لعبة الأحزاب الكردية في اغتصاب حقوق المستقلين

دلكش مرعي

حسب العديد من المصادر المطلعة على سير هذه الانتخابات الشكلية التي جرت في معظم المناطق الكردي فأن لأحزاب قد تلاعبت واغتصبت بالفعل حقوق المستقلين في انتخاب المرشحين إلى المجلس الوطني الكردي واعتبرت نفسها الوصية الوحيدة على حقوقهم والمفارقة الغريبة في لعبة هذه الأحزاب تكمن في قائمة الظل المعتمدة التي لم تختلف من حيث الممارسة عن قائمة الظل البعثية فحسب مصادر موثقة في العديد من المناطق التي أجريت فيها هذه المسرحية الهزلية كان عدد الحزبيين الذين صوتوا في هذه الانتخابات كان أكثر من نصف المصوتين من الذين أدلو بأصواتهم لاختيار ممثلي المستقلين إلى هذا المجلس وحسب هذه المصادر  فقد كان هناك اتفاق ضمني بين هذه الأحزاب حول هؤلاء المرشحين الذين ينتمون بولائهم لهذه الحزب أو ذاك …
 أي إن سبب المشاجرات والمشاحنات والتلاسن التي جرت بين هذه الأحزاب وأنصارها كانت بسبب اختراق هذه الاتفاقية من قبل بعض الأحزاب وبعض من أنصارها فالتغير الديمقراطي التي كان ينشدها الجميع يبدو إنها تحتاج إلى المزيد من الثورات  للقضاء على إرث التخلف والاستبداد السائد فالصراعات التي تجري بين هذه الأحزاب من أجل مصالحها الأنانية في الوقت الذي يعاني الشعب الكردي في سوريا من أزمة خانقة على مختلف الصعد تأكد على عدم تأهل هذه الأحزاب لقيادة هذه المرحلة المصيرية للشعب الكردي وتأكد بأنها لا تختلف بنمط تفكيرها وذهنيتها عن نمط تفكير الأحزاب الكلاسيكية التي لم تنتج سوى الأنظمة المستبدة والدكتاتورية

 ولكن يبدو إن – مدينة عامودا – الصغيرة بحجمها والكبيرة بثقافة ووعي أبنائها التي قامت فيها مظاهرات ضد ممارسات هذه الأحزاب وانتخاباتهم الخلبية ستكون مركز التحول الديمقراطي في المنطقة الكردية في القادم من الأيام فقد أثبت مظاهرات أبناء عامودة بأن عهد التلاعب بمصير الشعوب واغتصاب حقوقها قد ولت بدون رجعة ومن يتلاعب بهذا المصير سيلقى به في مزابل التاريخ كالأنظمة الدكتاتورية المستبدة الظالمة التي كانت تحكم ليبيا ومصر وتونس واليمن  .

ولكن من المؤسف بأن مؤسسات المجتمع المدني بمضمونها الواسع ونهجها الديمقراطي لم تتشكل بعد بسبب الظروف السائدة في هذا البلد وإن وجدت بعضها فأما هي تابعة لهذه الأحزاب أو تديرها بعض من أنصارها أو هي متناثرة هنا أو هناك دون وجود أي تنسيق فيما بينها.

واعتقد بأنه آن الأوان لتشكيل هذه المؤسسات من قبل كافة المثقفين والكتاب والمستقلين الوطنيين الغيورين على مصلحة ومستقبل شعبهم وأن يقترنوا القول بالفعل بدل النقد النظري والقيل والقال في هذا الشأن فعدم وجود قوى مؤسساتية فاعلة على الأرض تضع حداً لهيمنة هذه الأحزاب والحد من تصرفاتها الخاطئة ومن تصرفات بعض الانتهازيين الذين ينتحلون صفة المستقلين بينما هم في الحقيقة من أنصار هذه الأحزاب لن يغير النقد من الواقع المأزوم شيئا ولن يغير من توجهات وسلوك هذه الأحزاب ولن يدور هذا النقد إلا في حلقة مفرغة  

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…