لا تعولواعلى فرنسا فان نجمها آفل

صلاح بدرالدين

كثيرا ماكنا نسمع من جملة  الدعايات المبالغة فيها او – البروباكندا – من جانب الاحزاب الكردية السورية عن دور فرنسي، او مبادرة فرنسية بشان الكرد السوريين، حيث تبين ان لا صحة لكل ما قيل، باستثناء زيارات – سياحية – لأشخاص فرنسيين (غير رسميين ؟!) الى القامشلي، واستقبال سيدات مقاتلات من جماعات ب ك ك في باريس، من دون معرفة مدى ارتباط ذلك بمصلحة الكرد السوريين ومصيرهم.
  في لبنان يطلقون منذ عقود اسم – الام الحنون – على فرنسا التي كانت تنتدب البلاد، مع علاقات حميمة دبلوماسية، واجتماعية، واقتصادية، وإنسانية، ولكن تبين لاحقا وخلال ازمة انتخاب رئيس الجمهورية ان السياسة الفرنسية تتناغم مع الموقف الإيراني وحزب الله في اختيار الرئيس، وخسرت فرنسا بعض الأصدقاء التقليديين في لبنان، بعد اتهامها بالانحياز الى جانب حزب الله في تسوياتها المقترحة،
كما ان فرنسا نأت بالنفس عن القيام باي دور لحل مشاكل البلد، وفي حين كان لها الدور الأول في لبنان اما الان وفي عهد الرئيس – ماكرون – تحتل الدرجات الثالثة والرابعة.
  في افريقيا وبالتحديد في مستعمراتها السابقة ” نفذت فرنسا خلال الـ50 سنة الماضية أكثر من 40 تدخلاً عسكرياً تحت ذريعة حماية المدنيين وتطبيق الاتفاقات العسكرية، وعلى الرغم من الانتقادات، إلّا أن باريس استطاعت في كل تدخل فرض وجهة نظرها بالحديد والنار. خلال السنوات الأخيرة تعالت أصوات من الأحزاب والجمعيات الأهلية في عدد من البلدان الإفريقية تدعو إلى فك الارتباط نهائياً مع باريس. وتخشى باريس أن يكون لتنامي العداء ضدها، المزيد من الارتدادات على مصالحها الاقتصادية في إفريقيا خلال السنوات المقبلة، خاصة في دول غرب القارة.”
فيما أقر مسؤولون فرنسيون “فشل جيوسياسي” لبلادهم في إفريقيا، وأنها أصبحت بحاجة لمراجعة شاملة لسياستها.
” ثمة حال ضياع على صعيد السياسة الفرنسيّة في إفريقيا وغير إفريقيا. يشمل ذلك في طبيعة الحال شمال إفريقيا، كما يشمل لبنان. حال الضياع هذه اوروبيّة أيضا، لكنّ فرنسا تتميّز هذه الأيام عن غيرها برفض التعاطي مع الواقع” .
  ” توطدت العلاقات بين فرنسا وإقليم كردستان  بفضل الرئيس فرانسوا ميتران ما بين الفترة (1981-1995)، عندما لعبت زوجته دانيال ميتران دوراً أساسياً في الحملة من أجل فرض منطقة حظر الطيران فوق إقليم كردستان في عام 1991. في عام 1982، لعبت السيدة الأولى  دوراً نشطاً في تشكيل المعهد الكردي في باريس من خلال نشر الوعي العام حوله، في عام 1989، صرحت بأنه ما يقارب 1000 لاجئ كردي سوف تستقبلهم فرنسا بموافقة الرئيس والحكومة. كما زارت إقليم كردستان في عام 1991، وزارت اللاجئين على الحدود الإيرانية العراقية، ومرة أخرى في يوليو 1992 لتشهد إنشاء برلمان كردستان العراق، “، كل تلك الإنجازات تعرضت للانتكاسة بعد ذلك،  ولكن ماذا يقدم الان الرئيس الحالي سوى – ابتسامات لاتغني ولاتسمن من جوع  – لدى استقبال مسؤولين من الإقليم، والرئيس الحالي لايمت بصلة الى نهج الرئيس ميتران .
  خلال المؤتمر التضامني مع الشعب الكردي الذي انعقد برعاية السيدة الأولى مدام ميتران وحضورها ومشاركة مختلف القيادات الكردية عام ١٩٨٩ بباريس توجهت اليها بكلمتي بالقول : ” تتحمل فرنسا وانكلترا المسؤلية الأولى في تقسيم وطن الكرد، وتشريدهم، ومضاعفة معاناتهم، والمطلوب الان اعتذارا رسميا من البلدين، والتعويض عن ما اصابهم، وتحديد موقف مبدئي من القضية الكردية “، ان البلدين مازالا يغضان الطرف عن أي التزام مبدئي تجاه كردستان وبالمقارنة على سبيل المثال فان الدولتين تقران رسميا بدولة فلسطينية مستقلة، ولكن لاموقف تجاه حق تقرير مصير الشعب الكردي .
  على المسؤولين الكرد في كل مكان ان لايبقوا اسرى سلوك الطرق القديمة البالية في تقليد رؤساء، وملوك، وامراء، الدول، والكيانات المستقلة خلال جولات الحل والترحال، واستعارة الألقاب الافتراضية مثل : – جنرال – فخامة رئيس الامة والدولة – لانهم مازالوا مسؤولي أحزاب، وزعماء، ووجهاء مناطق، وزواريب  متصارعة وليسوا رجال دولة، وليعلموا ان الوصول الى ذلك يمر وبالضرورة عبر ترتيب البيوت الكردية الداخلية، وترميم ماهدم، والعودة الى الشعب، وإعادة الثقة المفقودة بينه وبين الأحزاب .
  طبعا لايمكن تجاهل افضال الثورة الفرنسية على شعوب العالم، وتاثير مفكريها، وفلاسفتها، وعلمائها على تقدم البشرية، كما لايمكن التغاضي عن الكثير من المواقف – الفردية – من جانب سائر الاطياف الإعلامية، والفكرية، والسياسية، والثقافية تجاه الكرد بمراحل مختلفة .
  واذا كان البعض يعول عليها على لعب دور توفيقي بين بغداد واربيل، فمن الواضح ان فرنسا الحالية لاتملك أسلحة الضغط هذه، ولاتعتبر من اللاعبين المؤثرين في السياسة العراقية، قد تاتي بالدرجة الرابعة والخامسة، ومن الجدير ذكره فان الفترة الذهبية للعلاقات الفرنسية العراقية كانت في عهد كل من : جاك شيراك وصدام حسين .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…