بقلم: محمد خليفة
الحوار باللكمات..
كالعنف بالكلمات !!
اتصل بي أحدهم وسألني عن تقييمي لنتائج الدورة الأخيرة للهيئة العامة للائتلاف الوطني (9-11 تشرين الثاني/نوفمبر) فأجبته بأنها ناجحة, فاستغرب وأسمعني رأياً اناعياً مضاداً قاتماً عن حال المعارضة السورية فسألته لم؟ قال: ألم تعرف أن فلاناً وفلاناً من قادة الائتلاف تبادلا اللكمات بالأيدي في نهاية الاجتماع؟ قلت: هل يلغي هذا ايجابية النتائج الموضوعية للدورة..؟
الحوار باللكمات..
كالعنف بالكلمات !!
اتصل بي أحدهم وسألني عن تقييمي لنتائج الدورة الأخيرة للهيئة العامة للائتلاف الوطني (9-11 تشرين الثاني/نوفمبر) فأجبته بأنها ناجحة, فاستغرب وأسمعني رأياً اناعياً مضاداً قاتماً عن حال المعارضة السورية فسألته لم؟ قال: ألم تعرف أن فلاناً وفلاناً من قادة الائتلاف تبادلا اللكمات بالأيدي في نهاية الاجتماع؟ قلت: هل يلغي هذا ايجابية النتائج الموضوعية للدورة..؟
دخلت الـ((فايس بوك)) بعد هنيهة فلاحظت أن ثواره وكتابه ورواده السوريين وجدوا – كعادتهم – مادة مسلية ومغذية تعطيهم الوقود الذي يحتاجونه يومياً لشحن بطارياتهم ومتابعة حملاتهم الشعواء المسعورة على كل ما يمت للمعارضة السياسية بصلة, معتبرين الحادثة برهاناً جديداً يؤكد انحطاطها وسوقيتها, وعدم أهليتها لتمثيل الشعب السوري وثورته..
إلخ.
الحادثة مؤسفة بالتأكيد, وما كان يليق بالرجلين أن يفعلاها, ولكنها مجرد حادثة في هذه الحدود, ولها سوابق متكررة في غالبية المؤتمرات السابقة للمعارضة السورية, ووقع مثيلها في برلمانات دول كثيرة في العالم, ولكنها على أي حال ليست جناية موصوفة تستوجب فرض عقوبة الإعدام الجماعي على أعضاء الائتلاف وطمس انجازاته التي تحققت في الدورة الأخيرة, وخاصة اتخاذ الموقف الملائم من استحقاق جنيف 2, والاستجابة لتحديات التعاطي مع المجتمع الدولي, حيث اتخذ الائتلاف الموقف العقلاني الصحيح والقوي, وسبقه شهر من الأداء الناجح على المسرح الدولي.
وكان يتعين علينا تركيز الاهتمام على هذا المعطى المهم بدل التمادي في الردح والعويل والنواح والشتم الأوركسترالي.
وكنت أتمنى أن يذكر الذين احترفوا مهاجمة المعارضة على سوء أدائها أن يكونوا منصفين ويشيروا إلى نجاحها في الفترة الأخيرة ولو من باب الحرص على موضوعيتهم إن لم يكن من باب الانصاف.
فإذا كان تشاجر اثنان من رجال الائتلاف مقياساً لانحطاط هذه المؤسسة السياسية فإن من الأحرى اعتبار حملات الردح والشتم والعويل والسباب مقياساً لانحطاط (الجماعة) التي يجسدها ثوار الـ((فايس بوك)) بل سقوطها الشديد, وتعبيراً عن حالة شيزوفرينيا متقدمة لديهم.
وإذا كان (الحوار باللكمات) دليل تخلف وعجز ومراهقة, فإن (العنف بالكلمات) هو الوجه الآخر لكل ما سبق.
والأخطر أن الذين احترفوا هذا الاسلوب الجهولي الظلوم وركبوا موجته يعتبرونه حقاً من حقوقهم وتعبيراً عن ديموقراطية مزاجية غوغائية وفّـرتها لهم الثورة وصار التهجم على كل احد واتهام كل أحد في نظرهم تجسيداً للإنتماء للثورة وتطبيقاً مقدساً للديموقراطية, وليس سوء استعمال لها وللـ((فايس بوك)).
