لا بدّ من التأكيد مجدداً, أن المعارضة السورية لم ترتقِ بعد إلى مستوى المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقها؛ فمنذ ما يقارب السنة والنصف من عمر الثورة, لا تزال تعاني التشتت والانقسام والصراعات غير المبررة، متجاهلة معاناة السوريين وصيحات المتظاهرين في الداخل حول ضرورة توحيد الصف والموقف، وأخفقت على الدوام مخاطبة العالم بلغة سياسية موحدة, تقترب من طموح الشارع وتلامس مطالبه المحقة, كما أن عدم الاستجابة لمطالب الشعب الكردي في مؤتمر القاهرة بتاريخ 2-3 / 7 / 2012 جاءت مخيبة لآمال وطموحات الكرد وحراكه السياسي والجماهيري, وشكلت انتكاسة جديدة لرموز المعارضة ومدى تخلفها عن ركب الثورة وعدم ارتقاء وعيها في ظل الثورة السورية, إلى الاعتراف بالآخر المختلف قومياً, وهو دليل إضافي لعدم صلاحية بعض الأوساط المعارضة لمرحلة التغيير المنشودة, لا بل معاداتهم لتطلعات الشعب السوري في الحرية والكرامة؛ فجاء انسحاب الوفود الكردية من المؤتمر رداً طبيعياً واعتراضاً صريحاً على أدعياء معاداة النظام تارة, وانتهاج سلوكه الإقصائي تارة أخرى, حيال الشعب الكردي الذي بقي صامداً صمود جبال كردستان وضحى بالغالي والنفيس من أجل قضاياه الوطنية, وحقوقه القومية والديمقراطية المشروعة, على مدى أكثر من نصف قرن, قارع من خلاله أشكال السياسات الشوفينية والعنصرية البغيضة, ووقف في وجه جميع محاولات ومشاريع التعريب, وتذويب الكرد في بوتقة القومية العربية, وهنا لا بدّ أن نعلن للقاصي والداني, بأن المجلس الوطني الكردي ومعه حزب آزادي الكردي في سوريا, لن يتنازلا عن الإقرار الدستوري بوجود الشعب الكردي, وعليه يحق له ما يحق لأي شعب يعيش على أرضه التاريخية, ووفقاً للعهود والمواثيق الدولية, وإننا نرفض الصيغة التي أقرتها وثيقة العهد الوطني لمؤئمر المعارضة في القاهرة والصادرة بتاريخ 3 / 7 / 2012 وخاصة الفقرة المتعلقة بوضع شعبنا الكردي( تقرّ الدولة السوريّة بوجود قومية كرديّة ضمن أبنائها، وبهويّتها وبحقوقها القوميّة المشروعة وفق العهود والمواثيق الدوليّة ضمن إطار وحدة الوطن السوري.
وتعتبر القومية الكردية في سورية جزءاً أصيلاً من الشعب السوري…) ونؤكد بأنه تراجعٌ واضح في مواقف بعض أطر المعارضة, حيال الشعب الكردي وقضيته القومية العادلة.
وأما بخصوص الأحداث الأخيرة في المناطق الكردية, نؤكد على رفضنا القاطع, لجميع أشكال العنف والإرهاب الفكري الجسدي و السياسي, وندعو الجميع إلى مراجعة الذات, وضبط النفس, وعدم الانجرار إلى ألاعيب النظام ودسائسه الخبيثة, وعليه يجب التأكيد مجدداً بأنه لا بديل عن التقارب والتلاحم الكردي- الكردي, ولا بدّ من العمل وبالسرعة القصوى من أجل وضع أسس وآليات جديدة, تخدم التفاهم والتقارب الأخوي المشترك بين المجلسين الكرديين، وصولاً إلى شراكة حقيقية, وتعزِّز الثقة المتبادلة لدى جميع الأطراف, من خلال تجاوز الأخطاء والممارسات السابقة, والتي لا تخدم سوى أعداء الكرد وجلاديه.
إن الشعب السوري ومعه الشعب الكردي, الذي أقسم بدم الشهداء, لن يتراجع عن ثورته, ولن يتخلى عن أهدافها, بعد بحور من الدموع والدماء، وسيستمر في مقارعة الطغاة مهما ارتفعت التضحيات وبلغ ثمنها, وصولاً إلى الحرية والكرامة للسوريين, والحقوق القومية للشعب الكردي, في إطار دولة تعددية برلمانية تشاركيه موحدة عمادها الديمقراطية, واللامركزية السياسية .
أوائل تموز 2012
اللجنة السياسية