يتجاهل الكثيرون أن القضية الكردية السورية هي مسألة سياسية ديموقراطية – إنسانية ترتبط عضويا بالحركة الوطنية الديموقراطية السورية العامة وجزء فاعل فيها في كل المراحل التاريخية التي مرت بها سوريا وأن الحركة الوطنية الكردية بتعريفها الواسع كتعبير عن إرادة الكرد بطبقاتهم الوطنية وفئاتهم الاجتماعية وتياراتهم السياسية لاتجد بيئتها المناسبة الا في المناخ الديموقراطي وهي شريكة في النضال المتواصل منذ عقود ضد الاستبداد وكانت قواها الناشطة والفاعلة والملتزمة بالوطن والشعب في مقدمة حركة المعارضة الوطنية وقدمت في سبيل ذلك التضحيات الجسام وواجه مناضلوها السجون والمعتقلات وأقصى العقوبات من أجل الديموقراطية والمساواة والحقوق القومية ومنذ اندلاع الانتفاضة الثورية في البلاد كانت الحركة الوطنية الكردية جزءا فاعلا في الاحتجاجات السلمية في مناطق تواجدها وقدمت الشهداء في أكثر من مكان وحتى لو تغنت مجموعات كردية حزبية بأقاويل مغلوطة مثل سياسة الموالاة للنظام أو – الحياد – بين الثورة والنظام فان الحقيقة التي لاتشوبها شائبة تؤكد على أن مصلحة الكرد عموما وأمنهم وحاضرهم ومستقبلهم هي مع الثورة والتغيير الديموقراطي هكذا تعلمنا عبر تجاربنا الخاصة ودروس تاريخ حركات الشعوب المناضلة من أجل الخلاص من الاضطهاد والقمع والتجاهل .
طوال تاريخ حركتنا الكردية السورية كان هناك نهجان سياسيان متناقضان : واحد يرى أن حل القضية الديموقراطية العامة في البلاد هو المدخل لحل القضية الكردية الخاصة لذا لابد من التلاحم مع الحركة الوطنية السورية والتحاور معها للاتفاق على صيغة توافقية على قاعدة الشراكة وآخر يستسهل الطريق الى الحل بالانخراط في مشاريع الأنظمة الحاكمة دكتاتورية كانت أم عنصرية أم استبدادية وكم تفاقمت الخلافات والصراعات بين أصحاب النهجين والتي بدأت منذ أيام المحاكمات الأولى لقادة (الحزب الديموقراطي الكردستاني – سوريا) في بداية الستينات وتفجرت وتبلورت وحسمت وانكشفت خيوطها أمام الملأ على شكل اليسار القومي الديموقراطي واليمين منذ كونفرانس الخامس من آب لعام 1965 وعلى هذه القاعدة بالذات واستمرارا لصراع النهجين في الزمن الراهن وباختلافات شكلية غير جوهرية وبمسميات إضافية نجد أحزابا أو مجموعات كردية كبيرة وصغيرة قوية وضعيفة تشذ عن القاعدة في مرحلة معينة كما في هذه الأوقات الا أنها لاتعبر عن الحقيقة الكردية التاريخية قد تتخيل تلك القوى وبعضها الأكثر (جماعات ب ك ك) عن دراية ودراسة وتخطيط مسبق مع أوساط نظام الاستبداد الأسدي أن الوقت مناسب لركوب موجة النظام والعمل في ظل ضوئه الأخضر على التفرد في بناء كيان حزبي – أمني – عسكري رادع في مناطق كردية وهو عمل غير مضمون يزول بزوال النظام إضافة الا أنه يشكل إساءة بالغة الى قدسية ومشروعية الحقوق الكردية بخلطها بأجندة النظام في مواجهة الثورة الوطنية السورية ومحاولة لعزل الكرد عن الشركاء الحقيقيين ورفاق الدرب والمصير المشترك وما يمكن أن يترتب على كل ذلك من مواجهات محلية خاصة في المناطق المختلطة وعلى المستوى الوطني ووضع الشعب الكردي المسالم في موقع لايحسد عليه وبدون ارادته وبمعزل عن أي اجماع وطني .