أولويات البارتي في المرحلة الراهنة

صوت الأكراد *

منذ بدء المظاهرات والاحتجاجات في سوريا ربيع العام المنصرم ،  تباينت الآراء بخصوص التعامل مع هذه المعطيات وطنيا وقوميا إلى أن تحولت إلى ثـورة شعبية سلمية ، تهدف إلى التغيير الديمقراطي السـلمي  للنظام، والإتيان بنظام ديمقراطي تعددي برلماني ، التي تبنتها أحزاب المعارضة الوطنية السورية .
وفي خضم هذا الحدث كان موقف حزبنا الديمقراطي الكردي في سوريا ( البارتي ) مستنداً في تحركاته إلى عدة أولويات تعتبر جزءً لا يتجزأ من مبادئه التي ينادي بها منذ تأسيسه وإلى يومنا هـذا , وكانت على الدوام بوصلة نضال حزبنا ونهجه , نهج البر زاني الخالد ..

نهج الكردايتي …
وارتأينا أن نبين أهـم هذه الأولويـات لدى البارتي لنوضح الصورة المشرّفة لنضالات حزبنا ورفاقه للجميع:
أولاً : تامين الحقـوق القومية لشـعبنا الكردي في سوريا : وهذه الأولوية كانت السبب الرئيسي لتأسيس البارتي عام1957م فنتيجة للاضطهاد القومي الذي عاناه شعبنا الكردي أقدمت مجموعة من المتنورين الكرد على تأسيس البارتي , وعليه فإن ما تشهده سوريا اليوم وما تمخض عنه من عوامل ذاتية وموضوعية تفرض علينا أن نسخر كل ذلك في تحقيق أكبر ما يمكن من المكاسب القوميـة، وذلك بالاعتراف الدستوري بالشعب الكردي وحقوقه القومية في إطار وحدة البلاد، كي لا نعيد بعض التجارب التاريخية للشعب الكردي في مراحل تاريخية كانت فرصة تحقيق مكاسب قومية لشـعبنا مهيأة , إلا أنّ تقديم الجانب الوطني أو الديني على القومي كان سبباً لتبديد هذه الفرصة المتاحة لدرجة أصبح مثالاً للاستغفال لدى المستفيدين …
ثانياً : تحقيق الأهداف الوطنية لعموم السوريين : إن ما سبق لا يعني البتة الاستهانة بالجانب الوطني بل العكس تماماً فالشعب الكردي أثبت مراراً تمسكه بوطنيته ودفاعه المستميت عنها, وفي خضم الثورة السلمية  التي تشهدها سوريا اليوم، فان المشاركة الواسعة لأبناء شعبنا الكردي في جميع أماكن تواجده , وتقديمه لكوكبة من الشهداء على طريق حرية وطننا سوريا ما هي إلا تجسيد لذلك , فنناضل من أجل سوريا ديمقراطية تعددية يكون فيها القانون هو الحكم , دولة المسـاواة  والعدالة التي يتلاشى فيها المظالم و يكون فيها السلطة للأصلح ..

دولة ينتفي فيها الحكم الشمولي والعنصري .
ثالثاً : وحدة الصف الكردي: وهي من الأولويات المقدسة لحزبنا ونعتبر تجاوزها أو المساس بها خط أحمر أمام الجميع, ونرى بأن ذلك  يتحقق من خلال تضافر الجهود الخيرة في سبيل :
1- توسيع المجلس الوطني الكردي في سوريا ليضم جميع الفصائل على اختلاف مشاربهم الفكرية وتوجهاتهم القومية وكذلك جميع القوى الشبابية العاملة على الأرض, وكذلك عدم استبعاد أي طرف أو شخصية مهما كانت الأسباب ليكون هناك بالمحصلة ممثلاً شرعياً رئيساً لشعبنا الكردي …
2- تحريم الاقتتال أو الصراع الكردي – الكردي … وقطع الطريق أمام أعداء شعبنا المتربصين بنا والساعين ليلاً نهاراً لتفريق الصف الكردي، وزرع بذور التناحر في الشارع الكردي وصولاً إلى حالة الاحتراب والعنف بين أبنائه, وعليه فإن البارتي يؤكد مراراً وتكراراً أهمية التيقظ لهذا الخطر المحدق وضرورة ضبط النفس وعدم الانسياق إلى ردود الأفعال, أياً كانت هذه الأفعال, بل الاحتكام إلى لغة الحوار والعقل والتفاوض لنزع أية إشكاليات قد تحدث هنا وهناك.
3- توحيد البارتي..

هذا الهدف النبيل الذي يرنو إليه حزبنا منذ سنين طويلة بغية إعادة الدور الريادي للبارتي بين جماهيره التواقة إلى هذا الحلم.

لقد أكد حزبنا ومن خلال العديد من المحاولات والمشاريع الوحدوية السابقة أنه مستعد لتقديم كل ما يملك من جهد وطاقة في سبيل إتمام هذا الهدف الكبير دون قيد أو شرط, وأن رفاقه قيادة وقواعد سيكونون مثالاً مشرفاً للتضحية في سبيل إنجازه, ودون شك فإننا نأمل من حلفائنا وأشقائنا في القوى الكردية والكردستانية العمل من أجل ذلك … كل ذلك لأننا ندرك أن وحدة البارتي ستكون نقطة انعطافٍ كبرى في مسيرة الحركة الوطنية الكردية في هذا الزمن الصعب والتاريخي الذي يمر به شعبنا الكردي والمنطقة عموماً …
رابعاً : تجنيب المناطق الكردية من أي مكروه : فلا نرى أي تعارض بين أن نبذل ما يمكن من أجـل إنجاح الثورة السلمية السورية ، وبين أن نبذل ما في وسعنا من أجل تجنيب المناطق الكردية من خطر الدمار وجعلها ساحة حرب .
خامساً : وحدة المعارضة السورية : لعل بقاء المعارضة السورية منقسمة على نفسها كان أحد أهم الأسـباب في عدم القيام بأية تحركات ملموسة تجاه الشعب السوري وثورته السلمية لإخراجه من محنته , فنرى أنه من أهم واجباتنا العمل على توحيد المعارضة السورية بمختلف أطيافها ،وتهميش  الاختلافات في الرؤى لحين تجاوز هذه الأزمة , وطبعاً وحدة لمعارضة لا تعني بالضرورة اتحادها في إطار واحد بل على الأقل اتفاقها على رؤية مشتركة متفق عليها من أجل التعامل مع الحالة الراهنة .


سادساً : الانطلاق في أي عمل نضالي من خلال قراءة واقعية للمشهد: وذلك بعيداً عن أية مصالح حزبية أو شخصية أو أية املاءات من أي كان أو بالارتكاز على عمل شعاراتي أو تحت هيجان العواطف …واضعين نصب أعيننا مصلحة شعبنا ووطننا  أولاً و أخيراً .


سابعاً : الاستعداد للتضحية من أجل ما سبق : لن يكون ما سبق سوى حبر على ورق إلا إذا أقترن القول بالفعل, فإننا نؤكد لجماهير شعبنا بأننا لن نتردد للحظة في تقديم الغالي والنفيس في خدمة قضيتنا القومية والوطنية, وإن البارتي سيكون كما عهده الجميع رمزاً للفداء , ولن يدخل في بازارات المكاسب بل سيكون سباقاً في ميادين التضحية .

* لسان حال اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) – العدد (451)

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…