الصراع حول جنيف2

 صلاح بدرالدين

  من المرجح أن التوافق الأمريكي الروسي حول القضية السورية المحصن باالارادة والمباركة الدوليتين قد مهد السبيل ضمنا لنوع من توزيع الأدوار وتجاذب مواقع القرار والنفوذ حول شكل ومضمون ونتائج مؤتمر جنيف2 المزمع عقده أواخر الشهر الأول من العام الجديد وانعكاساته على كل من نظام الاستبداد وأهداف الثورة والعملية برمتها تعكس المشهد العام دوليا وإقليميا ومحليا في الصراع على وحول وفي سوريا .
ماذا يراد لجنيف2 اذا عقد ؟
  اذا كان جميع الأطراف المعنية والمتعاملة مع الملف السوري يجمعون ظاهرا على انهاء الأزمة واحلال السلام وإنقاذ البلاد والعباد عبر الحوار وصولا الى حكومة انتقالية ولكن الى جانب أنهم يخفون الكثير مما يضمرون يختلفون أيضا في طريقة اختيار المتحاورين والممثلين وكذلك بشأن صلاحيات الحكومة العتيدة وحول الأداة والوسائل والأهداف القريبة والبعيدة وفي الحالة هذه وكما يظهر حتى اللحظة ليس هناك من آفاق مضمونة حول أسباب وشروط نجاح المؤتمر المفتوح على كل الاحتمالات ومن بينها اقتصار الأمر فقط على مجرد الانعقاد والتقاط الصور التذكارية وحض المتصارعين على وقف النزيف .
  الطرفان الراعيان – أمريكا وروسيا – يطمحان في سرهما ومن دون اعلان الى استخدام المعضلة السورية منطلقا لتحقيق – الصفقة التاريخية – حتى لو اقتضى الأمر على أن تكون على حساب السوريين وثورتهم ووحدتهم وعنوانا لاعلان الحرب على ” الإرهاب ” حسب مفهومهما وذلك بالعمل على أن يرتقي جنيف2 الى مستوى أكبر من سايكس – بيكو بعد الحرب الأولى من حيث الاشراف والاعداد وتوفير الضمانات الدولية والمتعاقدين فتلك الاتفاقية كانت اقتصرت على إنكلترا وفرنسا ورضا روسيا القيصرية وشملت بقعة جغرافية محددة بعكس ما تطمح اليه أطراف جنيف2 التي تضم أمريكا وروسيا (شبه القيصرية) أساسا ودعم واسناد أوروبا والصين وايران والخليج ومشابها لمؤتمرات (مالطا وبوتسدام وطهران ومالطا) بعد الحرب الثانية ويصبح باكورة التوافق الغربي – الشرقي بعد الحرب الباردة وبداية القرن الجديد وفي نفس السياق فانه يراد أن تشمل الصفقة وفي حدود مصالح الكبار قضايا ومشاكل الشرق الأوسط بدءا من القضية الفلسطينية وإسرائيل مرورا بالمصالحة مع ايران وتسوية الخلافات معها حول النووي والنفوذ وحزب الله والوضع اللبناني ومثل كل صفقة مبرمة طوال التاريخ بين أصحاب القرار أسياد العالم فهناك دوما ضحايا ومغدورين شعوبا كانوا أوبلدانا وجماعاتا .


  النظام السوري بدوره الذي مازال يعيش على نشوة النصر – المزيف – في مسألة سلاحه الكيمياوي وتلقيه معسول الكلام من الجهات الدولية على تنفيذ المطلوب بدلا من ادانته على استخدام نفس السلاح ضد الشعب السوري يعمل جاهدا بدعم منقطع النظير من الروس والإيرانيين على تجيير جنيف2 لاعادة تبيض وتلميع صورته السوداء والخروج منه كشريك فاعل في محاربة الإرهاب بعد أن نجح – نسبيا – في تصدير مجموعات من الإرهابيين الى مناطق الثورة لتعمل على تلويث سمعتها واشغال الثوار في معارك جانبية .
  قوى الثورة ومؤيدوها وأنصارها وأصدقاؤها يبحثون عن الحل السلمي منذ اليوم الأول لاندلاع الانتفاضة ولكن على أساس تحقيق طموحاتهم المشروعة في اسقاط نظام الاستبداد واجراء التغيير الديموقراطي وانتزاع الحرية والكرامة والوفاء لدماء الملايين من الشهداء والمعتقلين والأسرى والمخطوفين والمشردين والنازحين وهم مع أي جنيف يعيد السلام ويحاكم القتلة والمجرمين ويعتبر ماصدر منذ أعوام ثلاثة من ممارسات القتل والتدمير تعود الى – إرهاب الدولة – ويشكل نظام الأسد وحلفاؤه من حرس الثورة الإيرانيين وحزب الله والجماعات الأخرى رأس الحربة فيه وبدون ذلك ليس هناك أية قيمة لمزاعم وادعاءات الطرفين الراعيين حول محاربة الإرهاب .
  الصراع حول جنيف2 كما الصراع على وحول سوريا قد يطول أو يقصر ولكن بنهاية الأمر لن يتحقق الحل السلمي العادل بدون إرادة الثوارالسوريين الذين يشرعون منذ حين في تجديد وتفعيل وتعظيم ثورتهم الوطنية الديموقراطية وقطع دابر (الثورة) المضادة من أية جهة جاءت .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…