بشرى سارة : إن سقطتْ عفرين ينتصر الساسة الكُرد

 ابراهيم محمود
أحاديث ومقالات وسجالات وشتائم وتهم متبادلة وتغريدات مريعة عما يجري، وما سيجري في عفرين، وبعد عفرين وهي في ” حُكم ” السقوط، ولجلّ الذين يعرَفون من خلال ذلك ساسة كرداً ومن هم في حكم الساسة وكتاباً ومن هم في حكمهم أيضاً، وبالكاد تجد من يتحدث أو يكتب وكله أو ” بعض ” فيه شعور بالندم والإثم والمشاركة في مسئولية ما يجري داخل عفرين وخارجها، كما كانت مهاباد، وآمد، وآرارات، وكركوك… وحدهم الكرد ” الغلابة ” ضحايا هؤلاء، وبالكاد يظهر من يتحدث بالصوت أو الصورة أو الصورة وحدها معترفاً بدوره في ” سقوط ” هذه المدينة الكردية أو تلك، ولهذا يُبقون ” شعبهم ” خارج التاريخ.
إنه لمقزز حقاً، حين تقبل على قراءة هذا الركام من الكتابات إجمالاً، وتجد نفسك محكوماً بالإصغاء إلى تبريرات ومراوغات عما جرى إجمالاً، ويكون المتَّهم غير الذين يسمّي أو يشير إليه إجمالاً، ليحصل هو أو من يقابله أو يساجله على براءة ذمّة مما يجري إجمالاً، لـ” تسقط ” المدن الكردية، ولا تعود كردية إلا بالإسم، تسقط الجغرافيا الكردية، ولا تعود كردية إلا بالاسم، تسقط ” الأخلاق ” الكردية، ولا تعود كردية إلا بالاسم، ويبقى  ” الشعب “لكردي منهوباً مضروباً على كرديته، ولا يعود كردياً إلا بالاسم، عملاً بمقولة:
لا يلام الذئب في عدوانه  إن يك الراعي عدوَّ الغنم 
لتعود كردستان في حصيلتها مساحة جغرافية واسعة، يفصّل فيها أولو أمرها، و” يرعون ” فيهم كردهم، ويستكثرون الذئاب جرّاء ضعف المسئولية النقدية والأخلاقية تجاه هذه الجغرافية، حيث يشدّدون على أنهم لن يتنازلوا ولو عن شبر منها، وأنهم مستعدّون لأن يقدّموا الغالي والرخيص كرمى بقائها كردية كما كانت هكذا منذ القدم، وهكذا ستبقى إلى الأبد؟!
 ولا بد أن هذا الإصرار يفسَّر بطريقتين:
للذين يهزون ” قبضاتهم ” حيث  لا نعلم ماذا في داخلها، ويهزون رؤوسهم، وتتزبد أشداقهم، إذ إن قولة ” الغالي والرخيص “، تعني كردهم وكيف يرخَّص في أمر ترْكهم للذئاب وهي مأخوذة بشهية لحمهم، ويتلمظون جرّاء شم حرارة دمائهم المهدورة على مدار الساعة.
للذين يقفون في موقع الأعداء، وقد أدركوا أن الغالي ليس أكثر من الرخيص، ولو كان الأمر خلاف ذلك، لواجه هؤلاء أنفسهم، واعترفوا- ولو مرة واحدة- بخطأ يعلّمهم كيف يقرأون التاريخ، ويقيمون علاقة سوية مع ” جغرافيتهم “، والرخيص يعني ” الكرد ” إجمالاً، والجغرافيا إجمالاً، لأن المساحة الواسعة والمتنوعة بتضاريسها، تخفي عيوباً، وتسمح بمناورات والتفافات، وصفقات تتم هنا وهناك، واعتماد ذرائع، واضطراد ودائع بالمقابل.
إن هذا الاندفاع المحموم في الحديث عن عفرين والسجال عن عفرين، وما يمكن أن يؤول إليه أمر عفرين، درس يتكرر كما شهدت مدن ” كردية ” مرملة عموماً، أو مطلَّقة، أو  ممثَّل فيها، قبل عفرين، وربما ستكون مدن ” كردية ” بعد عفرين، ستتكرر ” المشاهد ” عينها فيها إجمالاً، فلا تكون كردية واقعاً، وإن أبقيتْ كردية، فلتزيد من شراسة الأعداء، ومن شهية الأعداء في الإقبال عليها واللهو فيها، طالما أن ليس من سياسي كردي، من حيث الدقة جاهر صراحة بدوره في مأساة ” سقوط “مدينة كردية، وسفك دم كردي بريء، وحاسب نفسه أو أطلق رصاصة ” شرف ” على نفسه أمام ملأ كردي ما..إعلاماً للتاريخ ببدء زمن الكردي .
دهوك- في 14-3/2018 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…