الباررزاني يوجّه رسالة سلام إلى العراق

صبري رسول
وجّه الزعيم الكردي القوي مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان السابق «رسالة سلامٍ» إلى العراق بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة. أوجز السيد البارزاني في رسالته الموجهة إلى الرأي العام، أهم أسباب المشاكل والحروب التي واجهت العراق وكردستان خلال مئة عامٍ، كما أوجزَ الحلول الممكنة التي تنشر السلام والرخاء في العراق وكردستان. 
يؤكّد البارزاني أنَّ المرحلة السابقة منذ الاستفتاء على الدستور العراقي عام 2005 وحتى الآن بكلّ ما تحمل من مشاكل وخلافات سببها عدم التزام بغداد ببنود الدستور العراقي. والقارئ الحصيف للسياسة يرى بوضوح التوجه الطائفي لسياسات بغداد، حيث تمّ إقصاء شرائح واسعة من مكونات العراق، كما ناقضت بغداد البنود الدستورية الخاصة بالخلافات مع الإقليم، مما أدى إلى تعميق الخلافات ودفع بكردستان إلى إجراء الاستفتاء على الاستقلال. ((السبب الرئيس لجميع المشكلات السابقة، وقرار شعب كوردستان لإجراء الاستفتاء، يعود الى عدم التزام حكومة بغداد بالدستور))
ومعروف أنّ ديباجة الدستور العراقي ينصّ على الاتحاد الحرّ، خلاف ما تقوم به بغداد من استخدام القوة بتنسيق مع بعض المتنفذين الكرد. (إنّ الالتزام بهذا الدستور يحفظُ للعراق اتحاده الحر شعباً وأرضاً وسيادةً)). 
جدّد البارزاني دعوته إلى حكام بغداد ليتفهّموا القضية الكردية وعدالتها والكفّ عن العداء لشعب كردستان الذي لم يجلب سوى الويلات والدمار لكردستان والعراق. فالحروب الكارثية المتكررة خلال قرن من الزمان أثبتت أنّ استخدام القوة لن تجلب السلام، ومن الضرورة أن ((أن تقتنع بغداد بالكف عن  معاداة حقوق شعب كوردستان، وأن تتفهم القضية العادلة لشعبنا)). 
وبعد الانتخابات يرى السيد البارزاني أنّ هناك آفاقاً أخرى تظهر ويمكن الاستفادة من المناخات الحالية المستجدة ولا بدّ أنّ ((تتعامل السلطات في العراق مع حقوق ومطالب شعب كوردستان بذات الروح والموقف الذي تأسس عليه الدستور)).
وفي رسالته هذه يلخّص الرؤية الكردستانية لمستقبل العلاقات بين هولير وبغداد، بل أنّ الموقف السياسي الكردستاني وعلى مرّ التاريخ يتلّخص بالدعوة إلى الحوار الذي ترفضه بغداد دائماً. لم يشهد التاريخ أنّ الكرد استخدموا القوة ضد أحد من الشعوب، بل كانوا دائماً في حالة الدفاع عن النفس ((نحن نفضل مواصلة الحوار مع بغداد حتى نصل الى نتيجة، ولم نختر القتال أبداً)). وهذا ما أكّده الزعيم الكردي بعد فرز نتائج الانتخابات الأخيرة أنّ الجانب العراقي كان يلجأ في كلّ منعطفٍ تاريخيّ إلى القوة العسكرية لفرض الهيمنة والتهرّب من استحقاقات الحقوق الكردية من خلال الحوار  مما دفع الشعب الكردستاني إلى الدفاع عن النفس ووجوده على أرضه، ومعروف أنّ بغداد توجّه آلتها العسكرية إلى كردستان للقضاء على طموحات شعبها في العيش بحرية وسلام وتتنكّر لحقوقه حتى في أضعف حالاتها. حيث قال((ولكن للأسف وفي كل المراحل، كانت بغداد تختار الحرب والقتال، وكنا مرغمين على الدفاع، بما فيها أحداث 16إكتوبر)). 
البارزاني لم يفوّت مناسبة إلا وجّه فيها الدعوة إلى الحوار وحلّ المشاكل العالقة بعيداً عن العنف، لأنّه يؤمن من خلال تجربته التاريخية الطويلة والمريرة أنّ ((لغة القوة والسلاح ضد شعبنا ، لاتكسر إرادة شعب كوردستان، ولن تنكسر أبداً))
إنّ قراءة السيد البارزاني للتحديات الحالية التي تواجه كردستان وشعبها وتهدّد المكتسبات التي تحقّقت بفضل دماء الشهداء دقيقة وموضوعية للغاية، لذلك يدعو الأطراف الكردستانية إلى ((أن تضع الأطراف الكوردستانية، المصالح الوطنية أمام المصالح الحزبية، وأن لاتضحي بمصالح شعب كوردستان لأجل مكاسب وقتية وحزبية وسياسية، ويجب أن تفهم انه بوحدة الصوت نحقق المكاسب ونحافظ على حقوقنا، وبخلاف ذلك نكون ضعفاء.))
لأنّ العراق يدخل مرحلة جديدة بعد الانتخابات، ولابدّ من توحيد الأطراف الكردستانية للحفاظ على المكتسبات وإنجاز ما يمكن القيام به في هذه المرحلة الدقيقة. 
هكذا تكون مواقف الشجعان في المنعطفات الهامة من حياة الشعوب، وهكذا يمكن تحقيق الإنجازات، وإحلال السلام، ليعمّ الخير والازدهار على الجميع. 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…