وللأسف إن سوء استعمال الـ((فايس بوك)) وبقية شبكات التواصل الاجتماعي التي وفّـرتها ثورة العولمة لنا وفتحتها بدرجة متساوية للجميع هو المسؤول الأول عن هذا العنف الهمجي البذيء الذي يتخفى تحت قناع ممارسة حرية الفكر والنقد, وهو الذي هيأ الفرصة بل والسلاح القاتل لهؤلاء المرضى المتحذلقين الممتلئين حقداً وكراهية لكي يمارسوا عنفهم الكلامي وبطشهم اللغوي والأدبي وجرائمهم القاتلة بحق الآخرين, وهو أيضا الذي حقنهم بوهم أنهم أصبحوا كتاباً ومفكرين ومحللين استراتيجيين وثواراً فوق مستوى الآخرين متذرعين بمئات وعشرات (اللايكات) التي يحصلون عليها بعد كل عبارة بذيئة أو لكمة يسددونها الى وجوه خصومهم وأعدائهم.
لقد حلت مواقع التواصل الحديثة محل أبواب المراحيض العامة أو ما يسمى حيطان المجانين في سورية السابقة كمتنفس وحيد للشتم والتهجم والاساءة الشخصية والسياسية.
من يراقب هذه (المواقع) لا بد أن يلحظ أيضا نشوء وظهور (عصابات منظمة) لممارسة الجريمة المنظمة على النحو السالف, حيث يسود التضامن القبلي الأعمى بين مجموعات غالباً ما تستعمل الأسماء المستعارة .
وبمجرد أن يبدأ أحدهم شتم فلان من المعارضة أو غير المعارضة حتى تنهال عبارات التأييد, والتعليقات التي تمدح ثورية الكاتب الكاذب, وتضيف المزيد من النعوت الجارحة والعبارت السامة ضد الضحية المستهدفة, والتي لا تقل فتكاً وتنكيلاً بها عن وسائل وأدوات التعذيب التي تستعملها الاستخبارات السورية في أقبية شبيحتها, أو عسكر النظام الذي يحتل شوارع المدن ويمارس الطغيان وإذلال المواطنين المساكين.
ولا أحد من ثوريي الـ((فايس بوك)) و((التويتر)) يراجع نفسه مرة واحدة, أو يقف ليسأل صديقه ما دليلك على اتهام فلان أو فلانة بالسرقة والخيانة والعمالة.
فكل ما يرشقون الناس به من لكمات كلامية واتهامات رصاصية قاتلة وسياط موجعة إنما هي في نظرهم حقائق لا تقبل الدحض, طالما أن هناك مئات من اللايكات جاهزة فوراً للبصم على قرار الاتهام والادانة والاعدام.
وطالما أن جمهور المحلفين ما هم إلا قبائل بدوية تتناصر على الحق والباطل, أو جهلة بلا أي مستوى من التهذيب والحكمة.
هذا (العنف الكلامي) الذي يتخفى في ثياب الثورية والمزايدات اللفظية أعطى مفعوله السمي القاتل بسبب سريانه بكثافة في جسد الشعب السوري ووعيه, وظهرت أعراضه المدمرة على شكل حالة يأس وقنوط وإحباط تفشت بيننا على نطاق واسع, وحالة شك وارتياب في كل المعارضة بل الثوار والمقاتلين الوطنيين المخلصين من الجيش الحر, وحالة من الهزيمة والانسحاق والوهن النضالي العام.
وفي النتيجة فهؤلاء الثوريون المزيفون يتحملون قسطاً عظيماً من المسؤولية عن حالة الفشل والتراجع التي أصابت الثورة عليهم أن يعوها قبل أن يتهموا الآخرين.
وإذا كان كثير من خبراء السياسة والاعلام والأمن الأجانب المحايدين قد تأكدوا وأكدوا في الفترة الأخيرة أن النظام وحلفاءه نجحوا في ممارسة الحرب النفسية وبث دعاية سلبية ضد الثورة وفبركوا قصصاً واتهامات كثيرة (جهاد النكاح..
مثلاً) بلا أساس بهدف تدمير الثورة والثوار وتشويه المعارضة الوطنية, فإن مما لا شك فيه هو أن كثيراً من هؤلاء الثوريين المزايدين الذين نرى دوامهم النهاري – الليلي المتواصل بلا كلل ولا ملل على الـ((فايس بوك)) و((تويتر)) إنما هم في الواقع جنود الأسد السريون في هذه الحرب, وفصيل من شبيحته.
