغر وغوغل بلاس .
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.
Abdorrahman.m@gmail.com

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…