القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



القسم الثقافي


























 

 
 

مقالات: آفاق حل المشكلة الكردية في الشرق الأوسط (الحل الاقليمي)

 
الأثنين 19 تشرين الثاني 2007


مرشد اليوسف
m.yousef2@yahoo.com

المصالح الدولية وتوازناتها التي حملت المظالم للشعب الكردي و منعت قيام كيان كردي على أرض كردستان التاريخية منذ بداية القرن الماضي تغيرت ومالت الى الجانب الكردي في بداية القرن الجديد , واقتنع الأوربيون والأمريكيون والمجتمع الدولي أخيرا بعدالة القضية الكردية, وظهر ذلك جليا في الموقف الأمريكي والأوربي والدولي  الرافض للتهديدات التركية لاقليم كردستان العراق في الفترة الأخيرة.


 ومع الاحتلال الأمريكي للعراق (وانهيار نظام صدام حسين وتحول العراق الى حكم اتحادي فيدرالي وقيام فيدرالية اقليم كردستان العراق بموجب الدستور و تعاظم قوة حزب العمال الكردستاني وجناحه السياسي( حزب المجتمع الديمقراطي) في تركيا والنشاط الكردي المسلح على يد حزب الحرية في ايران  والحراك الكردي السياسي الديمقراطي في سوريا وقناعة المجتمع الدولي بعدالة المطالب الكردية) انتقلت القضية الكردية الى سوية جديدة وأفق جديد.
 هذه الظروف والمتغيرات الجديدة تستدعي ذهنية جديدة للتعامل مع القضية الكردية وصيغة اقليمية لحلها, فالذهنية الاقصائية و القمعية والعسكرية و الأمنية و سياسة الانكار والامحاء , والاتفاقات التأمرية- التي كانت سبب كل النزاعات  والحروب في أقاليم الوجود الكردي  منذ اتفاقية لوزان عام 1923 وسعد أباد عام 1937 ومرورا باتفاقية الجزائر أذارعام1975 وانتهاء باتفاقية أضنة عام2002 - انهزمت أمام ارادة وتصميم الشعب الكردي وتمسكه بالحقوق الوطنية المشروعة, واعترف الجنرالات ورؤساء أركان الجيش التركي المتقاعدين الذين قاتلوا أنصار حزب العمال الكردستاني طوال ربع قرن تقريبا بهذه الهزيمة, واعترف صدام من قبل بهذه الحقيقة.
وأقرالجنرال حلمي أوسكول الرئيس السابق لهيئة أركان الجيش التركي أيضا بحقيقة الصمود الكردي وقال: (المقاتلون المعادون لنا(ويقصد أنصار حزب العمال) يمتلكون الخبرة والعمق الاستراتيجي, ودائموا التنقل في الأماكن الوعرة ,ويتلقون دعما كبيرا من الناس(يقصد الأكراد) وهذه الشهادة لها قيمة سياسية واستراتيجية لأنها جاءت على لسان جنرال من عتاة حراس النظام العسكري الأتاتوركي.
على ضوء هذه المتغيرات فان تعاطي الدول الاقليمية في بداية الألفية الثالثة مع القضية الكردية التي ترتكز على محركات تاريخية  وجغرافية وثقافية وتراث عمره ألاف السنين في عمق الأرض الكردستاني ,وتستند على شعب حي يبلغ تعداده خمسين مليون , وأرض غني بالثروات الاستراتيجية التي يسال لها لعاب أمريكا والغرب الأوربي (قوى بشرية شابة - سوق استهلاكية كبيرة  - بترول- مياه- قطن- قمح- وزيتون....الخ) بالاقصاء والتهميش والقمع والاتفاقيات الأمنية تارة وبالمذابح  والحروب تارة أخرى أمر خطير يهدد السلم الأهلي ويشعل فتيل الانفصال و التقسيم والاضطرابات في المنطقة, ويكفي أن نرجع قليلا الى الوراء لندرك حجم الكارثة التي أصابت مجتمعاتنا في أتون هذه المشكلة, لقد تعثرت التنمية وتعثر بناء الدولة الوطنية وانهار الاقتصاد الوطني(تخسر تركيا سنويا عشرة مليار دولار في حربها ضد حزب العمال الكردستاني) وساد الفساد وغرقت الحداثة في رمالها المتحركة .
