الحزب المؤسساتي المنتظر

*  كلمة العدد 455من جريدة آزادي
بقلم: هيئة التحرير

المؤتمر التّوحيدي المنتظر لأحزاب الاتحاد السياسي بات حديث الشّارع السّياسي الكردي منذ انتهاء أعمال الجولة الأخيرة من الحوارات  في هولير عاصمة إقليم كردستان العراق، وتختلف الرّؤى إليها من حيث موقف الرائي.

فهناك مَنْ ينظر إليه نظرة الشكّ متخوّفاً من ولادة تنظيمٍ يستقطبُ الطاقات الخلاقة للشعب الكردي، المجمّدة نتيجة تجاهل القوى السياسية لها، وعدم إفساح المجال أمامها للتعبير عن نفسها، واستنكافها في مساحة من التّرقب والنأي بالنّفس لعدم توفر الشّروط الموضوعية للاستفادة منها، وبالتالي سحب البساط من تحت أقدام هذه الفئة وتعرية مواقفها،
 كما أن هناك من ينظر إلى ذلك الحدث القومي بلهفة وتشوّق كي يجد له مكاناً طبيعياً في المجال المناسب له، وفي جانب آخر هناك من ينظر إلى هذه الولادة بعين العداء والمنافسة بوصفها البديل السياسي عن الخريطة السياسية الكردية المريضة (الحالية) التي لا تعبّر عن نبض الشّعب الكردي، حيث خرجت بعض القوى السياسية عن الهدف الاستراتيجي للمشروع القومي الكردي الهادف إلى حلّ القضية حلاً جذرياً، في إطار سوريا اتحادية يسودها نظامٌ تعددي ديمقراطي.

لذلك ولتوضيح التّوصيف السّياسي الدّقيق لميلاد هذا التنظيم نؤكّد على أنّ الحزب الذي سينبثق عن المؤتمر التوحيدي المرتقب لن يأخذ موقفاً عدائياً ضد أي قوة أو حزب كردي مهما كان حجم الاختلاف السياسي، كما أنّ الحزب المنشود لن يطرح نفسه بديلاً عن أحد، بل سيسعى مع كلّ القوى الكردية، صغيرها وكبيرها، لتوحيد الصّف والخطاب الكرديين، لتحقيق المصلحة الكردية العليا للشعب الرازح تحت الاستبداد والقمع والإنكار له على مدى عقود.
وما نريده من هذا المؤتمر ليس فقط دمجاً وحدوياً وجمعاً عددياً، بل تنظيماً سليماً يستند إلى الفكر المؤسساتي في بنيته التنظيمية، والاستفادة من الطّاقات المختلفة، ووضعها في المكان الملائم لتبدع وفق تخصصاتها، واستيعاب القوى الشبابية الفتية لتجديد الفكر السياسي بما يتوافق مع المتغيرات والمستجدات المتسارعة، وتربية جيلٍ شبابي مسلحٍ بثقافة سياسية تتجاوز الخلافات الحزبوية الضيقة، وتضع المصلحة الكردية العليا فوق أي اعتبار، والعمل من أجل تجاوز حالة الترهل التي أصابت المجلس الوطني الكردي ليلعب دوره القومي والوطني، بوصفه إنجازاً قومياً يجب الحفاظ عليه وتطويره وفق الظروف الجديدة.
والحزب المنشود ردٌّ طبيعيٌّ على التّشتت والتّشرزم والانقسام التي نخرت جسم الحركة السياسية الكردية، وأضعفت أدائها القومي وأدّت إلى عزوف الجماهير الكردية عن الانخراط في العمل السياسي، والابتعاد عنه، والحزب المنتظر سيحمل تطلعات الشعب الكردي، نحو الحرية والكرامة.

قد يتساءل الكثيرون عن أسباب تأخير هذا الإنجاز، وهذا حق مشروع، فإذا تأخرت هذه الخطوة فهذا أمر طبيعيّ لأن بلادنا تمرّ بظروف استثنائية، لكن رغم ذلك جاءت الخطوات نوعية وموزونة، وتمت إزالة المعيقات كلها، وستُنجزُ الوحدة المرتقبة قبل نهاية العام الحالي.

* يصدرها الإعلام المركزي لحزب آزادي الكردي في سوريا 

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…