حول (التصريح) الموجه لرابطة الكتاب والصحفيين الكرد في سوريا.. لصالح من التشتت والصراع ؟

د.

محمود عباس

 آخر ما يجب ان يفكر فيه الكتاب والصحفيين الكرد الواعيين لقضيتهم خلق إنقسام في الحراك الثقافي الكردي مشابهاً أو قريبا لإنشقاقات الحراك الكردي السياسي، والذي أدى إلى ما يكمن فيه مجتمعنا من التشتت والضعف ووهن الهيبة على الساحتين الداخلية والخارجية، وبالتأكيد إننا من الذين لا يودون العمل الإنفرادي وإقصاء الآخر حتى ولو كان مخالفاً لنا فكراً أو في الطرق النضالية، كم كان بودنا كتابة هذه الكلمات على خلفية محاورة ثقافية أو نشاط أدبي بين الكتاب والصحفيين الكرد لا على خلفية ظهور بوادر صراع بينهم، مبنية على خلفية حجج هلامية لا وجود لها في الواقع الملموس.
    التشعبات الفكرية والإنزياحات الثقافية المنجرفة مع الأبعاد الجغرافية خلقت في مجتمعنا ضياع الثقة بالآخر، أي كان، الداخل للخارج أو الخارج للداخل! هذا المفهوم المبالغ فيه جدلاً اجبرنا أن ننجرف إلى أهواء وأجواء مليئة بالشكوك، فخلق تلاطم  في الحراك الكلي، الثقافي والسياسي، أدى في بعضه إلى تشتت في القدرات الفردية، وضياع لمواهب ثمينة.

لغاية التقريب النضالي بين هذه القوى المتنوعة بكليته وخلق بنية جمعية تتحد عليه القوى الفكرية، إتجهنا نحو منطق البدء بتماسك الكلمة على مدارك معينة، وكانت ظهور فكرة تكوين الرابطة لتلقى الكلمة سنداً لها ودعماً جمعياً من الآخر المساند، إنبثقت النزعة لتكوين هيئة  للكتاب والصحفيين الكرد في غرب كردستان، بعد دراسة ومحاورات مطولة بين البعض من الكتاب في الخارج والداخل فكان الإتفاق على أحياء تجربة سابقة كان قد غطي برماد الزمن، والتي كانت قد تشكلت في 22 نيسان عام 2004، وهذا ما كان، والبادرة كانت من الكتاب المؤسسين للرابطة نفسها في الداخل، حينها  كانوا لا يزالون في الوطن واليوم هم نفسهم في الخارج مع مشاركة جمعية من بعض الإخوة الآخرين في الخارج والداخل، بقيت رابطة ولم ندعي بإنها اتحاد تضم جميع الإخوة الكتاب والصحفيين، وهي تضم أعضاء من مختلف الأحزاب السياسية ومن المستقلين، وهناك كان التشديد التام في النظام الداخلي على أن المرجعية هي للأخوة الكتاب والصحفيين في الداخل والمركز هي مدينة قامشلو.

