الأمازيغي: يوسف بويحيى
ذات يوم وجه لي أستاذي (عربي) سؤالا في المستوى الثانوي كإتهام بطريقة غير مباشرة ،مفاده أن الأمازيغ يشيدون بإسرائيل أو بمعنى آخر أننا عملاء لإسرائيل ،كانت إجابتي صاعقة لم يتوقعها مني قائلا له: لو كنا عملاء لإسرائيل حقا لكانت لنا دولة كالعرب ،فما كان له سوى أن يشتمني و طردت من الدرس.
كثيرا ما يداول جميع الأعداء كذلك الكتاب و النقاد إسلاميين و شيوعيين و ليبراليين تهمة جاهزة تفيد أن “البارزاني” منذ حقبة الخالد إلى الإبن عميل إسرائيلي ،معتمدين على بعض الصور التي كانت ل”مصطفى البارزاني” و بعض زعماء إسرائيل تداولا لأحداث زيارته لإسرائيل ،لكن يبقى السؤال المطروح الذي يجيب على نفسه بكل وضوح ؛من هذا الرئيس أو الأمير أو الملك أو الذي لم يزر إسرائيل؟!،ومن هذا الحاكم الشجاع الذي لم تنصبه إسرائيل على كرسي الحكم؟!،ومن هذا الذي لم يبايع إسرائيل أولا و يعترف بها ثم تعطاه السلطة؟! ،هنا لن تجد أحدا يجيب و الجميع يهربون كالفئران لإصطدامهم بالحقيقة و جدار غير قابل للإختراق.
حسب معرفتي الشخصية البسيطة أؤكد للعالم أن القيادي الوحيد الذي لم يشتغل عميلا لدى أي جهة خارجية هو البارزاني الخالد ،هذا غير قابل للشك كونه مقرون بإثباتات ملموسة و شهادات حية من أطراف دولية حاولت جاهدة أن توقع البارزاني لخدمتها ،بينما مازال بعض الجاهلين يفترون الكذب و البهتان على قطيع بشري يثق بما يقال لهم بكل سهولة دون أي تفكير.
لم ينكر “مصطفى البارزاني” في قوله أنه مستعد للعمل مع أي طرف خدمة للقضية الكوردية و حقوق شعبه دون المساس بالمقدسات و المبادئ و الثوابت ،لهذا كانت علاقة البارزاني مع الدول العظمى مجرد مصالح متبادلة كل واحد يستثمرها وفق أهدافه المرسومة ،كان البارزاني الخالد شخصية متواضعة و جادة و مرنة و صعبة في نفس الوقت ،لا تنفع معه لغة الإستدراج نهائيا ،يقطع الإقتراح من جذره إذا كان لا يتطلع إلى المشروع الكوردي القومي التحرري ،لم يكن ذو وجهين كما لم تكن لديه أي إديولوجية سياسية يتبعها تميز خطابه أو شخصيته ،لقد كان زعيما قوميا و خطابه واضح لا غبار عليه ،بمعنى أنا كوردي إذا أنا موجود.
لا بأس أن أذكر ببعض المواقف التاريخية الراسخة التي أثبتت أن “مصطفى البارزاني” صاحب مبدأ و كرامة و كبرياء عظيم ،لم أرى إنسانا يضاهيه في الشهامة و القناعة و الثبات إلا إبنه “مسعود بارزاني”.
لعب البارزاني الخالد دور القائد البيشمركة في العديد من الثورات كثورة الشيخ “محمود الحفيد” في السليمانية ،وبعدها ثورة الشيخ “سعيد بيران” في تركيا ،وثورة “قاضي محمد” في إيران ،ناهيك عن ثورات “بارزان” العديدة في العراق ،لم تستطع الدول الإقليمية إغراءه ليخدمها ،ولا يساوم أبدا على حقوق شعب كوردستان و تاريخه و جغرافيته ،لهذا كان ينظر إليه كعدو لذوذ من الجميع دون إستثناء ،وعلى وقع هذا الصمود يكرهونه و إليه توجه أصابع الإتهمام دوليا و إقليميا و كورديا.
لم يستطع رجل الإستخبارات السوفياتية “سودبلاتف” أن يقنع “مصطفى البارزاني” بأي شكل من الأشكال العمل لصالح السوفيات ،ظنا أن لجوء البارزاني إلى السوفيات سينفع في قبول الطلب ،بعد محاولات فاشلة أكد الرجل السوفياتي أنه لم يرى شخصا مؤمنا بقوميته و شعبه و وطنه كالبارزاني الخالد في مسيرته المهنية.
