إن وحدة الصف الكوردي ضروري وملحّ, وعامل أمان واطمئنان, للوصول إلى المبتغى في تحقيق الحقوق القومية لشعبنا في هذه المرحلة المصيرية من تاريخه, لكن أن تتحول الوحدة إلى عامل كبح لنضال شعبنا ضد جلاديه, وتؤخرنا عن التحرر من نير العبودية والإذلال, وتجعلنا نعيش الخوف والخصام, بعيداً عن السلام والوئام, فلا بارك الله في هذه الوحدة.
لقد آن الأوان لأطراف المجلس الوطني الكوردي, أن يخرجوا من صراعاتهم البينية المزمنة والقاتلة, ويغلّبوا التناقض الرئيسي على الثانوي, وذلك عن طريق اصطفاف محمود في بنيانه السياسي والتنظيمي, خاصة بعد الجلسة الأخيرة للمجلس, وتباهي البعض الانخراط وبشكل فعلي وعملي في صفوف مجلس الشعب لغرب كوردستان, وهذه خطوة جريئة وصحيحة وشجاعة تسجل لهم لا عليهم, بل يصب في مصلحة الجميع؛ فيجب في نهاية المطاف أن تستقرّ الأطراف في مجلسين متجانسين في الرؤى والتوجهات السياسية, (حسب الرغبة والانسجام) تربطهما علاقة الود والتعاون والتنسيق الأخوي, بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك, وحينها فقط نستطيع تنفيذ اتفاقية هولير بعد تعديله وفق خصوصية المجلسين الجديدين, وتنفيذ ما يتم التوصل إليه من قرارات مصيرية, وبما تخدم قضايانا الوطنية والقومية.
إن المجلس الوطني الكوردي بوضعه الراهن, فقد صلاحية وجوده, ومبررات بقائه, كمؤسسة سياسية يجمع بين جنباته معظم فصائل الحركة السياسية الكوردية, وعجز تماماً أن يحول التنوع والاختلاف, إلى حالة من القوة, من خلال مقولة (الوحدة والصراع) خدمة لأهداف الثورة السورية في الحرية وإسقاط النظام, واستجابة للطموح القومي الكوردي, والسبب يعود إلى القصور في الوعي المعرفي والسياسي للشخصية القيادية الكوردية, إضافة إلى الصراعات البينية اللحظية والشخصية والتاريخية بين أغلب فصائل الحركة السياسية؛ مما أوقعت المجلس الكوردي في حالة من العطالة السياسية, والأنانيات الحزبوية الضيقة, لا بل أصبح المجلس اليوم مناخاً مناسباً لحالات التوالد والانقسام, ومظلة لتكريس التعددية الحزبية المفرطة, والتي تجاوزت كل المقاييس الفكرية والسياسية والأيدلوجية, وأمسى سنداً قوياً لصالح استمرارية هذا الكم الكبير من الحزيبات المجهرية التي تعيق الوصول إلى اتخاذ أي قرارات جدية في محطاته الرئيسية يخدم الشأن السوري العام, نتيجة التصويت لصالح هذا الطرف أوذاك.
إنْ الردّ المناسب لهذا السكون السياسي الكوردي والانفلات التنظيمي, يتمثل في تحويل الاتحاد السياسي الديمقراطي الكوردي- سوريا, وبأقصى السرعات الممكنة إلى الوحدة التنظيمية, كما جاء في نظامه الأساسي ((العمل من أجل الوصول إلى الوحدة الاندماجية في أقرب وقت…)) وصولاً إلى حزب ديمقراطي جماهيري موحد, يرتكز على الإرث البرزاني, ويتخذ من نهجه القويم (نهج الكوردايتي) برنامج عمل وطني وقومي, وفتح الباب واسعاً, أمام جميع القوى والأحزاب والشخصيات المؤمنة بهذا المشروع القومي الاستراتيجي الكبير للانخراط فيه, وليغدو الحزب الجديد حاملاً حقيقياً لتطلعات شعبنا القومية والوطنية, في الدولة السورية الجديدة.
ـــــــــــــــــــــــــ