الدكتور برهم صالح على رأس المفوضية السامية… في زمن تتقلص فيه مساحة التعاطف لصالح الحسابات والمصالح السياسية

شادي حاجي
في عالم يتزايد فيه الاضطراب، وتتصاعد فيه موجات النزوح القسري نتيجة الحروب والاضطهاد، تظلّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) طوق النجاة الأخير لملايين البشر الباحثين عن الأمان. فمنظمة نشأت بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت اليوم إحدى أهم المؤسسات الإنسانية المعنية بحماية المهدَّدين في حياتهم وحقوقهم.
كيف تعالج المفوضية طلبات اللجوء؟
ورغم أن الدول هي التي تمنح اللجوء رسميًا، تتولى المفوضية مهمة تحديد صفة اللاجئ في الدول التي لا تمتلك آليات واضحة لذلك. تبدأ العملية بالتسجيل، ثم إجراء المقابلات وجمع المعلومات والأدلة، وصولًا إلى القرار النهائي المبني على معايير اتفاقية 1951 الخاصة بوضع اللاجئين.
تواجه المفوضية تحديات جسيمة، من نقص التمويل إلى تزايد الأزمات الدولية. ومع ذلك، تحافظ على جوهر تفويضها: ضمان أن يُعامل الإنسان الفارّ من الخوف بكرامة، وأن تُسمَع روايته دون تحيّز أو إهمال.
برهم صالح رئيسًا للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين
شهدت الساحة الدولية محطة مهمة مع اختيار الدكتور برهم صالح رئيسًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ويُعدّ هذا الاختيار منعطفًا بارزًا ليس فقط في مسيرته السياسية، بل أيضًا في مستقبل واحدة من أكبر المؤسسات الإنسانية في العالم.
والدكتور برهم صالح سياسي كردي عراقي من مواليد السليمانية عام 1960. شغل منصب رئيس جمهورية العراق (2018–2022)، كما تولّى مناصب قيادية عديدة، منها:
رئيس حكومة إقليم كردستان لولايتين (2001–2004) و(2009–2012)
نائب رئيس الوزراء العراقي في فترات متعاقبة بين 2004 و2009
خبرته السياسية والدبلوماسية، إضافة إلى حضوره الدولي، جعلته شخصية تحظى باحترام واسع داخل الأوساط الأممية.
ما الذي يعنيه هذا المنصب؟
يتجاوز دور رئيس المفوضية الإدارة التقليدية؛ فهو صوت أخلاقي وإنساني يذكّر العالم بواجباته تجاه الفئات الأكثر ضعفًا. وتتمثل أبرز مهامه في:
قيادة المفوضية وتحديد سياساتها العليا
الدفاع عن حقوق اللاجئين في المحافل الدولية
حشد الدعم والتمويل لضمان استمرار برامج الحماية
التدخل الفوري عند الأزمات الكبرى لمنع الانتهاكات وضمان حياة آمنة للنازحين
وجود شخصية سياسية بخبرة برهم صالح قد يفتح آفاقًا جديدة لتعزيز دور المفوضية، خصوصًا في ظل عالم يشهد تنامي النزاعات وتراجع الالتزام الدولي بقضايا اللاجئين.
أهمية هذه المرحلة
تأتي رئاسته في وقت تُبنى فيه الحدود أسرع مما تُبنى جسور الثقة، وفي زمن تتقلص فيه مساحة التعاطف لصالح الحسابات والمصالح السياسية. ومن هنا، يصبح الدور القيادي داخل المفوضية السامية مسؤولية حيوية لضمان ألّا يتحول اللاجئون إلى مجرد أرقام في تقارير رسمية.
ولعل التحدي الأكبر اليوم هو الحفاظ على الإنسان في مركز السياسات الدولية. ومع تسلّم برهم صالح قيادة المفوضية، يترقب المجتمع الدولي قدرة هذا السياسي المخضرم على دفع المنظمة نحو مرحلة أكثر تأثيرًا وإنصافًا لأولئك الذين أُجبروا على ترك أوطانهم. وعلّق السياسي الكوردي، وزير الخارجية العراقي الأسبق، هوشيار زيباري، الخميس 30 تشرين الأول 2025، حول المسألة، داعيًا إلى “دعم صالح للفوز بالمنصب”. وقال زيباري في تدوينة على منصة “إكس” إن “الدكتور برهم أحمد صالح هو مرشح العراق وإقليم كوردستان لمنصب المفوض السامي بمفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، ونحن ندعمه دعمًا كاملًا”، مشيرًا إلى أن صالح “يمتلك جميع المؤهلات والخبرات اللازمة لتمثيل هذه المنظمة الإنسانية البالغة الأهمية”. وأضاف: “ندعو جميع الدول الأعضاء إلى دعم ترشيحه” .
ألمانيا 12/12/2025

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…