إبراهيم اليوسف
إلى حلب العظيمة
ربما يخيَّل إلى قارىء عنوان هذا المقال السريع، أنني سوف أتوقف عند تلك القصائد التي كتبت في حلب، أو عن حلب، ولحلب، فما أكثرها تلك النصوص التي كتبها أبناء هذا المكان السوري، أو زائروه، على امتداد القرون الكثيرة، بل إنني لأسترسل مع ذاكرتي إلى بداية ثمانينيات القرن الماضي، حيث حدث أن أحد الشعراء الشباب، كان قد كتب قصيدة بعنوان” قصائد حلب” بتلك الطريقة من الخط التي تفرض رسم مايشبه اللام الصغيرة، كجزء سابق على الباء، أو بادىء به، بحيث تبدو الكلمة وكأنها “حلب””..
قبل أن أتحدث عن سبب كتابتي لهذه المقدِّمة، عليَّ أن أشير في عجالة إلى وضع مدينة حلب” في ثمانينيات القرن الماضي، أثناء الأحداث الدامية التي تعرَّضت لها مدن حلب وحماة وإدلب، وغيرها من المدن الباسلات الأخرى التي واجهت النظام، فتم التنكيل بها، حيث راح ضحية ذلك عشرات الآلاف من الشهداء، والمعتقلين، و من هم مجهولو المصير، إلى الآن، بالرغم من مضي أكثرمن ثلاثين عاماً على ذلك، وكان أن أبيدت أسرٌ كاملة، كما يحدث ، في الثورة السورية،حالياً، باعتبار أن القاتل واح، والضحية واحد
…!
في تلك الأجواء الرَّهيبة التي كان مجرد وجود اسم إحدى تلك المحافظات الممنوعة على خانة البطاقة الشخصية لمواطن، في إحدى حافلات النقل، أمراً يدعو إلى النفير-وقد شاهدت بأم عيني ذات مرة، كيف تم إنزال مواطن حموي كان يجلس قربي، في حافلة ركاب تعمل على طريق الحسكة، قامشلي، من قبل رجال الشرط والأمن ممن صوبوا فوهات بنادقهم إلى رأسه، في حالة تأهب وكأنه جاسوس إسرائيلي، و تم إنزاله، وسط صمت الركاب جميعاً، وكتمهم للأنفاس،لتحفر صورة ذلك الرجل الخمسيني في ذاكرتي، وتمثل أمام عيني حتى الآن، دون أن يعلم أحد مامصيره، إلى الآن…!؟ ،حدث أنه إثر نشر تلك القصيدة، في تلك الصحيفة السورية، أن تم-على الفور-استدعاء المحرِّر المشرف على الصفحة- والتحقيق معه في أمر القصيدة، وهل هي جزء من “المؤامرة الخارجية الكبرى..؟”، ولولا أن أغلب محرِّري الصحف، من عظام الرقبة،أو الصامتين، ،في بلد ردد طلاب مدارسه ربع قرن ،في الاجتماع الصباحي في مدارسهم، عبارة”عهدا” …… ” ….
وأن نسحق عصابة الأخوان المسلمين العميلة،لحدث للشاعر المسكين مالايحمد عقباه..!
“!.!
وما أن بدأت الزمرة الدموية في دمشق، قبل حوالي أسبوعين، بإعلام أعضاء مايسمى ب”مجلس الشعب”، ومن هم من بطانتها” بالخروج من حلب،حالاً،لتمشيطها، وباتت فلول بقايا الجيش والشبيحة، تتجه نحو الشمال، لتأديب أبناء منطقة حلب-حسب برنامج التأديب السوري-ومن مفرداته “الموت”و”الخراب” و”الدمار” و”الحرق”- حتى فكرت بالكتابة عن حلب، وهي حاضرة الشمال كله، بل عاصمة سوريا الثانية،رسمياً، ومجازياً، والاسم الأقرب إيقاعياً إلى مسامع أبناء المنطقة التي فتحنا فيها أعيننا، كجهة من”شمال الشمال” و”شرقيه”، بحسب خريطة البلاد، في ثوب راهنيتها، وكان أن قادتني الأذن، إلى ذبذبات ذلك العنوان المبيَّت فيها، منذ ثلاثة عقود ونيِّف، كي تستنهض”قصيدة حلب” “أو”قصائد حلب”، تقدِّم نفسها، عنواناً لتلك المدينة التي كانت محج السوريين، داراً للثقافة، والفن، والتجارة، والطبابة، والمعرفة، يدرس فيها أبناؤنا الطلاب،وهي تجمع بين رائحتين:الماضي، والحاضر، حيث لم يستطع فتح قناة السويس، في العام 1869 ولا وأد طريق الحرير، ولا إعادتها لخريطة سوريا، بعد سقوط الدولة العثمانية، غلق باب الحيلة أمام أبنائها