المجتمع الدولي وإعادة تدوير المشكل السوري

عمر كوجري

 لا مناص أن الثورة السورية حازت على اهتمام واسع على مستوى ورش ومؤتمرات وملتقيات  على المستوى الدولي، فمنذ زمن بعيد لم تجتمع الأسرة الدولية بجميع محافلها وهيئاتها لمناقشة موضوع هام وحيوي ونشط كل يوم وكل لحظة كموضوع الثورة السورية.

وفي أحدث التفاصيل أن الأسرة الدولية ستوفد الأخضر الإبراهيمي إلى هذه المنطقة الملتهبة خلفاً لعنان الذي فشل في مهمته كما أعلن، كما أن مجلس الأمن الدولي سيجتمع في الثلاثين من الشهر الحالي، للبحث من جديد في الأزمة السورية، وهذه المرة على مستوى وزراء الخارجية، بتفويض ودعم مباشر من فرنسا.
 وقالت الخارجية الفرنسية إن فرنسا دأبت على الدعوة الى عقد جلسة “عاجلة” لمجلس الأمن لمناقشة الملف السوري لكنها لم تتمكن من تنظيم الاجتماع سوى في آخر يوم من رئاستها للهيئة الأممية.

وذكر البيان أن فرنسا تعتزم من خلال حشد الشركاء بمجلس الأمن ابداء دعمها للشعب السوري وقلقها المتزايد بشأن الاستقرار الاقليمي وحرصها على الانتقال الى نظام ديمقراطي وتعددي في سوريا.
لقد بات من الواضح للسوريين، ولجميع من يهمه او لا يهمه أمر سوريا  أن هذه الثورة هي بالفعل ثورة يتيمة، فالسوريون يدفعون منذ أكثر من سبعة عشر شهراً فاتورة ضخمة ويومية من دماء خيرة دون أن يفكر أحد بوضع حد لهذه المأساة الإنسانية التي طالت واستطالت، وذنب السوريين الوحيد أن بلدهم لا ينام على بحر من خيرات نفطية وغيرها، وما غزارة هذه المؤتمرات الدولية والإقليمية والخطط التي يطرحها هذا الطرف أو ذاك إلا إعادة تدوير للمشكلة السورية، والتفرج على دماء الابرياء والضحايا من بعيد.
يخوض المجتمع الدولي نفاقاً واضحاً بخصوص ثورة السوريين، والجميع يضع طربوشه في رأس الآخر، بينما في واقع الحال هذه الفرص لا طائل منها ولا تتطلب غير إدارة الأزمة السورية، وكل هذه المبادرات لا تساهم إلا في زيادة منسوب الدم السوري كل يوم، وكل لحظة.
 وفي كل مهلة ومبادرة فرصة ثمينة لإعادة إنتاج الحل العسكري الذي يبدو وحيداً في هذه المعمعة الباهظة، هذا الحسم الذي لا يفرق بين طفل أو مسن أو حانوتة صغيرة أو عمارة، لا بل أن أحياء ومدناً كاملة تدك عن بكرة أبيها وتتهدم البيوت على رؤوس أصحابها دون ان تنفع تنديدات وقرارات ومؤتمرات المجتمع الدولي في رد الموت عن شعب سوريا من أقصى الشمال في ديرك وعيد ديوار إلى أقصى الجنوب في درعا.
 رغم كل هذا التوحش لا يبدو في الأفق أن الثوار قد يقدّمون فروض الطاعة، والتكفير عن ” الخطايا”  و” يادار ما دخلك شر”
الثورة حالياً ورغم عبثية واستحالة توازن القوى العسكري بين النظام و النظام في تطور يومي مطّرد، وإرادة السوريين اليوم أقوى من أي وقت في تسطير تاريخ جديد للبلد، مهما بدت التضحيات جسيمة.
هكذا يعلمنا التاريخ، والتاريخ أبلغ الحكماء حتى وإن علت صفحاته شيء من غبار السنين.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…