ولا شك أن بعضهم الآخر انساق في صفوفهم وانضم لحملاتهم نتيجة جهل متفاوت الدرجات, وقصور فطري في وعيهم, وضمور جيني في ضميرهم الأخلاقي, وتضخم بغرائزهم العدوانية ضد الآخر, ولا سيما عندما يشعرون بعجزهم عن إنجاز ما يلفت الانتباه اليهم ويعجزون عن تحقيق مآربهم وصبواتهم التي يعتبرون أنفسهم أهلاً لها وأولى من الآخرين فيصبون عليهم جامات غضبهم ويمارسون عنفهم الكلامي على صفحات ومواقع هدفها الاصلي ممارسة الحرية الجادة والتواصل الفكري البـنّـاء, وليس التقيؤ والتبول والتغوط من الأفواه بهذه الطرق الشاذة والمقرفة.
((أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه))..؟! صدق الله العظيم
إلخ.
الحادثة مؤسفة بالتأكيد, وما كان يليق بالرجلين أن يفعلاها, ولكنها مجرد حادثة في هذه الحدود, ولها سوابق متكررة في غالبية المؤتمرات السابقة للمعارضة السورية, ووقع مثيلها في برلمانات دول كثيرة في العالم, ولكنها على أي حال ليست جناية موصوفة تستوجب فرض عقوبة الإعدام الجماعي على أعضاء الائتلاف وطمس انجازاته التي تحققت في الدورة الأخيرة, وخاصة اتخاذ الموقف الملائم من استحقاق جنيف 2, والاستجابة لتحديات التعاطي مع المجتمع الدولي, حيث اتخذ الائتلاف الموقف العقلاني الصحيح والقوي, وسبقه شهر من الأداء الناجح على المسرح الدولي.
وكان يتعين علينا تركيز الاهتمام على هذا المعطى المهم بدل التمادي في الردح والعويل والنواح والشتم الأوركسترالي.
وكنت أتمنى أن يذكر الذين احترفوا مهاجمة المعارضة على سوء أدائها أن يكونوا منصفين ويشيروا إلى نجاحها في الفترة الأخيرة ولو من باب الحرص على موضوعيتهم إن لم يكن من باب الانصاف.
فإذا كان تشاجر اثنان من رجال الائتلاف مقياساً لانحطاط هذه المؤسسة السياسية فإن من الأحرى اعتبار حملات الردح والشتم والعويل والسباب مقياساً لانحطاط (الجماعة) التي يجسدها ثوار الـ((فايس بوك)) بل سقوطها الشديد, وتعبيراً عن حالة شيزوفرينيا متقدمة لديهم.
وإذا كان (الحوار باللكمات) دليل تخلف وعجز ومراهقة, فإن (العنف بالكلمات) هو الوجه الآخر لكل ما سبق.
والأخطر أن الذين احترفوا هذا الاسلوب الجهولي الظلوم وركبوا موجته يعتبرونه حقاً من حقوقهم وتعبيراً عن ديموقراطية مزاجية غوغائية وفّـرتها لهم الثورة وصار التهجم على كل احد واتهام كل أحد في نظرهم تجسيداً للإنتماء للثورة وتطبيقاً مقدساً للديموقراطية, وليس سوء استعمال لها وللـ((فايس بوك)).
وللأسف إن سوء استعمال الـ((فايس بوك)) وبقية شبكات التواصل الاجتماعي التي وفّـرتها ثورة العولمة لنا وفتحتها بدرجة متساوية للجميع هو المسؤول الأول عن هذا العنف الهمجي البذيء الذي يتخفى تحت قناع ممارسة حرية الفكر والنقد, وهو الذي هيأ الفرصة بل والسلاح القاتل لهؤلاء المرضى المتحذلقين الممتلئين حقداً وكراهية لكي يمارسوا عنفهم الكلامي وبطشهم اللغوي والأدبي وجرائمهم القاتلة بحق الآخرين, وهو أيضا الذي حقنهم بوهم أنهم أصبحوا كتاباً ومفكرين ومحللين استراتيجيين وثواراً فوق مستوى الآخرين متذرعين بمئات وعشرات (اللايكات) التي يحصلون عليها بعد كل عبارة بذيئة أو لكمة يسددونها الى وجوه خصومهم وأعدائهم.