والقضية الكردية باعتبارها مشكلة تخص الأكراد في أربع دول هي سوريا والعراق وتركيا وايران, فهي بالتالي مشكلة اقليمية يتطلب حلها اقليميا بالتفاوض بين جميع الأطراف على طاولة واحدة, وهذا هو الطرح الجديد في حل هذه القضية ,والأكراد في أقاليمهم الأربعة يرغبون بالعيش المشترك والاندماج في أوطانهم( الوطن السوري– الوطن العراقي - الوطن التركي – الوطن الايراني) ,وقد حسموا أمرهم في هذا الاتجاه ,وكلما يقال هنا وهناك حول رغبة الشعب الكردي في الاتفصال واقامة كردستان الكبرى محض افتراء , والقصد هو اثارة الفتنة بين أبناء الوطن الواحد وتأليب الحكومات على الشعب الكردي,فالأكراد وطنيون ووحدويون بالفطرة في أفاليم تواجدهم , و رغم  الويلات التي تعرضوا لها  على يد الأنظمة التوليتارية المستبدة (عمليات الأنفال والغازات السامة وحرق ألاف القرى والتشريد المنهجي والتجريد من الجنسية وعمليات القتل بدم بارد....الخ) فقد ظلوا أوفياء لأوطانهم ومبادئهم الوحدوية , وليس هناك على أرض الواقع  مايدعو الى القلق من الشعب الكردي لا في الحاضر ولا في المستقبل اللهم الا اذا كان هناك مبرر خاص لدى أولئك الذين يتهمون الشعب الكردي بالنزعة الانفصالية ,وفي هذه الحالة عليهم أن بفصحوا و يقدموا الأدلة  على صحة اتهاماتهم الجائرة والا فليسكتوا وليمتنعوا عن صب الزيت على النار, ومن حق الشعب الكردي ومن حق الديمقراطيين العرب والأتراك والايرانيين أن ينعتوا هؤلاء بالأغبياء المعتوهين والقوميين العنصريين الذين ينكرون حق ألأخر,وهم في حقيقتهم مصابون بفوبيا اسمها فوبيا كردستان الكبرى  و يحتاجون الى المعالجة في المصحات النفسية .
 لقد أثبت الشعب الكردي في الأوقات الحرجة أنه وطني ووحدوي أكثر من غيره , وهو في هذا الوقت بالذات مصمم أكثر من أي وقت مضى على انتزاع حقوقه الوطنية والقومية و يحتاج الى مبادرة سياسية وحقوقية من شركائه و أشقائه  العرب والأتراك والايرانيين تنصفه وتعيد له اعتباره وترفع عنه  الغبن التاريخي وهذا ممكن فقط  عبر عقد مؤتمر اقليمي للسلام يضم ممثلي أكراد سوريا والعراق وتركيا وايران وممثلي الحكومات الأربعة لحل المشكلة ضمن صيغة وطنية ديمقراطية ومنهجية دستورية تحفظ الهوية والحقوق الوطنية الكردية  في الأقاليم الكردية وتحفظ استقرار ووحدة الدول القائمة ,وهذا الطرح هو طرح استباقي  يجنب المنطقة ويلات النزاعات والحروب وآفة التقسيم التي تغذيه سياسات التفرقة العنصرية والدوائر الأجنبية التي تريد تقسيم المقسم وتجزيئ المجزأ, والحلول المحلية للمشكلة داخل الدولة الواحدة  تكاد تكون مفيدة ( فيدارلية اقليم كردستان العراق) ولكنها ليست حلول جذرية و تلقى الاعتراض من دول الجوار لأسباب لا نجهلها.