عام على الثورة عام من التحدي عام من الدماء

 فرحان مرعي

منذ انطلاق الثورة السورية في 15 آذارعام 2011 لم نكن نتوقع من النظام ان يقوم برش الورود على المتظاهرين السلميين كما لم نتوقع من نظام امني عسكري فلاحي جاء من قاع المجتمع   بالقوة والانقلابات العسكرية ان يترك السلطة سلمياً وبقراءة الفاتحة كما لو كنا نفسخ عقداً اجتماعياً سياسياً بين طرفين متفاهمين، ولكننا ايضاً لم نكن نتوقع ان تتعقد الازمة السورية ومجريات الثورة  الى هذه الدرجة من التعقيد والتشابك على الصعيدين الداخلي والخارجي -الى درجة – ان يصل اعمال القتل والتنكيل والتدمير الى حدود لم يسبق له مثيل لا في العالم القديم ولا الحديث ،هذا الشعب السوري، المسالم، المعتدل، المثقف، السياسي لم يكن يتوقع ان يخرج بين ظهرانيه رجال يقتلون ويعذبون ويخربون وينهبون ويغتصبون ويكذبون ويضللون الى هذه الدرجة من اللاانسانية ولا اخلاق ولا الضمير ضد شعبه وابنائه لمجرد انهم يطالبون بالحرية والكرامة والخبز
 حتى بتنا نشك في هوية هؤلاء لان السوري والمسلم لا يقتل ولا يجرم بهذا الشكل من الوحشية والسادية  ، اما على الصعيد الخارجي وللمفارقة الغريبة ان هذا النظام الذي كان دائماً ينقل صراعاته ومشاكله الى ارض الغير حول سوريا الى  مسرح للصراعات والتناقضات الدولية رغماً عنه وبدون ارادته واعلاناً بفشله ،حتى اصبحت دولة مثل روسيا تجد في الازمة السورية مجالاً خصباً لاعادة اعتبارها المفقود منذ انهيار السوفييت واعادة الروح  للفيتو الروسي ولكن ودائما ً على حساب الدم السوري رغم ان الروس وكما عاهدناها  في الازمات السابقة تبيع وتشتري في البازارات السياسية والدولية بابخس الاثمان، كما وتصبح امريكا حملاً وديعاً، سبحان مغير الاحوال ، وان كانت الامور واضحة ومكشوفة ولا تحتاج الى عناء التحليل والخبرة،  لاننا لا ننسى في هذه المعمعة التحالف الثلاثي غير المقدس بين سوريا وايران وتركيا وبتحريك خفي وسري ومن بعيد من اسرائيل ،هذه التحالفات التي ستتكشف معالمها وخفاياها عند السقوط المريع للنظام الشمولي في دمشق، والادهى من هذا وذاك ، ومما عقدت من الازمة ومجريات الثورة واختلاف في تقديرات الحقل والبيدر وهو انه والى جانب المقاومة البطولية النادرة لهذا الشعب- والتي ستدخل التاريخ من اوسع الابواب والشهداء والدماء- التزمت جزء منه جانب الصمت والحياد القاتل وعدم الجدية في الموقف من قبل البعض تحت سطوة الوهم والخوف والرهانات الفاشلة لتنقلب التعددية والتنوع الثقافي السوري الى الفشل في اللحظة التاريخية المناسبة تلك اللحظة الضرورية من اجل اعادة الاعتبار والوجود الى جميع مكونات الشعب السوري المقهور .

      ولكن في النهاية يثبت هذا النظام ليس انه مجرم فقط وانما غبي وغبي جداً  لانه راهن على الحل الامني وراهن اصدقائه وحلفائه على هذا الحل لذلك اعطوه مهلا ومهل حتى اصبح هذا النظام ملطخ بدماء الوقت ومخبول في فهم البعد التاريخي للمراحل والاسقاطات التاريخية الفاشلة، لقد اثبت غبائه عندما فكر في اعادة التجربة الدموية الحموية دون ان يستوعب ما يجري على الارض من حراك باعتباره ثورة شاملة شعبية وطنية سلمية شبابية ثورة حسمت امرها ولن تتراجع ومهما كلفها من دماء وشهداء ، وادرك الشعب السوري حقيقة ان رجوعه يعني انتحار جماعي ،  كما لم يستوعب هذا النظام ما جرى في العالم من تطورات سياسية وفكرية واعلامية وحقوقية وقانونية،ان الشعوب لا تموت بينما االطواغيت الى الزوال في النهاية، ان اللعب على الورقة الاعلامية الكاذبة والوقت والتدمير الهمجي لن يفيد، النصر في النهاية للشعب .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…