   وعليه كان النظام الداخلي مؤقتاً وبقي مفتوحاً ولا يزال للتنقيح والدراسة من قبل أي كاتب أو صحفي كردي يرى النقص فيه أو يتطلب تعديل فقرة ما، كما إن الهيئة الإدارية في الخارج والداخل مؤقته لحين تشكيل المؤتمر التأسيسي، وعندما نشر النظام الداخلي واسماء اعضاء الهيئة الإدارية على المواقع الكردية في المرة الأولى  في السنة الماضية اتفقنا على عدم تبيان المراكز لإنها مؤقتة.
    نود ان ندخل في حديث غير مقتضب مع معظم الإخوة من الكتاب والصحفيين الكرد في غرب كردستان،  ونبين من خلالها النقاط التي لا تجلب رغبة البعض بتشكيل مثل هذه الهيئة!  لماذا لم يشارك أحد في نقاش ما وتشكل مثلها قبل الحديث عن عقد المؤتمر في هولير؟ هل مثل هذه الهيئة مضرة بالمجتمع الكردي والقوى الكردية الثقافية أو السياسية؟ وإن كانت فما هي مضارها، علنا نعي ونتراجع عن هذا العمل المخل بالمجتمع الكردي؟! وغيرها من الأسئلة، التي لم تلقى علينا  ولم يطلب أحد منا النقاش عليه! كما لم يبين أحد من الداخل أو الخارج رغبة مسبقة بتجميد هذه الرابطة لإنها مضرة بالقضية أو المثقف الكردي ولم يصرح أي فرد عن رأي ما بالسلب، باستثناء كاتبين اعتذرا عن عدم المقدرة على تقديم خدمات للرابطة في اللحظة الحالية وعلى الأغلب كانت الأسباب ذاتية بحتة، معظم ما ورد كان بالإيجاب وحصلنا على تأييد ومساندة مجموعة كبيرة من الإخوة الكتاب والصحفيين الذين بلغ عددهم في الرابطة حتى اللحظة 250 عضواً من الداخل والخارج.
   الآن نحن جميعاً في الهيئة الإدارية في الداخل والخارج مستعدون أن نتناقش على جميع الأسئلة التي ستطرح… وأنا أول من سيسأل: هل  لو تشكلت رابطة في الداخل سترفض إنضمام الكتاب من الخارج إليهم  ويجب أن تكون إحدى شروط العضوية التواجد والعيش في سوريا؟  وهل أنه للاخوة الكتاب الذين في الداخل أفضلية على الذين في الخارج وما هي نقاط الأفضلية؟ هل على الذين في الخارج السكوت والصمت أمام القضايا القومية أو الوطنية لأنهم في الخارج؟ هل يعني هذا إنهم غير مطلعين على كل ما يجري في الداخل؟ هل يجب أن تكون هناك رابطة خاصة للكتاب والصحفيين الكرد في الخارج وأخرى منفصلة في الداخل؟.
   لنسأل بعضنا اسئلة وندخل في جدال ثقافي حضاري ما ربما عن طريقها نصل إلى نتيجة نتدارك بها نقاط الإختلاف على مواضيع ربما لا اختلاف عليه، لكنها ظهرت بسبب البعد وعدم التحاور عن قرب ” إنني أتحدث عن رابطة الكتاب والصحفيين الكرد في سوريا ”  مغزى الحديث ليس بيني وبين أي فرد محدد شخصيا….إننا نكتب هذه السطور على خلفية ” التصريح ” المذيل باسماء بعض الكتاب والذي نشر في المواقع الكردية حول المؤتمر الذي نحن بصدد عقده والذي لا يزال في طور المباحثات، وهو مؤتمر خاص باعضاء الرابطة ولم يذكر بإنه يمثل جميع الكتاب والصحفيين الكرد، كما وإننا  ” للعلم ” لم نشكل بعد أية لجنة لتحديد أعضاء المؤتمر، ولا حتى البحث في هذا الموضوع، وإذا كان الخبر قد انتشر كالنار في الهشيم خاصة بعد مؤتمر هولير السياسي، فإنه خارج عن منطقنا ومعلوماتنا، وكان على الإخوة الذين تحسسوا كثيراً من هذه الخطوة  الإتصال وارسال بعض الرسائل إلى أي فرد منا وهي بفضل الإنترنيت من أبسط الطرق، وتوضيح بعض النقاط التي تختلفون فيها مع الرابطة وطلب تصحيحه أو تعديل أو إلغاء ما تجدونه غير مناسب أو تبيان رأيكم حول النظام الداخلي أو المؤتمر أو ماشابه ذلك وكنتم وبالتأكيد  ستجدوننا على السوية التي نحترم فيها ارائكم وآراء جميع الإخوة الكتاب والصحفيين الذين في الرابطة أو خارجها والذين لايودون الإنضمام، نقدر مقترحاتكم ومقترحات الجميع، ولا نزال نبسط هذه الإقتراحات على  جميع الإخوة الكتاب والصحفيين الكرد في غرب كردستان، نحن من ضمن هذه الشريحة ولا نضع أنفسنا في خانة مخالفة أو مغايرة ولم ندعي بإننا من  كوكب آخر، نحن مجموعة من الكتاب والصحفيين نود أن نقدم خدمة لأصدقائنا ولمجتمعنا الكردي على قدر المستطاع، وبالتأكيد نحتاج إلى آراء الجميع ولنقد بناء لتصحيح الدرب.


   لكن هذا الإسلوب المفاجئ والتهجم بدون بنية مبنية على جدال أو نقاش منطقي مخالف لمعايير التفاهم على نقاط الإختلاف بل تحريض مباشر على خلق التنازع  ونحن الآن بغنى عنه بل وأحوج من أي لحظة أخرى في التاريخ إلى التفاهم والتقارب، إننا نبتعد بكليتنا عن الإنقسام والتشتت وخلق منافسات في الحراك الثقافي، وكلنا آذان صاغية لسماع جميع نقاط الإختلاف عليه ونتقبل بدون حدود النقد على أن لا يتجاوز مجال الرابطة وخصوصياتها أي أننا نبتعد عن النقد الشخصي بكليته وأبعاده وخلفياته، ونأمل أن لاتكون الخلافات راسخة على صراعات ذاتية وخلفيات ماضية، وللتأكيد على قبول منطق التفاهم على مبدأ الحوار،  كلف بعض الأعضاء من قبل الإخوة في الهيئة الإدارية من الداخل والخارج، ذلك حين إنتاب إلى مسامعنا إمتعاض بعض الإخوة من مبادرتنا على إقامة مؤتمر تأسيسي في هولير، ومحاولتهم تأسيس رابطة للكتاب مجابهة لرابطة الكتاب والصحفيين الكرد في سوريا وأخرى للصحفيين، انطلقت المبادرة وكان أول إتصال لرئيس الرابطة وتلتها اعضاء من الهيئة الإدارية في الداخل والخارج مع بعض الإخوة الذين ورد اسمهم في التصريح، وكان هناك  بعض التفاهم أو ربما هذا ماظنناه، ومن ثم هذه المفاجئة الغير لائقة بالحراك الثقافي عامة.