والحل الاقليمي الجماعي هو الحل الجذري الذي يؤدي الى التعايش والاستقرار والتقدم,وينبغي الاصرار عليه ويجب أن يتصدر أجندات الأحزاب الديمقراطية الكردية والعربية والتركية والايرانية وبشكل خاص أجندات الأنظمة الحاكمة التي تؤمن بالسلم الأهلي والاستقرار والحداثة والتطور وتؤمن بحقوق أكرادها وأقلياتها , وأريد أن أذكر الجميع أن الوطن الحقيقي النهائي لابد أن يكون متطايقا ومندمجا مع نسيج المجتمع ومكوناته وثقافاته بحيث لايترك فرصة للعبث أو الاستغلال أو الهيمنة لتمرير حالة اصطفاف أو فرز أو أغلبية هنا وهناك, واذا بقي كما هو, فهو ليس بوطن نهائي  وانما مكان للتناحرات  والصراعات والحروب والاستقواء بالخارج والتمدد الى خارج الحدود والتفتت من الداخل ,وعليه فان المبرر الموضوعي لحل المشكلة الكردية بالحوار الديمقراطي الاقليمي يتمثل أساساً بتحقيق المصالح العامة، وتحقيق المصالح العامة المعبِّرة عن طموح وأمل الجماعات السياسية المُشكّلة للدولة لا تنشأ إلاّ على أساس الإعتراف والمشاركة وقاعدة الحريات, إنَّ الدولة هي ذلك الجوهر المُنتج للأنا الوطنية الجماعية الكلية من خلال حركة التفاعلات العميقة لمكوناتها الأصيلة من مجتمع ونظام وإقليم وسلطة، والمواطنة الحقيقية هي الرابط الموضوعي والقانوني الذي يشد مكونات وأركان الدولة بما يحقق مصالح المنتمين إليها، وكلما كان رابط المواطنة فعّالاً وحقيقياً ومتمرساً أنتج جوهراً متطوراً وفعّالاً ومتجذراً يُسمّى الدولة. ولن يتم إنتاج هذا الجوهر المتمثل بالدولة إلاّ من خلال الديمقراطية التي تُقر وتُفرز حاكمية القانون وسيادة المؤسَّسات الدستورية على أرضية الحرية والمساواة والتكافؤ والإلتزام والإلزام, من هنا كانت الدولة الديمقراطية منتجة للمواطنة لأنها تقوم على قوة وسيادة قوانينها ومؤسساتها، وقوة مجتمعها وفاعليته وحركيته لضمان خلق حركية الإبداع والتطوّر المجتمعي الذاتي , وتتماوج الاوضاع السياسية في المنطقة بمشكلات خطيرة في اكثر من بلد في الشرق الأوسط ,  والصراعات القومية والطائفية والمذهبية  من أكبر الثغرات والمخاطر التي تهدد مبدأ المواطنة في منطقتنا.
 وعلى هذا الأساس فان جميع الدعوات المتطرفة غير واقعية سواء خرجت من العرب أو الأكراد أو الاتراك أو الايرانين ,والواقع لايتحمل مثل هذه الدعوات وهي تفرق الشركاء في الوطن وتضعف الارادة الوطنية, وتخلق العداوة والبغضاء بين أبناء الوطن الواحد وتهدد السلامة الوطنية والسلم الأهلي,وهي دعوات اما عنصرية أو ردات فعل مبالغ فيها تجاه  سياسة الاقصاء والتهميش, ولن تجد الدعم والتأييد من غالبية مجتمعاتنا.
وفي اطار الرؤية والقناعة بمضامين الحل السلمي الديمقراطي الاقليمي للقضية الكردية وما ينتجه من ثقافة تتجه بمجتمعنا نحو دروب التفاهم والتسامح والحوار ونبذ العنف والارهاب ينبغي تنمية المناطق الكردية  وتوزيع الثروة الوطنية على أساس عادل ,وتجنيب الأوطان أي مخاطر قد تنشأ نتيجة الظروف المعقدة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط وسياسات الدول الكبرى, ومما لا شك فيه ان ميراث الاستبداد  والتمييز العنصري والتخلف والتبعية وانكار حقوق القوميات والأقليات تدفع بالمنطقة من جديد الى قبضة القوى الكبرى.,

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 1
تصويتات: 1


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات