العدد يخالف المعدود (أحزاب الحركة الكوردية في سوريا)

قهرمان مرعان آغا
أحيانا يؤدي بنا خطأ لغوي إلى مراجعة الكتابة بتأنٍ ،كما أنَّ البحث عن الفكرة من خلال صياغة الجملة لا يستقيم دون أن تكون الضوابط صحيحة ، فمعظم دارسي قواعد العربية في المدارس الحكومية ، كما هو حال أبناء الشعب الكوردي في سوريا، تعتبر لديهم اللغة العربية لغة ثانية بالنسبة للغة الأم ومع ذلك فإن استخدامنا للغة العربية في أدبياتنا السياسية يعود لأسباب كثيرة لا مجال لذكرها.
 فالعدد ليس رقماً حسابياً مجرداً فقط ، فهو المتحكم بالمسألة بما يترتب عليه كتابةً من مخالفة وتوافق مع المعدود و بمجرد إسقاط العدد على حالتنا السياسية يصدمنا  الفارق الأعظمي المخالف للمعدود، من خلال عبأ عدد الأحزاب الذي يتحمله الشعب الكوردي في سوريا.
كما هو مُعتبَر، أنَّ نضال الشعب الكوردي في سوريا هو نضال سياسي حركي، يهدف لتقرير مصيره من خلال إيجاد حل لقضيته العادلة و لحركته السياسية الحق في توجيه إرادة أغلبية أبناءه في اختيار هذا المصير بنفسه وهذا الوضع يتطلب جهوداً مُوحّدة، سواء على مستوى العمل التنظيمي الحزبي أو التشكيلات الجبهوية  و لا شك أن حل القضية القومية  للشعب الكوردي في سوريا، يتطلب مقومات لخلق أسباب صحّية للوصول إلى نتائج من شأنها ترتيب وقائع ملموسة تنعكس على حياة الناس، حتى يصبحون أشد ارتباطاً بوطنهم كوردستان وتكون فرصة العودة للشباب المهاجر المتعلّم أكثر جذباً من بلاد اللجوء. 
هناك قصور في البنية الفكرية للتنظيم الحزبي الكوردي / الكوردستاني، يعتمد الشكلانية أكثر من المنهجية ومظاهر تحركه أقرب إلى الاستعراض منه إلى التفاني، قضت بعض الأحزاب جُلّ وقتها في جَذب الّكم (الجماهيري) فاختفى من بين الجموع الكيف (النخب) على عكس المعادلة التي تقول بأن (الكم يخلق الكيف) وعلى النقيض من ذلك جَهَدَ البعض الآخر حاله بالبحث عن الكيف فوجد نفسه ميالاً للفردانية أكثر منها إلى فكرة الوعي، بمعنى أنَّ الجانبان لم يعطيا للكم ولا الكيف حقّهما فلكل منهما ميزاته وعيوبه ويحدث هذا عندما الغايات وأساليب النضال وميكانيزم العمل تصبح عصية على التغّيير وتظل ساكنة مستقرة بعيدة عن الجدل والمحاكاة والتجربة، حتى تغدو تأخذ شكلها الرتيب و يمنع الاقتراب من هالة شخوصها الوهمية، فالحزب الكوردي بشكل عام، غير قادر على التكييُّف مع المستجدات على الساحة الكوردستانية، لأسباب كثيرة، يأتي في مقدمتها، معالجة الأوضاع الجديدة والمُحدَثة في بيئته ومحيطه بأساليبه التقليدية  القديمة، والتأخر في اكتساب الفرصة الزمنية وفق المتغيرات، على سبيل المثال عندما دفع نظام الأسد وحلفائه وأعوانه الثورة السورية السلمية نحو العسكرة، أختار المجلس الوطني الكوردي الذي كان يضم جميع  الأحزاب والفعاليات الشعبية في حينه النضال السلمي، ومع مرور الوقت سقطت الغاية التي من أجلها تم اختيار طريق السلم في حل القضية عندما أصبح معظم أبناء الشعب الكوردي في سوريا بين شهيد و لاجئ من خلال تعاظم نفوذ النظام وحلفائه (ب.ي.د)على حساب الأمن القومي الكوردستاني وحقوق الشعب الكوردي في سوريا، ومع مرور الزمن أصبحت (عفرين) الجزء العزيز الخالص من كوردستان سوريا تحت الاحتلال التركي والقسم الآخر في شرق الفرات مهدد بالاجتياح.
من خلال ملاحظة التعددية الحزبية وحالات الانشقاق، يتبين لنا بجلاء بأن كيان الحزب الكوردي قائم بالأساس على الروابط الاجتماعية التقليدية القائمة على الولاء العاطفي، وما برحت العاطفة المتقلبة أن طغت على الأنا، بعد أن شابتها العيوب، فانشطرت الأطراف المنشقة على نفسها أكثر من مرة، حتى بات لكل قيادي سابق في الحركة الكوردية في سوريا حزب خاص به وذلك خلال أقل مِنْ عقد مِنَ الزمن .لهذا اختلفت التوجهات وتبدلت المواقف وتعددت مرجعية القرار ولم تعد هناك مظلة جامعة تحسم الأمور و تخفي العيوب، وما أحوجنا في هذه الظروف أكثر إلى المراجعة والتقييم والبناء من جديد.  
الأهداف الكبرى في عمر الشعوب تستلزم طاقات كبرى واستثنائية وتجربة شعب كوردستان في التضحية لا تقارن بمكتسباته السياسية، ولا بد من توحيد الرؤية السياسية لشكل الحكم في سوريا وضمان الاعتراف الدستوري بحقوق الشعب الكوردي القومية ونحن نقترب من بلورة تشكيل اللجنة الدستورية وعملها، إنْ كان المجتمع الدولي بهيئاته الأممية ودوله المؤثرة جادة في حل القضية السورية وأزمتها السياسية.
في 16/10/2018 
—————–
  جريدة يكيتي العدد256أكتوبر/ت1/2018

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…