استغراب واستفسار… عنوان مثير

صبري رسول

كتب الزميل والصديق توفيق عبد المجيد مقالاً بعنوان الكلمتين المثيرتين للجدل، مستغرباً من اليقين الأبيض للبيان الصادر عن أحدَ عشرَ حزباً، الذي يؤكّد في سطوره القلقة أنّ تلك الأحزاب غير ملتزمة (إلا بما يبحث ويتقرر في الهيئة التنفيذية للمجلس الوطني الكردي وأمانتها العامة) حيث ينتابهم شعورٌ وتوجّسٌ من أشقائهم (الأعزاء جدا) من الأحزاب الأخرى، لأنّ ((جهات حزبية محددة))- حسب رؤية البيان الفاحصة لتحركاتها ((تعمل في صفوف المجلس الوطني الكردي تحاول الاستئثار والتفرد والهيمنة على عمله)) مما دفعها لإصدار هذا البيان البركاني، وبالسرعة الكلية، فأثار بالمطلق الكوني حفيظة الصديق توفيق عبد المجيد وأقلق مضجع قلمه، فانبرى يدافع عن المصلحة الكردية العليا التي اهتزّت عروشها من حمم ومقذوفات البيان المخروطي.
يطرح الأستاذ توفيق تساؤلاً مصاغاً من رونق الهمزة الاستفهامية مع (لم) النافية الجازمة ثلاث مرات، المرة الأولى نوافقه لأنّ الإجابة جزءٌ من السؤال، وصحيحة في الوقت نفسه، وفي الثانية نشكّك في الإجابة:(( ألم تتشكل الهيئة الكردية العليا بطريقة الانتخاب العلني وفي جو من الحرية والديمقراطية؟)) لأنّ القيادات الكردية لا تعرف الديمقراطية، والحصيلة في حصاد الانتخاب جاءت بعد الاصطفافات الحزبية (لا نقول تكتلات) وفي الثالثة: جاء عددُ أعضاء الهيئة مفروضاً كصيام المسلمين في الشهر الفضيل، حسب اتفاق (هولير) المكرّم، أما الاستغراب الكبير المُدهِش فيأتي مع تسعِ أسئلة مصاغة بتشكيل من الحرف النازف (هلْ) الأمين على نقل التساؤل كرسولٍ أمين.

الأسئلة تلك موجّهة كسهامٍ منطلقة إلى شفاه قادة الأحزاب التي لم يحالفهم (الشانسُ) التائهُ الباحثُ عن عناوين أحزابهم المجهرية الضائعة، فاستدرجه الهواءُ الطَّلق إلى بوابات الأحزاب التي خطفت عضوية الهيئة العليا.


هنا يتبادر إلى ذهني سؤالٌ ذو شقين، توأمين من رحمٍ واحد كالأحزاب الفائزة والخاسرة؛ التوأم الأول طرحه الأستاذ توفيق وأوافقه بالممكن الرحيم ((ماهي صلاحيات الهيئة الكردية العليا، وماهي صلاحيات رئيس الأمانة العامة والهيئة التنفيذية والمجلس الوطني الكردي؟)) وأضيف: هل هناك نظام داخليّ للمجلس يحدّد ويفصّل صلاحيات كلّ هيئة له؟ وماهي صلاحيات الهيئة العليا؟ هل تنوب عن لجنة العلاقات الخارجية؟
والتوأم الثاني: الذينَ زاروا إقليم كردستان يسمّيهم الأستاذ توفيق (وفداً) علماً أنّ هؤلاء القادة كانوا في اجتماع الأمانة العامة ليلة سفرهم، ولم يُخبرواً أحداً عن زيارتهم، ولا عن وجود دعوة موجّهة لهم أو لمجلسهم العتيد، وكانت حقائبُهم تنتظرهم في سياراتهم، بفارغ الصّبر شوقاً إلى تراب كردستان، وبعد انتهاء الاجتماع توجّهَ اثنان منهم إلى بوابة رسمية، وبجوازات رسمية، واتّجَهَ الثالث إلى بوابة محفوفة بالمغامرة، على حدودٍ مائية- برية تعوم على المجهول.

وعند سؤالهم عن الزيارة أجابوا بعد قسمهم بأثقل العقائد الإلهية أنّ الدعوة كانت شخصية واسمية.

فوضعَ السائلون طيناً محروقاً في أفواه الأسئلة لقمعها.

فكيف تسميهم وفد المجلس يا أستاذي الكريم.

ومن ثمّ حدَثَ ما حدث، والتقت مصالح الآلهة مع مصالح البشر، ووقفَوا مصطفين منتظرين حصاد زراعتهم، وحمل محصولهم إلى الهيئة العليا المقدّسة.

في نهاية مجرى الكلام، (كلماتي بعدد كلمات مقاله) وتأكيداً مركباً للمصداقية، لستُ ناطقاً باسم تلك الأحزاب، ولا أمثّلها، لكن بحثاً عن الحقيقة جازفتُ بمغامرة الموقف.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…