حلقات صراع أخرى في المجتمع الكردي إلى جانب الصراعات السياسية، وتشتت على تشتت!.

  ….
   نشر التصريح بدون تنبيه من قبل نفس الإخوة الكتاب الذين درج الحديث معهم، لا شك هؤلاء لهم مكانة  وأحترام وتقدير وهذه ليست مجاملة  نبعثها فقط لتفادي النقد أو لتغطية هذه المشكلة، الكثيرون منهم يعرفون رأينا هذا، وعليه طلبنا المحاورات والنقاشات وتبادل الاراء.

  
  لا شك بأن التصريح أضر بواقع الثقة بالمثقف الكردي، واستمرارية هذا الخلاف وعلى هذا النمط سيؤدي إلى هجرة فكرية ثقافية معاكسة لمنطق التلاحم والتكوين الجمعي الذي ينادي به معظم المثقفين الكرد، كما وسيؤدي إلى ضياع في أروقة التشتت و الإنجراف إلى مساوئ الصراع على اللاشيء بل سيكون صراعاً منطلقه ألغاء الآخر والنفور منه فكريا أو على بنية علاقات شخصية أو صراع ربما سياسي … الأسباب عديدة وجميعها لا تدخل في نطاق المفاهيم الثقافية والبنية الحضارية للتفاهم أوالتضاد، الإخوة الذين وقعوا على هذا التصريح أو الذين ربما قريباً سينطلقون لتشكيل رابطة أخرى بإسم الكتاب أو الصحفيين وربما ” إتحاد ” من منطلق مفهوم الداخل والخارج، والذي كان محور جدال ساخن بين السياسيين الحزبيين والمستقلين على مدى عقد!.


   للأسف المحاولة لم تكن منطقية من حيث البحث عن الطريقة السوية لمعالجة الأمور التي  لا نختلف عليها فعلا أو بالأحرى حيث لا اختلاف، إذا كنتم لا تودون عقد مؤتمر في الخارج أو في هولير بالضبط أو تنظرون  إلى حين أن تتغير الأمور في الداخل، فعلينا ان نتفق على أن تشاركوا الإخوة من الهيئة الإدارية في الداخل ونحن في الخارج سنكون دعم مساند لكم لعقد المؤتمر التأسيسي في الداخل؟ لا نختلف عليه، أما إذا كانت إمكانياتكم الكلية  محدودة في الداخل تحت الظروف الحالية، مع الأخذ بعين الإعتبار الغياب الكلي الذي سيحصل للكتاب والصحفيين من الخارج، فلا نظن بإنكم تملكون سبب منطقي ولكم الحق بالإعتراض على إقامة المؤتمر التأسيسي للرابطة في الخارج، وأي خارج هذا! إنه الإمتداد الكردستاني! مع ذلك نحن لا نزال وسنبقى نؤكد  ونكررعلى إننا في الخارج لا نمثل الرابطة والمركز هو الداخل لكن الظروف الآنية تتطلب منا القيام بالنشاطات إلى حين حصول الهيئة في الداخل على القوة الكلية حينها سيكون للداخل الدور الرئيس وإذا كانت لديكم القدرة على تبني هذه الأمور من الداخل  نحن مستعدون لتقديم الخدمات اللازمة لتشكيل هيئة في الداخل وذلك بالتشاور مع هيئة الرابطة في الداخل والتي هي الممثلة الفعلية ولا نظن بإننا ننشر او نكتب  أو نقوم بأي عمل دون علمهم، لكن هناك ظروف استثنائية تحدد مجال نشاطاتهم ونحن نتفهمها وعليه فإننا نقوم باللازم وإذا أردتم ذلك وليس لكم نية بتشكيل منفصل يمكنكم الإتصال بالإخوة في الداخل والعمل معاً وهذا هو منطلقنا ومنطقنا، أملين عدم إحداث شرخ في الحراك الثقافي وعدم تشتيته لقد أمتلئ جسم المجتمع الكردي وثخن بجروح الإنشقاقات… مع كل هذا ويبقى الحوار سيد المواقف و طاولة النقاش أسمى الساحات الحضارية لحل الخلافات، رغم إننا لا نرى حتى اللحظة أي خلاف!  … العمل الجمعي، هو اعظم الطرق لأجل بناء متين نخدم  به قدر المستطاع حراكنا الثقافي والسياسي والمجتمع الكردي عامة وهي غاية الكل نحن وانتم الذين وقعتم على التصريح المفاجئ… لا نبحث في دمج المفاهيم الثقافية أو السياسية  الكل حراً بآرائه، غايتنا توحيد الكلمة وتقريب المفاهيم، دعنا نجتمع لنكون رأي موحد على نقاط نضالية مشتركة…
د.

محمود عباس
نائب رئيس رابطة الكتاب والصحفيين الكرد في سوريا
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…