انتخابات اقليم كوردستان.. نتائج مختلفة وثابت واحد

انس محمود الشيخ مظهر

المعادلة التي سارت عليها الحياة السياسية في كوردستان منذ 1991 والى يومنا هذا تؤكد ان “الشارع الكوردستاني هو من يقرر مصيره”، فشعب كوردستان هو من ثار ضد الحكومات العراقية المتعاقبة , وارفد ثوراته بقافلة طويلة من الشهداء والكثير من التضحيات , وهو من اشعل انتفاضة اذار دون ان تخيفه الالة العسكرية المدمرة للنظام السابق , وهو من لبى دعوة الرئيس مسعود بارزاني بالذهاب الى الاستفتاء وتقرير مصيره دون ان ترهبه تهديدات خمس دول , وهو من تحدى محاولات حكومات بغداد المتعاقبة لاركاعه واخضاعه اقتصاديا ..هذا هو الطرف الاول من المعادلة السياسية الكوردستانية …

اما في الطرف الثاني من المعادلة فهناك قيادة حكيمة تتحرك بحكمة ووعي وفق المتغيرات السياسية بما ينسجم مع صون حقوق هذا الشعب…

لذلك فوجود طرفي المعادلة هذه ( شعب مناضل وقيادة حكيمة ) والتناغم الكبير بينهما كان نتيجته الاستقرار الذي يتمتع به اقليم كوردستان في مختلف المجالات رغم وجوده في شرق اوسط ملتهب..وقد تكون النتائج الاولية للانتخابات البرلمانية في اقليم كوردستان خير دليل على نضج هذه المعادلة السياسية بطرفيها.

فرغم محاولات اطراف مليشياوية وكوردية تحريف الانتخابات الاخيرة وجر الاقليم الى متاهات مستقبلية وربطه بمعسكر اقليمي معين الا ان شعب كوردستان كان واعيا لهذه المحاولات ولم تنفع معه البهلوانيات التي كان يقوم بها البعض والخطاب الثوري الذي عفى عليه الزمن , فهو يدرك ان الحفاظ على المعادلة الكوردستانية هو سبيله الوحيد لتحقيق اهدافه , لا ان يتم جره لمستقبل مجهول يضعه في معسكر ظلامي أيل للسقوط..لذلك صوت للديمقراطي الكوردستاني ليفوز باغلبية مريحة تمكنه من الاستمرار في عملية البناء والاعمار لاقليم كوردستان.

لقد اثبت الشعب الكوردستاني ان بامكانه حماية نفسه من ان يقع ضحية قيادات مغامرة وخطاب فارغ لا ينتج عنه الا الدمار والهلاك مثلما هو المصير الحالي لشعوب معينة في المنطقة , وهو ما كانت اطراف كوردية ومليشياوية تهدف اليه , فتعامل مع هذه الانتخابات كاهم انتخابات يجريها بعد انتخابات عام 1992 وادلى بصوته للطرف الذي يحميه من متغيرات المنطقة ويحمي مكتسباته , فانقذ الاقليم من الوقوع في فخ صراع  ناشب في المنطقة دفعت فيه شعوب ودول ثمنا كبيرا في الارواح والاموال.

هناك نقطة اخرى مهمة افرزتها الانتخابات الاخيرة وهي انخفاض شعبية الاطراف الاسلامية مقارنة باصواتها في الانتخابات السابقة , وهو ما يشير الى ان الشارع الكوردستاني يتابع بدقة الاحداث التي تمر بها المنطقة وكيف فشل الاسلاميون ممن استلموا السلطة في دول ومناطق معينة من تقديم اي شيء لجمهورهم , لذلك شهدت انتخابات هذه الدورة انخفاضا في عدد الاصوات التي حصلت عليها الاحزاب الاسلامية في كوردستان.

هذا الوعي لم يقتصر على الشارع المؤيد للحزب الديمقراطي الكوردستاني , بل حتى في الشارع المعارض له مهما كان حجمه صغيرا ,فقد  بدا يفرز وعيا سياسيا مختلفا عما سبق , ورغم انه لم يصوت للديمقراطي الكوردستاني, الا انه ابتعد عن الاطراف التي كان يصوت لها في الانتخابات السابقة , لذلك تغيرت الخارطة السياسية في كوردستان وبقي الثابت الوحيد فيها هو الديمقراطي الكوردستاني صاحب الانجازات الكبيرة في النضال المسلح قبل الانتفاضة والنضال السياسي بعده والجمهور المؤيد له ..

——————-

شفق نيوز

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف   لا تزال مأساة عفرين، كما هو الحال في مناطق كردية أخرى تمثل رمزًا صارخًا للظلم والتدمير تحت مسمى “التحرير”. إذ شهدت هذه المناطق موجة من التعديات والتجاوزات الإنسانية التي تجاوزت مجرد الصراع العسكري، لترقى إلى مستوى عمليات إبادة منظمة، تهدف إلى تغيير ديمغرافي يهدد الهوية الكردية التاريخية للمنطقة، مدعومة بتحركات تسعى لفرض ثقافة أجنبية بدلاً من أصالة…

خليل مصطفى الكلام لأبناء الأُمَّة السُّورية (المُسلمين والمسيحيين والعلمانيين): أوَّلاً ــ منذ عام 2011 وهُم يرفعون شعارات الديمقراطية والوطنية، ولا زالوا لتاريخه (2024)… ومع ذلك لم نجدهُم قد حرَّكُوا ساكناً.؟! ثانياً ــ مِنْ المُعيب (بل المُخجل) أنهُم لا يتمعَّنون بواقع حياتهم المأساوية.؟ وعليه فمن مُنطلقات الديمقراطية والوطنية نسألهُم: إلى متى سيظل الظَّلام مُخيِّماً عليهم.؟ وإلى متى ستظل قلوبهُم وعقولهُم مُغلقة.؟…

سعيد عابد مع تكثيف الضغوط الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في إيران، أصبحت الهجرة استجابة واسعة النطاق في جميع شرائح المجتمع. من العمال المهرة إلى أصحاب الأعمال، يستكشف العديد من الإيرانيين طرق مغادرة البلاد بحثاً عن الاستقرار والفرص في أماكن أخرى. ويشمل جزء كبير من هذا الاتجاه الشباب، حيث اختار العديد من الشباب الإيرانيين التعليم كمسار للهجرة. في المقابل، تتخذ السلطات الإيرانية…

د. عبدالحكيم بشار يخطأ من يظن بأن أمريكا هي فقط دولة المؤسسات وأن الأفراد لا دور لهم، أو أن الدولة العميقة وحدها من تدير كل الأمور في ذلك البلد، أو القول : إن أيَّ رئيس هو مجرد موظَّف كبير في البيت الأبيض، وأن السياسة الأمريكية تُرسم في مكان آخر في أمريكا غير المكان الذي يُقيم فيه الرئيس طوال سنوات حكمه،…