حاولت أمريكا جاهدة أن تجعل من البارزاني الخالد عميلا لأجلها في أكثر من مناسبة دون نتيجة ،كما رفض عروض دعم كثيرة منها بسبب أن الهدف يخدم الأمريكان على حقوق شعب كوردستان ،كانت علاقة امريكا مع البارزاني الخالد غير وطيدة كونه شخصية عنيدة و غير قابل للشراء ،لهذا حاولت أمريكا عدة مرات إغتياله لكن دون جدوى.
لا يمكن ان ينفي اي محلل سياسي و مؤرخ مدى الحقد الذي تكنه بريطانيا و فرنسا إلى شخص البارزاني الخالد ،كونه القيادي الكوردي الصامد المعارض لإتفاقية “سايكس بيكو” الإمبريالية ،خلال هذا حاولت جميع الحكومات العراقية تحت إمرة بريطانيا و فرنسا المساومة معه إلا أن الجبهة العسكرية دائما تكون الحكم الفاصل بينهما ،لقد فشلت بريطانيا هي الأخرى في إغتياله كم مرة نتيجة قوة جبال كوردستان.
كان الجميع يتداول إتهام البارزاني بالعمالة الإسرائيلية دون أي دليل ملموس ،إلى إنكشفت الحقيقة عندما أوقف البارزاني الحرب مع النظام العراقي ليترك له فرصة الإلتحاق بجبهة الدول العربية لمحاربة إسرائيل ،لم يتوقع أحد أن البارزاني سيفعل هكذا قرار شجاع ،رافضا إستغلال نقاط ضعف الجيش العراقي لتحرير المناطق الكوردستانية غذرا ،حيث أكد في مناسبات عدة انه لن يعرقل اي إنسان يدافع عن وطنه و قوميته و وجوده.
تسلسل صمود البارزاني الخالد بعد مماته بقيادة “إدريس البارزاني” بنفس الثبات و القناعة ثم إلى “مسعود البارزاني” الذي عارض العديد من الإقتراحات الأجنبية لعدم توافقها مع طموحات الشعب الكوردي ،كان أولها رفض طلب امريكا من أن تجعل من قوات البيشمركة خدما تحت طلبها ،كما رفض تأجيل الإستفتاء الذي كانت تعاديه إسرائيل و أمريكا بشكل واضح وراء الكواليس ،كما رفض المشاركة في مخطط أمريكي_إسرائيلي_إيراني في محاربة المكون السني في العراق ،بل حارب هذا المخطط بكل جرأة و قناعة رغم قلة الإمكانيات المادية و العسكرية مقارنة بقوى الإرهاب ،ورفضه تمرير المشروع الشيعي الأمريكي_الإسرائيلي_الإيراني من أرض كوردستان ،وذكاؤه في عدم الوقوع في حرب عرقية كوردية_عربية كمخطط إيراني_اسرائيلي_أمريكي ،وتشبته بعدم التنازل عن المناطق الكوردستانية المحتلة رغم كل الضغوطات و المؤامرات ،كما لا يمكن نسيان رفضه زيارة بريطانيا في أكثر من دعوة رسمية قدمت له…
إني أخاطب الذين قالوا عن البارزاني عميل إسرائيلي بأن رؤساؤهم و ملوكهم و أمراؤهم صنيعة إسرائيل شكلا و مضمونا ،وليعرفوا أنهم من باعوا “القدس” لإسرائيل منذ 1948 و إنتهت الصفقة في سنة 1967 و بصمت الوثيقة بشكل نهائي بعد إعدام “صدام حسين” ،ومستقبلا سيبيعون “مكة” بنفس الطريقة كما أقسم أنها بيعت قبل ثلاث عقود بشكل مبدئي لإسرائيل ،والمستقبل سيؤكد ما أقوله بالتفصيل ،فعوض الهجوم الباطل على البارزاني أتمنى أن تخجلوا فأمثالكم عار أن يتكلم.
أتعجب لماذا المؤرخين العرب و الترك و الفرس يركزون فقط على العمالة الإسرائيلية في شخص البارزاني ،لماذا شل لسانهم عندما أوقف البارزاني الخالد الحرب على نظام العراق إبان حرب الأخير على إسرائيل ،ولماذا لا يكتبون على “مسعود البارزاني” في خطواته لوقف المعركة ضد العراق أثناء حربه مع إيران ،ولماذا لزموا الصمت عندما حاربت البيشمركة القوى الإرهابية عوضا عن العالم كله و دفاعا عن العرب و الترك و الفرس ،لماذا تجمدت أقلامهم لما فتح “البارزاني” كل أبواب كوردستان للاجئين من كل الأعراق و الطوائف و المذاهب دون تردد ،بالمقابل العراق و تركيا و إيران و سوريا أغلقت كل الطرق على النازحين البسطاء….
أصمتي و إخجلي أيتها النخبة المثقفة العميلة العنصرية المذهبية المرتزقة!؟.