لقد حلت مواقع التواصل الحديثة محل أبواب المراحيض العامة أو ما يسمى حيطان المجانين في سورية السابقة كمتنفس وحيد للشتم والتهجم والاساءة الشخصية والسياسية.
من يراقب هذه (المواقع) لا بد أن يلحظ أيضا نشوء وظهور (عصابات منظمة) لممارسة الجريمة المنظمة على النحو السالف, حيث يسود التضامن القبلي الأعمى بين مجموعات غالباً ما تستعمل الأسماء المستعارة .
وبمجرد أن يبدأ أحدهم شتم فلان من المعارضة أو غير المعارضة حتى تنهال عبارات التأييد, والتعليقات التي تمدح ثورية الكاتب الكاذب, وتضيف المزيد من النعوت الجارحة والعبارت السامة ضد الضحية المستهدفة, والتي لا تقل فتكاً وتنكيلاً بها عن وسائل وأدوات التعذيب التي تستعملها الاستخبارات السورية في أقبية شبيحتها, أو عسكر النظام الذي يحتل شوارع المدن ويمارس الطغيان وإذلال المواطنين المساكين.
ولا أحد من ثوريي الـ((فايس بوك)) و((التويتر)) يراجع نفسه مرة واحدة, أو يقف ليسأل صديقه ما دليلك على اتهام فلان أو فلانة بالسرقة والخيانة والعمالة.
فكل ما يرشقون الناس به من لكمات كلامية واتهامات رصاصية قاتلة وسياط موجعة إنما هي في نظرهم حقائق لا تقبل الدحض, طالما أن هناك مئات من اللايكات جاهزة فوراً للبصم على قرار الاتهام والادانة والاعدام.
وطالما أن جمهور المحلفين ما هم إلا قبائل بدوية تتناصر على الحق والباطل, أو جهلة بلا أي مستوى من التهذيب والحكمة.
هذا (العنف الكلامي) الذي يتخفى في ثياب الثورية والمزايدات اللفظية أعطى مفعوله السمي القاتل بسبب سريانه بكثافة في جسد الشعب السوري ووعيه, وظهرت أعراضه المدمرة على شكل حالة يأس وقنوط وإحباط تفشت بيننا على نطاق واسع, وحالة شك وارتياب في كل المعارضة بل الثوار والمقاتلين الوطنيين المخلصين من الجيش الحر, وحالة من الهزيمة والانسحاق والوهن النضالي العام.
وفي النتيجة فهؤلاء الثوريون المزيفون يتحملون قسطاً عظيماً من المسؤولية عن حالة الفشل والتراجع التي أصابت الثورة عليهم أن يعوها قبل أن يتهموا الآخرين.
وإذا كان كثير من خبراء السياسة والاعلام والأمن الأجانب المحايدين قد تأكدوا وأكدوا في الفترة الأخيرة أن النظام وحلفاءه نجحوا في ممارسة الحرب النفسية وبث دعاية سلبية ضد الثورة وفبركوا قصصاً واتهامات كثيرة (جهاد النكاح..
مثلاً) بلا أساس بهدف تدمير الثورة والثوار وتشويه المعارضة الوطنية, فإن مما لا شك فيه هو أن كثيراً من هؤلاء الثوريين المزايدين الذين نرى دوامهم النهاري – الليلي المتواصل بلا كلل ولا ملل على الـ((فايس بوك)) و((تويتر)) إنما هم في الواقع جنود الأسد السريون في هذه الحرب, وفصيل من شبيحته.
ولا شك أن بعضهم الآخر انساق في صفوفهم وانضم لحملاتهم نتيجة جهل متفاوت الدرجات, وقصور فطري في وعيهم, وضمور جيني في ضميرهم الأخلاقي, وتضخم بغرائزهم العدوانية ضد الآخر, ولا سيما عندما يشعرون بعجزهم عن إنجاز ما يلفت الانتباه اليهم ويعجزون عن تحقيق مآربهم وصبواتهم التي يعتبرون أنفسهم أهلاً لها وأولى من الآخرين فيصبون عليهم جامات غضبهم ويمارسون عنفهم الكلامي على صفحات ومواقع هدفها الاصلي ممارسة الحرية الجادة والتواصل الفكري البـنّـاء, وليس التقيؤ والتبول والتغوط من الأفواه بهذه الطرق الشاذة والمقرفة.
((أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه))..؟! صدق الله العظيم