فهل الكورد بحاجة للوبي كوردي ؟ أم أنه حكر على شعب أو ديانة بعينها .
وهل اللوبي إيحاء إيجابي يجب بناؤه بأسس قوية أم أنه إثم وإيحاء سلبي يجب الإبتعاد عنه .لنلقي الضوء على هذا المصطلح من الناحية العلمية والتاريخية والسياسيةمنعاً لأي التباس أو أحكام مسبقة .
تعريف اللوبي : كلمة لوبي مشتقة من المصطلح Lobby
في اللغة الإنكليزية والذي يعني بهواً وسيعا ً في فندق أو مسرح أو مجلس العموم البريطاني ، أي قاعة وسيعة مفتوحة للعموم من أجل اجراء لقاءات ومقابلات مع أعضاء المجلس ،وقد اتخذ الجنرال جرانت في حرب الإستقلال الأمريكية إثر اندلاع النيران في البيت الأبيض من بهو الطابق الأرضي (اللوبي ) في فندقٍ مقراً لعمله والذي شهد تدفق مجموعات المصالح بشكل غير مسبوق .(وحتى هذا اليوم تشهد الصالة عينها حضوراً واسعاً لهذا النوع من المجموعات ) .
-أما اللوبي كمصطلح سياسي فيقصد به مجموعة ضغط تضم عدداً من الأفراد يسعون للتأثير على رجال السياسة لحثهم على تبني قضيةأو دعم أو معارضة تشريع معين .وتتبع مجموعات الضغط هذه طرق عمل منظمة شديدة التنوع تسعى إلى تحقيق هدف ما من خلال ترويج وتوطيد أفكار محددة عبر آلية الإقناع ، وتستهدف بشكل خاص الأشخاص المؤثرين في مراكز القوى لتشجيعهم على تبني أفكار محددة ووضعها موضع التنفيذ من أجل دعم أو معارضة قوانين وتشريعات معينة .وتستمد هذه المجموعات قوتها من مفهوم الجهد الجماعي الهادف إلى إثارة قضية ما ونقل الفكرة المراد تبنيها من الفرد لتصبح قراراً مجتمعياً من خلال حشد أكبر تأييدجماهيري للقضية موضوع البحث .
وتلعب العوامل الإقتصادية دوراً حيويا في بلورة سياسات اللوبي الخارجية ، فمثلاً شركة الفواكه المتحدة الأمريكية أثرت بشكل عميق في صياغة سياسات الولايات المتحدة الخارجية تجاه دول أمريكا الوسطى المعروفة بجمهوريات الموز ، كذلك مارست شركة الإتصالات الدولية I T T دوراً مهماً في صياغة المواقف الخارجية للإدارة الأمريكية في اسقاط حكومة الليندي المنتخبة ديمقراطيا في التشيلي .
-اللوبي في التاريخ الحديث :.ظهرت اللوبيات أو مجموعات الضغط بشكلها المعروف حالياًفي ثلاثينات القرن الماضي وتحديداً في الولايات المتحدة الأمريكيةعام 1938 إثر صدور قانون يسمح للعاملين في هذا المجال ممارسة نشاطاتهم في المجالات السياسية والإعلامية وغيرها لصالح حكومات وأطراف أجنبية داخل الأراضي الأمريكيةشريطة أن يسجلوا أنفسهم كوكلاء استشاريين أو تنفيذيين لهذه الجهات (فقد ظهر اللوبي اليوناني الذي سعى للحد من التعاون العسكري بين أمريكا وتركيا ، واللوبي الأرمني الذي عمل طويلا من أجل اصدار إدانة صريحة لتركيا في دعوى إبادة للأرمن إبان الحرب العالمية الأولى وما تلاها ، واللوبي الصيني والياباني …….
الخ).وتشير التقديرات إلى أن عدد وكالات الضغط في واشنطن وحدها وصل عام 2005 إلى 34785 وكالة وبلغ حجم انفاق الشركات ومجموعات الضغط في الدفاع عن قضاياها لدى الإدارة و الكونغرس الأمريكي إلى 2,1 مليار دولار عام 2004 .
كما و سمحت العديد من بلدان أوربا الغربية ممارسة هذا النشاط ( اللوبي ) في ظل ضوابط معينة ، فمثلاً في بروكسل يوجد أكثر من 15000 خبير خارجي ومندوب لرعاية المصالح ممن يؤثرون مباشرة أو يحاولون التأثير على قرارات الإتحاد الأوربي ، أي بنسبة شخص من اللوبي لكل شخصين من موظفي الإتحاد الأوروبي .
في حين لا تبيح كثير من دول العالم هذا النوع من العمل بل وتدرجه ضمن قوانين الخيانة و التجسس لصالح دول خارجية .
يسعى اللوبي للهيمنة التامة على أكثر المؤسسات الإقتصادية ليستطيع من خلال هذه الهيمنة امتلاك المؤسسات الإعلامية ذات الجمهور الكبير والشهرة العالمية فمثلا وعلى عكس المعتقد الدارج ابتعد اللوبي اليهودي في أمريكا عن المؤسسات الصناعية و العسكرية إلى البنوك والمضاربات في البورصة وخاصة إثر قرار الرئيس نيكسون بتحرير الدولار من الذهب عام 1973 ، لذلك يسيطر هذا اللوبي على معظم وسائل الإعلام والفن في أماكن تواجده وخاصة في أمريكا وأوروبا وتركيا وشرق آسيا ، وكثير منا يتذكر أن شخصا واحدا هو الملياردير اليهودي جورج سوروس بمضاربته في بورصة شرق أسيا حوّل النمور الاقتصادية الآسيوية إلى نمور ورقية فقد كسب في يوم واحد مليار دولار في مضاربات البورصة التي كانت السبب المباشر في افلاس الكثير من شركات شرق آسيا .
لذلك ومن واقع امتلاكه لأكبر قوة اقتصادية وإعلامية في العالم يعتبر اللوبي اليهودي أقوى اللوبيات الفعّالة والشديدة التنظيم والتأثير ،ففي دراسة أكاديمية للسيد جون ميرشايمر من جامعة شيكاغو وستيفن والت من جامعة هارفارد عن اللوبي اليهودي و المنشورة في مجلة (لندن ريفيو أف بوكس ، 23مارس 2006 ) تبين : أن اللوبي اليهودي نجح في دفع السياسة الخارجية الأمريكية باتجاه دعم اسرائيل حتى لو كان على حساب المصالح الأمريكية ” فقد استخدمت الولايات المتحدة حق الفيتو ضد قررات تنتقد اسرائيل 32 مرة منذ عام 1982 ، وساندت الموقف الإسرائيلي في جميع المفاوضات التي تمت بينهم وبين العرب ، وتبين الدراسة أن اسرائيل هي أكبر متلق للمساعدات الأمريكية (3 مليار دولار سنوياً وهي الوحيدة التي تتلقاها في بداية العام المالي كي تستفيد من الفوائد عليها ) .
وخلص المؤلفان في دراستهم إلى ” أن الدول القوية يمكن أن تحافظ على سياسات معيبة لفترات طويلة ولكنها لاتستطيع أن تتجاهل الحقائق لفترة طويلة ” وأعتقد أنه استنتاج أدبي فيه الكثير من المفارقات بالقياس مع الثبوتيات المقدمة في دراستهم .
مقومات اللوبي الكوردي :
يتضح مما سبق أن الكورد اليوم هم أحوج الشعوب إلى امتلاكهم لمجموعات الضغط الفاعلة وعلى عاتق كل الكورد تقع مهمةخلق وتقوية اللوبي الكوردي ، و لعل أهم النقاط التي يجب على الكورد الأخذ بها تتجلى في :
2-تنظيم حملات بالبريد العادي والفاكس والبريد الالكتروني للأمم المتحدةوالمنظمات ذات الصلة لتوضيح وشرح عدالة القضية الكوردية وما تعرض له الشعب الكوردي من مجازر ومآسي .
3-القيام بالزيارات إلى مقر الأمم المتحدة واللقاء مع سفراء الدول الفاعلة ومندوبيها والتواصل مع مراكز القرار والإطلاع على طرائق تفكيرهم المختلفة لتصويب رسم السياسات المستقبلية الخاصة بالشعب الكوردي .
4-على اللوبي الكوردي تقديم وجهات نظرهم في شرح آمال وآلام الشعب الكوردي إلى الرأي العام للشعوب العربية والفارسية والتركية وبكل شفافية ومصداقية لأنهم إن لم يفعلو فليس مفاجئا أن يدعم الرأي العام لتلك الدول ديكتاتورياتها ضد الطموح الكوردي المشروع .
5-على اللوبي الكوردي تكثيف تواجده في كل المحافل الدولية ذات الثقل وإلقاء الخطابات التي توضح عدالة ومشروعية قضية الشعب الكوردي، كما فعل اللوبي اللبناني في قمة الدول الصناعية الثماني عام 2004
5- دعوة المشاهير في الرياضة والغناء والموسيقى و الآداب إلى كوردستان ، والتقاط صور لهم إلى جانب العلم الكوردي والرموز الكورديةكما فعل اللوبي العربي عند دعوته لرينالدو البرازيلي إلى غزة .
6-على كل مهاجر كوردي في الغرب العمل على استقدام أحد أقاربه لتوفير فرص الدراسة والإطلاع على الثقافات والعمل في شتى النواحي والحرص على عودتهم كرسل ناقلة للإقتصاد والثقافة إلى الوطن .
7-الحض على الإلتزام التام بأساسيات الحضارة في تطبيق ميزاني العدل والعلم على الجميع ونسف الإستثناءات فيهما تحت أي مبرر ومسمى كان .
8-على الهيئات والمنظمات و الشخصيات الفاعلة الكوردية في الخارج تأمين مقاعد دراسية في العلوم السياسية والاعلامية والإقتصادية والسينمائية والمالية للميزين من الكفاءات في الداخل .
وبعد هذه المقدمةيحق لنا نحن الكورد أن نتساءل عن حقيقة وجود اللوبي الكوردي و نفتش له عن أسباب المنعة والقوة كي يصبح مجموعة ضغط فاعلة في محافل و مراكز القرار العالمية و القوى الإقليمية مع التسليم ببديهة أن قوة مجموعة الضغط (اللوبي ) هي انعكاس للقوة الأقتصادية والإعلامية التي يمتلكها .
عفرين 2006
المصادر الوثائقية :
1-اللوبي الاسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية.
د.جون ميرشايمر- د.ستيفن والت
2-اللوبي تأثير بدأ في ردهة فندق د.محمد زهير