هل يُعدّ كل حزب خارج السلطة جزءاً من المعارضة؟. مقاربة سياسية وقانونية

شادي حاجي 
تُعرَّف المعارضة عادة باعتبارها موقفاً أو نشاطاً سياسياً تقوم به الأحزاب أو الجماعات التي تعارض سياسات الحكومة أو السلطة الحاكمة. غير أن السؤال المطروح هو: هل كل حزب خارج السلطة يُعدّ تلقائياً جزءاً من المعارضة ؟
الجواب المختصر: لا، ليس بالضرورة.
فالحزب خارج السلطة لا يعني قانونياً أو سياسياً أنه ينتمي تلقائياً إلى المعارضة، وهنا تبرز أهمية التشديد على كلمة تلقائياً . إذ إن تصنيف الحزب يعتمد على طبيعة النظام السياسي، والبيئة الدستورية، وطبيعة التموضع الذي يختاره الحزب نفسه.
وجود الحزب خارج السلطة لا يساوي تلقائياً الانتماء إلى المعارضة
كثيراً ما يفترض البعض أن وجود الحزب خارج الحكومة يضعه مباشرة في خانة المعارضة. غير أن التجارب المقارنة تُظهر أن العلاقة بين الموقع المؤسسي (خارج السلطة) والموقع السياسي (المعارضة) أكثر تعقيدًا.
فقد توجد أحزاب خارج السلطة أو الحكومة لكنها تحتفظ بعلاقات تنسيق أو دعم غير معلن للسلطة أو للائتلاف الحاكم، أو تمتلك نفوذًا في مؤسسات الدولة. في هذه الحالة يكون الحزب خارج السلطة شكلياً لكنه ليس معارضاً وظيفياً .
فالمعارضة كوظيفة سياسية في الأدبيات السياسية بوصفها ممارسة تهدف إلى: مراقبة السلطة التنفيذية ، مساءلتها ، تقديم بدائل للسياسات العامة.
وعليه، فإن معيار تحديد موقع الحزب ليس موقعه المؤسسي بل سلوكه السياسي.
فالحزب يكون معارضاً عندما يعبّر عن مواقف مناوئة أو مختلفة عن برنامج السلطة، لا بمجرد غيابه عنها.
من المنظور القانوني نجد أن معظم الدساتير لا تضمن تعريفاً صريحاً للمعارضة باعتبارها مؤسسة قائمة بذاتها، باستثناء بعض الأنظمة البرلمانية المتقدمة .
وغالباً ما يُستدل على موقع الحزب من خلال: أدائه البرلماني ، مواقفه من البرنامج الحكومي ، درجة استقلاليته عن السلطة التنفيذية.
لذلك يبقى تصنيف الحزب مسألة سلوك سياسي أكثر منه وضعاً  قانونياً .
من المنظور السياسي لاشك تتغيّر دلالة المعارضة تبعاً لطبيعة النظام السياسي :
في الأنظمة الديمقراطية التعددية يمكن التفريق بين المعارضة البرلمانية، والمساندة من الخارج، والحياد.
في الأنظمة السلطوية لا يكفي الخروج من السلطة لكي يُعدّ الحزب معارضاً ما لم يمتلك استقلالية فعلية وقدرة على التعبير الحر.
وأخيراً وليس آخراً لا يمكن افتراض أن كل حزب خارج السلطة هو جزء من المعارضة . فالمعيار الجوهري هو الوظيفة المعارضة : أي مدى ممارسة الحزب لأدوار الرقابة والمساءلة وتقديم البدائل، لا مجرد غيابه عن مواقع السلطة أو الحكم .
وهكذا يصبح مفهوم المعارضة نتاجاً لتفاعل قانوني–سياسي يتجاوز حدود الموقع المؤسسي .
وإلى مستقبل أفضل
ألمانيا24/11/2025

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…