الذين جعلوها مركزاً تجارياً داخلياً، وعربياً، وعالمياً، ليكون اسم “Aleppo ” مواكباً اسم دمشق، وإن الرحالة، والمستشرق، والتاجر، الذين لم يزوروا عاصمة سوريا الثانية، يعتبرون أنهم لم يعرفوا سوريا العظيمة التي حاول النظام أسر نمورها، عشراً بعد عشر*، ظناً منه أنه قادر على تغيير سنة التاريخ، وتطويب هذا البلد الأمين حظيرة لثنائية الاستبداد والخنوع، غير عارف أن من يُجبر ذات مرة على الهتاف للرمز المصطنع الأول، لابد أنه سيهتف –لا محالة- لسقوط هذا الرمز المتغطرس،في يوم تال ما،، لاسيما وأن أية دراسة لتاريخ الاستبداد في سوريا، لابدَّ أن تعرِّج على مسألة رئيسة، وهي أنه غير قادر، أن يواكب دورة التاريخ، لأنه يحمل في أعماقه بذرة سقوطه، وكأكبر مثال على ذلك هو أن تعاطي النظام الدموي مع “الميديا” العالمية، وثورة الاتصالات جاء ضمن معادلة مختلة، وهي تجميل الصورة القبيحة له، دون معالجة المعادلة الداخلية في ذات المواطن، التي لايمكن أن تستوي إلا في ظل توافر المناخ الديمقراطي، والعدالة، والحرية، وهي جميعها، نواسف، نائمة، -في وجه حالة السكون وكتم الأنفاس- وستظل في لحظة ترقب، إلى أن تستيقظ، لإعادة الأمور إلى نواصيها، والتحاق المواطن السوري، بركب الزَّمن، لأداء دوره العظيم، واللائق به
…!
في تلك الأجواء الرَّهيبة التي كان مجرد وجود اسم إحدى تلك المحافظات الممنوعة على خانة البطاقة الشخصية لمواطن، في إحدى حافلات النقل، أمراً يدعو إلى النفير-وقد شاهدت بأم عيني ذات مرة، كيف تم إنزال مواطن حموي كان يجلس قربي، في حافلة ركاب تعمل على طريق الحسكة، قامشلي، من قبل رجال الشرط والأمن ممن صوبوا فوهات بنادقهم إلى رأسه، في حالة تأهب وكأنه جاسوس إسرائيلي، و تم إنزاله، وسط صمت الركاب جميعاً، وكتمهم للأنفاس،لتحفر صورة ذلك الرجل الخمسيني في ذاكرتي، وتمثل أمام عيني حتى الآن، دون أن يعلم أحد مامصيره، إلى الآن…!؟ ،حدث أنه إثر نشر تلك القصيدة، في تلك الصحيفة السورية، أن تم-على الفور-استدعاء المحرِّر المشرف على الصفحة- والتحقيق معه في أمر القصيدة، وهل هي جزء من “المؤامرة الخارجية الكبرى..؟”، ولولا أن أغلب محرِّري الصحف، من عظام الرقبة،أو الصامتين، ،في بلد ردد طلاب مدارسه ربع قرن ،في الاجتماع الصباحي في مدارسهم، عبارة”عهدا” …… ” ….
وأن نسحق عصابة الأخوان المسلمين العميلة،لحدث للشاعر المسكين مالايحمد عقباه..!
“!.!
وما أن بدأت الزمرة الدموية في دمشق، قبل حوالي أسبوعين، بإعلام أعضاء مايسمى ب”مجلس الشعب”، ومن هم من بطانتها” بالخروج من حلب،حالاً،لتمشيطها، وباتت فلول بقايا الجيش والشبيحة، تتجه نحو الشمال، لتأديب أبناء منطقة حلب-حسب برنامج التأديب السوري-ومن مفرداته “الموت”و”الخراب” و”الدمار” و”الحرق”- حتى فكرت بالكتابة عن حلب، وهي حاضرة الشمال كله، بل عاصمة سوريا الثانية،رسمياً، ومجازياً، والاسم الأقرب إيقاعياً إلى مسامع أبناء المنطقة التي فتحنا فيها أعيننا، كجهة من”شمال الشمال” و”شرقيه”، بحسب خريطة البلاد، في ثوب راهنيتها، وكان أن قادتني الأذن، إلى ذبذبات ذلك العنوان المبيَّت فيها، منذ ثلاثة عقود ونيِّف، كي تستنهض”قصيدة حلب” “أو”قصائد حلب”، تقدِّم نفسها، عنواناً لتلك المدينة التي كانت محج السوريين، داراً للثقافة، والفن، والتجارة، والطبابة، والمعرفة، يدرس فيها أبناؤنا الطلاب،وهي تجمع بين رائحتين:الماضي، والحاضر، حيث لم يستطع فتح قناة السويس، في