مفارقات في بلدي

خالد بهلوي
 في بلدي وجبة عشاء لاحدهم يعادل راتب أستاذ شهرين. في بلدي لا يوجد كرسي فارغ في المطاعم بينما لا يصل ربطة خبز لبعض البيوت. في بلدي العتمة يسود الاحياء بينما الحفلات والسهرات تشع انوارها حتى الصباح. في بلدي اصبح البعض يملك كراج سيارات ؛والبعض لا يملك اجرة سرفيس فيذهب سيرا على الاقدام. 
يبدو ان الفقر والغلاء والجوع أحد أسبابه هدر ونهب المال العام لصالح فئة مهيمنه ومسيطرة على القرار الاقتصادي في أماكن تواجده. رغم تعدد مراكز الهيمنة على امتداد ساحة البلد الكل ينهب الوطن والشعب؛ بعد الاحداث ظهرت طبقة متخمة بالفساد تمتلك السلطة والقوة والمال جمعت ثروة دون ان تقدم جهد او إنتاجية او تفتح مشروعا لخدمة البلد أو تقدم خدمات عامة تتناسب مع حجم ثروته التي جمعها على غفله من الزمن بعد عام 2011 ؛ ولم يقدم مساعدة لاي فقير في الحي او في البلد القاطن فيه .
لا احد يُسأل الغني المتخم بالثروة: من أين لك هذا ؟ حيث كان فقيرا يعمل شهر كامل ليعيش أولاده؛ كان حلمة ان يسكن ببيت صار عنده فيلات ومزارع: كان يحلم بدراجة يتسوق عليها اصبح عنده مراب سيارات؛ وسيارات حديثه ووجبات طعام ساخنة من المطاعم؛ هؤلاء تجار الازمات وتجار الحروب ومافيات ورجال تظاهروا بحماية الشعب تطابقت وتلاقت مصالحهم مع مصالح الدول المجاورة او الدول الكبرى التي تبحث عن موقع قدم لها لتنهب ما تبقى من خيرات البلد .
ليس سرا يعيش معظم فئات الشعب وشرائح المجتمع بحد ادنى من مستلزمات العيش اليومي من عامل يشتغل باجر يومي لا يؤمن خبز اطفاله، مريض لا يجد ثمن العلاج لغلاء الادوية واجور الأطباء والمشافي، طالب لا يجد مصروف دراسته من اجار بيت الى طعام ومصاريف الدراسة التي اصبحت تثقل كاهل كل رب اسرة، 
معاقين ومتقاعدين بلا اهتمام بلا رعاية يعانون المرض والجوع وخاصة من لا معيل له       او وما عنده  ولد مغترب مهاجر يمده بمساعدة شهرية ليستمر ويحافظ على حياته ، مديون أثقلته الديون ولا يستطيع دفع اجار بيته الذي اصبح بالدولار. ما زاد الطين بله هو زيادة الرواتب الاخيرة ورفع الدعم عن المحروقات أي فتح باب جهنم على الفقراء بسبب الغلاء الفاحش لجميع المواد وبشكل خاص المواد الغذائية.
أيتام فقدوا معيلهم بالأحداث اصبح بعضهم مشرد ومتسول في الطرقات وباحث عن طعام يومه من براميل القمامة: من كان سعيد الحظ يحظى ببراميل حي الأغنياء حيث بقايا الطعام والبلاستيك والالمنيوم: هؤلاء الفقراء يشكرون الأغنياء والمسؤولين على كرمهم برمي فضلات طعامهم، يقول احدهم نحن ننبش بالقمامة لناكل ونطعم أطفالنا: 
بينما المسؤولين ينبشون من خيرات البلد وينهبون المال العام ولا زالت كروشهم تنتفخ  وأرصدتهم  في البنوك تكبر ومشاريعهم ومزارعهم وسياراتهم الفارهة وفيلاتهم تزداد. 
دخلهم ومصروفهم الشهري من الدولارات بالبذخ والترف الفاحش. 
عندما لا يتوفر الغذاء للفقراء لن يتوفر الأمن للأغنياء والمسؤولين: لهذا صرخات الجوعى تملا الفضاء وتقلق راحة المسؤولين فاغلقوا أبواب فيلاتهم المكيفة حتى لا يسمعوا ولا يشاهدوا ما حدث ويحدث للشعب. 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…