العام 1869 ولا وأد طريق الحرير، ولا إعادتها لخريطة سوريا، بعد سقوط الدولة العثمانية، غلق باب الحيلة أمام أبنائها الذين جعلوها مركزاً تجارياً داخلياً، وعربياً، وعالمياً، ليكون اسم “Aleppo ” مواكباً اسم دمشق، وإن الرحالة، والمستشرق، والتاجر، الذين لم يزوروا عاصمة سوريا الثانية، يعتبرون أنهم لم يعرفوا سوريا العظيمة التي حاول النظام أسر نمورها، عشراً بعد عشر*، ظناً منه أنه قادر على تغيير سنة التاريخ، وتطويب هذا البلد الأمين حظيرة لثنائية الاستبداد والخنوع، غير عارف أن من يُجبر ذات مرة على الهتاف للرمز المصطنع الأول، لابد أنه سيهتف –لا محالة- لسقوط هذا الرمز المتغطرس،في يوم تال ما،، لاسيما وأن أية دراسة لتاريخ الاستبداد في سوريا، لابدَّ أن تعرِّج على مسألة رئيسة، وهي أنه غير قادر، أن يواكب دورة التاريخ، لأنه يحمل في أعماقه بذرة سقوطه، وكأكبر مثال على ذلك هو أن تعاطي النظام الدموي مع “الميديا” العالمية، وثورة الاتصالات جاء ضمن معادلة مختلة، وهي تجميل الصورة القبيحة له، دون معالجة المعادلة الداخلية في ذات المواطن، التي لايمكن أن تستوي إلا في ظل توافر المناخ الديمقراطي، والعدالة، والحرية، وهي جميعها، نواسف، نائمة، -في وجه حالة السكون وكتم الأنفاس- وستظل في لحظة ترقب، إلى أن تستيقظ، لإعادة الأمور إلى نواصيها، والتحاق المواطن السوري، بركب الزَّمن، لأداء دوره العظيم، واللائق به
…!
وتأسيساً،على ماتقدَّم، فإن قصائد حلب هنا، ليست قصائد حقاً، ولا دراسة بيبلوغرافية، أو أدبية، أو توثيقية بأمَّات القصائد التي كتبت عن هذه المدينة العملاقة التي عرفت أبا فراس الحمداني، والكواكبي، وكيالي وحامد بدرخان وغيرهم ..وغيرهم…-كأعلام وأمثلة- وما أكثر تلك القصائد التي كتبت عن هذه المدينة!،كما أسلفت الإشارة، وما أكثر تلك الدراسات،بل هي وقفة وموقف مع هذه المدينة التي كم سافرنا إليها من أجل لقاء ثقافي، أو سياسي، أو اجتماعي، أو لدواع صحية، متقرين مبهورين بمعالمها: القلعة، ونهرها القويق، وساحاتها،بل و فستقها، وزعترها، ناهيك عن منتوجاتها الأخرى، الأكثر شهرة، عالمياً، وقبل ذلك سماحة إنسانها الذي حاولت حقبة “الاستبداد” أن تنال منها، كما سواها، إلا أنها هاهي ذي تحاول عبر ثورة الكرمة، إعادة الأمور إلى مدراتها، كي يستعيد السوري إباءه، وعزَّه، وحريته، بعد طوال مصادرة، وهدر، ونيل، وإذلال وقهر….!
الدوحة 27-7-2012
وتأسيساً،على ماتقدَّم، فإن قصائد حلب هنا، ليست قصائد حقاً، ولا دراسة بيبلوغرافية، أو أدبية، أو توثيقية بأمَّات القصائد التي كتبت عن هذه المدينة العملاقة التي عرفت أبا فراس الحمداني، والكواكبي، وكيالي وحامد بدرخان وغيرهم ..وغيرهم…-كأعلام وأمثلة- وما أكثر تلك القصائد التي كتبت عن هذه المدينة!،كما أسلفت الإشارة، وما أكثر تلك الدراسات،بل هي وقفة وموقف مع هذه المدينة التي كم سافرنا إليها من أجل لقاء ثقافي، أو سياسي، أو اجتماعي، أو لدواع صحية، متقرين مبهورين بمعالمها: القلعة، ونهرها القويق، وساحاتها،بل و فستقها، وزعترها، ناهيك عن منتوجاتها الأخرى، الأكثر شهرة، عالمياً، وقبل ذلك سماحة إنسانها الذي حاولت حقبة “الاستبداد” أن تنال منها، كما سواها، إلا أنها هاهي ذي تحاول عبر ثورة الكرمة، إعادة الأمور إلى مدراتها، كي يستعيد السوري إباءه، وعزَّه، وحريته، بعد طوال مصادرة، وهدر، ونيل، وإذلال وقهر….!
الدوحة 27-7-2012
*النمور في يومها العاشر